جود “ملك” الريال الجديد
أصبح جود بيلينجهام في عيون مشجعي الفريق “الملك الجديد” الذي جعل البعض منهم يتساءلون بثقة مفرطة “ما حاجتنا لمبابي ولدينا جود؟”، وذلك بعد أن قدّم لاعب الوسط الانجليزي بداية مثالية في الدوري المحلي ودوري الأبطال، حيث سجل في كليهما ١٣ هدفا في ١٣ مباراة، بما في ذلك معادلة رقم أسطورة الفريق كريستيانو رونالدو بخمسة أهداف في أول أربع مباريات.
الملك “بيلي” كما يسميه مشجعو الفريق، تمكن بسرعة من كسب العلاقة معهم منذ البداية ولم يحتاج مثل غيره لفترة الاختبار المُفترضة لإعطاء انطباع أنه سيكون لاعبا كبيرا يساهم في كتابة تاريخ جديد وقد يكون الأفضل في نهاية مسيرته.
في العادة البدايات ليست سهلة في أي تجربة بما في ذلك كرة القدم، وتحديدا في فريق كبير وعظيم بالتاريخ والطموح مثل ريال مدريد، حيث تكون ضغوط الانتماء قوية وقد تساعد مع عوامل أخرى في تحقيق بداية مقبولة وقد لا تكون، ومن حُسن حظ جود أنه ممن نجحوا سريعا.
يمتلك الريال مجموعة من أفضل لاعبي الوسط الشباب مثل فالفيردي وتشواميني وكامافينغا وثيبايوس وأردا جولر فضلا عن لاعبي الخبرة المخضرمين كروس ومودريتش، وهذا يعني أن المنافسة قوية ولكن بيلي استطاع إثبات مكانته من خلال شخصيته التنافسية والذكية للتعلم والتكيف سريعا.
الأرقام دليل مقنع ويمكن لها أن توضح تأثيره في ١٣ مباراة حتى الآن؛ حيث سجل عشرة أهداف في عشر مباريات بالدوري مع تمريرتين حاسمتين فضلا عن ٥٥٨ تمريرة جيدة و٢٦ تسديدة على المرمى بحسب الإحصائيات في موقع النادي، كما سجل ثلاثة أهداف في ثلاث مباريات بدوري الأبطال مع تمريرة حاسمة.
هذا يوضح القدرات الفنية العالية التي يمتلكها كلاعب خط وسط، وكذلك تأثيره في القيام بدور المهاجم الصريح بعدما استعان به المدرب لتعويض غياب فينيسيوس أثناء إصابته ورحيل المهاجم كريم بنزيما للاتحاد السعودي.
يصف العديد من المدربين والمحللين جود بالشخصية الناضجة رغم صغر سنه؛ فهو في العشرين، ويملك قدرة مذهلة للتطور وتصحيح الأخطاء علاوة على الاتزان والتعامل الجيد مع المواقف والروح المرحة الجاذبة للانسجام والاندماج بسرعة وهذا ما تكرر في تجاربه المختلفة.
يقول عنه مدرب أكاديمية ناديه الأول برمنجهام الانجليزي، مايك دودز، إن “العامل الأهم الذي امتلكه جود هو قدرته الفائقة على تلقي المعلومات ورغبته في بذل مزيد من الجهد للتطور”. أما مدرب الفريق الأول للنادي بيب كلوتيه فيرى أن اللاعب قد أدرك مبكرًا جدًا قيمة النصائح التدريبية.
بعد بروزه في ناديه الانجليزي، تهافتت عليه العديد من الأندية منها مانشستر يونايتد لكنه اختار بروسيا دورتموند الألماني المعروف عنه تميزه في التعامل مع اللاعبين الصغار وتطويرهم، وهناك استفاد الطرفان من بعضهما.
يوضح أوتو أدو المساعد السابق للفريق الألماني سمات اللاعب التي تفسّر تطوره ولماذا سيكون نجما كبيرا “إنه قوي جدًا من الناحية العقلية، يمتلك نضجًا حقيقيًا في الطريقة التي يتعامل بها مع المواقف. إنه واثق بشكل لا يصدق، مما يساعده على الأداء على أعلى مستوى وتجاهل الأخطاء”.
وعلى هذا النحو، اختصر تيرزيتش، مدرب الفريق وقت وصول جود، مدى سرعة اللاعب المذهلة في التطور قائلا “إنه يتعلم في مباراة واحدة ما يتعلمه الآخرون في ستة أشهر”. وبفضل هذا النضج استطاع أن يكون أحد أهم لاعبي الفريق في فترة وجيزة وبعد عامين أخذ شارة القيادة ليكون أصغر لاعب يحملها بعمر ١٩ في تاريخ الدوري الألماني.
يرى البعض تشابها بين جود وزيدان في التحكم بالكرة وكلاهما لاعبي وسط، ومن هؤلاء مدربه السابق في بروسيا السيد رنيه ماريتش الذي شبهه بزيزو في التحكم بالمساحات الصغيرة ومثل ستيفن جيرارد، وهو يقود الكرة، ويتحرك ذهابًا وإيابًا في الملعب. وبالمناسبة جود يحمل الرقم الخمسة الذي كان يحمله أسطورة الريال ومدربه السابق.
قبل أيام حصد بيلينجهام جائزة “كوبا” لأفضل لاعب شاب في العالم، والتي تمنح من مجلة “فرانس فوتبول”. وبعد فوزه أجرت معه قناة النادي مقابلة تحدث فيها عن طموحاته للسنوات الخمس المقبلة قائلا “آمل أن أفوز بخمسة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، وأمم أوروبا وربما كأس العالم.. أنا شخص يحاول النظر إلى هذه الرياضة بأكبر قدر ممكن من التفاؤل”.
يمكن لجود المساهمة الكبيرة في تجاوز