سفينة “صافر” بلا كهرباء.. هل انتهت امبراطورية النفط اليمني؟ (تحقيق)
شهدت الأشهر الماضية إضرابات واحتجاجات عمالية على الأوضاع المتردية للعاملين في قطاع النفط اليمني، وهو ما فاقم معاناة اليمنين في شهر رمضان المبارك، ورغم فك الإضراب إلا أن احتجاجات العاملين مستمرة من أجل حقوقهم من جماعة الحوثي سلطة الأمر الواقع التي تدير البلاد.
يمن مونيتور/ وحدة التحقيقات/ خاص
شهدت الأشهر الماضية إضرابات واحتجاجات عمالية على الأوضاع المتردية للعاملين في قطاع النفط اليمني، وهو ما فاقم معاناة اليمنين في شهر رمضان المبارك، ورغم فك الإضراب إلا أن احتجاجات العاملين مستمرة من أجل حقوقهم من جماعة الحوثي سلطة الأمر الواقع التي تدير البلاد.
كشف مصدر فني كبير في شركة النفط اليمنية ” صافر “فضل عدم ذكر اسمه ” أن سفينة صافر العملاقة او ما يسمى بالميناء العائم على سواحل رأس عيسى غرب الحديدة توقفت عن الحياة تماما جراء انقطاع الكهرباء عنها، وأكد المصدر ان الشركة اجلت طاقم السفينة الذي يصل عدده الى 80 عاملا وفنيا ولم يتبقى على متن السفينة سوى 5 حراس وهو ما أكدته شهادات متطابقة من افراد الطاقم العامل في السفينة.
وهي المرة الأولى في تاريخ السفينة العملاقة التي استقدمتها شركة ” هنت” الأمريكية بحسب روايات متطابقة وثقها ” يمن مونيتور “.ولم تشهد اليمن منذ اوائل القرن الماضي حقبة كارثية كالتي تشهدها اليوم جراء سيطرة “الحوثيين – صالح ” على مقاليد الدولة اليمنية واقحامها في حرب أتت على مقومات الدولة، ودمرت جل مواردها الرئيسية وهددتها بالزوال.
واعتمدت اليمن على مخزونها النفطي المكتشف حديثا؛ والذي تبوء أهمية استراتيجية بالنسبة للاقتصاد اليمني منذ اكتشافه في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، نتيجة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي والموازنة العامة وميزان المدفوعات للبلد الذي يتصدر قائمة دول العالم الثالث، الا أن سيطرة الحوثيين وحليفهم صالح على اليمن وضعت نهاية محتمة لهذا المورد.
هل تنهار “امبراطورية النفط اليمني “؟
شركة “صافر النفطية ” كبرى الشركات اليمنية الحكومية والمختصة بعمليات تصدير النفط والغاز اليمني الى الخارج، باتت مهددة بالزوال بعد ان توقفت عمليات تصدير النفط اليمني عقب سيطرة مليشيا “الحوثيين – صالح ” على الشركة ومقدراتها.
وتعيش الشركة مرحلة “موت سريري” نتيجة الأزمة المالية الخانقة التي اوصلتها الى مرحلة الافلاس الحقيقي، فمنذ اجتياح الحوثيين للعاصمة اليمنية ” صنعاء ” باشر مسلحو الحوثي ” سلطتهم على الشركة واستنزفوها ملايين الدولارات لحسابات شخصية لقيادات حوثية كبيرة تحت مسمى المجهود الحربي.
ويواصل الحوثيون سيطرتهم على وزارة المالية في “صنعاء”، وعلى الإدارة العامة لشركة “صافر”، ويتحكمون في الإيرادات المالية الخاصة بالشركة، حيث لاتزال إيرادات الغاز تصل للبنك المركزي اليمني، الذي يسيطر عليه الحوثيون، بينما تصل إيرادات “البترول والديزل” لفرع البنك في مأرب.
السفينة صافر ” تغرق “
وأرجع المصدر خلال حديثه الخاص ل ” يمن مونيتور ” هذا السقوط الكبير وتوقف الحياة داخل السفينة “صافر” الى تعطل المولد الخاص بتشغيل السفينة وعجز الشركة عن اصلاحه، ناهيك عن عجزها تقديم رواتب خمسة أشهر لعمال متعاقدين على متن السفينة، وحذر من عجز السفينة على النهوض مجددا كون الكثير من اجهزتها ومعداتها تحتاج الى صيانة وتغيير ولن تعاود التشغيل بعد انطفاها.
كما ان انطفاها سيفتح الباب امام سرقة ونهب اجهزتها معداتها من قبل نافذين حوثيين وتابعين لصالح ” بحسب المصدر “.
وبتوقف ميناء رأس عيسى العائم (سفينة صافر) تخسر اليمن أول ميناء نفطي تم إنشائه وضخ النفط إليه في اليمن عام 1985م / 1986م، ليتبقى ميناءين نفطيين فقط لتصدير النفط الخام إلى السوق الدولية، هما ميناء الشحر في حضرموت (الضبة) / وميناء بلحاف في شبوة (بئر علي) وكلاهما يطلان على البحر العربي.
مخاوف من مخزون النفط داخل السفينة..
وحذر “المصدر ” من كمية النفط الخام المخزن داخل السفينة والذي يبلغ نحو ” مليون ونصف المليون ” برميلا أي نصف طاقتها الاستيعابية، وهو ما سيعرض اليمن وسواحله لكارثة بيئية ان اشتعلت فيها النيران لأي سبب، مشيرا الى ان العمال المتبقين بدأوا يعتمدون على انابيب الغاز المنزلي لطهي طعامهم بعد غياب الكهرباء التي كانوا يعتمدون عليها لتشغيل الات ” الطهي “، وكان يمنع على طواقم السفينة اشعال النار او حمل ادوات تساهم في اشعالها.
وأضاف المصدر ان هناك توجها لدى العاملين الى تشغيل عدد من أضواء السفينة الرئيسية عبر منظومة صغير من الطاقة الشمسية؛ وذلك من اجل تسهيل رؤية السفينة ليلا لدى السفن الأخرى او الطائرات التابعة للتحالف العربي.
وتبلغ السعة الخزنية للميناء 3 مليون برميل، ويتم ضخ النفط إليه من مأرب / الجوف عبر خط أنبوب على مساحة (439) كيلو متر منها (9) كيلو متر تحت البحر ليرتبط بالباخرة صافر.
الحرب من أجل الحياة..
ويرى الباحث والصحفي المختص في الشؤون الاقتصادية ” محمد الجماعي ” ان انهيار وتوقف ميناء صافر العائم سيؤثر بطبيعة الحال على الوضع الاقتصادي المنهار أصلا من كل جوانبه واركانه؛ وكون ميناء صافر هو ميناء التصدير الأهم والأكبر ” فإن انهياره يعني شللا في عملية التصدير بعد استئنافه لما له من موقع استراتيجي ومخزون كبير.
ويؤكد الجماعي أن على الحكومة الشرعية المسارعة في تحرير محافظة الحديدة والشريط الساحلي التابع لها بالكامل؛ لضمان عودة الحركة التجارية واعادة الحياة لميناء صافر واستئناف تصدير النفط ما يسهم في زيادة ايرادات الدولة اليمنية وعدم السماح بمزيد من النهب الذي تمارسه جماعة الحوثي.
البطالة تهدد الاف العمال..
وتمكن ” يمن مونيتور ” من لقاء عدد من أداري الشركة واستمعت الى عدد من الشكاوى والمشكلات التي أحدثها مسلحو ” الحوثي – صالح ” بعد سيطرتهم على الشركة وتتحفظ يمن مونيتور على كل أسمائهم ” لدواعي امنية “.
واقتطع الحوثيون من رواتب موظفي الشركة ما نسبته 25% لصالح المجهود الحربي كما توقفت عدد من مستشفيات البلاد عن تقديم خدمة التأمين الصحي نتيجة ارتفاع مديونياتهم على الشركة.
ويقول اداري رفيع المستوى في الشركة انهم باتو يعملون تحت وطئة سلاح المليشيا وأضحى القرار الحقيقي بيد مشرف الحوثيين داخل الشركة، ونفى ان تكون الشركة لها حساب مالي خاص بتوريد قيمة مبيعات النفط اليمني مؤكدا ان وزارة المالية هي التي تتسلم قيمة المبيعات عبر البنك المركزي.
وأضاف ان الشركة باتت تواجه صعوبة في استخراج رواتب موظفيها ناهيك عن المبالغ التشغيلية والتكاليف الأخرى، مشيرا الى ان هناك توجها لدى الحكومة الشرعية في الاعتماد على ميناء “بئر علي في بلحاف” في محافظة شبوة جنوبا؛ والتخلي عن ميناء صافر ما يهدد مئات العاملين في محطة وميناء رأس عيسى بالبطالة.
ديون متراكمة..
وتعجز الشركة عن توفير مبلغ “120000 ” ريال قيمة اصلاح قطعة غيار مولد الكهرباء الخاص بمحطة الشركة في رأس عيسى نتج عنه غياب الكهرباء عن القرى السكنية المجاورة، كما يهدد عجز الشركة عن توفير الديزل توقفه المحطة أيضا لتلحق بالسفينة وهو ما يضع نهاية كارثية للكثير من الآلات التي ستتوقف نهائيا بغياب الكهرباء عنها.
محمد المأربي توفي والده الموظف لدى الشركة فصادر الحوثيون رواتب والدهم لأكثر من خمسة أشهر، ليجد الماربي نفسه وعائلته بدون دخل يسد رمق عيشهم.
وبعد ان أصاب محمد التعب واليأس خلال رحلة بحثه عن رواتب ابيه المتوفي، أجري اتصال توعد فيه ادارة الشركة بقطع الطريق امام ناقلات الديزل المخصص للشركة حتى يتم النظر الى مطالبه.
وتدين الشركة بنحو 2 مليون ريال لاحد ملاك القوارب التي كانت تنقل العمال من البر الى السفينة بعد امتناع شركة اماراتية كانت تؤجر للشركة طائرة هيلوكوبتر كانت تقل العمال الى السفينة.
كما ان الشركة تستدين بنظام ” الآجل ” الديزل الخاص بتشغيل محطات فروعها في راس عيسى ومعبر وغيرها.
اضراب.. من اجل البقاء
وكان عمال الشركة بمحافظة مأرب شرق صنعاء قد بدأوا اضرابا عن العمل، احتجاجا على عدم استجابة الشركة والجهات الرسمية لمطالبهم، الخاصة بتوفير ميزانية تشغيلية لصيانة وحماية المعامل والمعدات.
وقال عمال وموظفو الشركة انهم اضطروا الى الاضراب في جميع حقول شركة صافر بمأرب، وذلك لعدم تلبية مطالبنا المشروعة والقانونية من قبل إدارة الشركة والجهات الرسمية”، مشيرًا أن وزارة المالية (الخاضعة لسيطرة الحوثيين)، لم تعتمد ميزانية تشغيلية لاستمرار عمل الشركة”.
ومن شأن هذا الإضراب، أن يضاعف أزمة المشتقات النفطية في اليمن بشكل أكبر، في ظل توقف بعض الشركات عن العمل، وبطيء استيراد المشتقات النفطية، والتلاعب في بيع المشتقات لغرض تحويلها لأسواق سوداء يسيطر عليها نافذون داخل مليشيا ” الحوثي وصالح ” تبيع بأسعار مرتفعة.
وتمون صافر شركة التكرير بـ 7 ألاف برميل من النفط الخام يومياً، والشركة اليمنية للغاز بـ 80 ناقلة (غاز منزلي) يومياً، كما يتم تموين شركة النفط اليمنية بالديزل والبترول يومياً”.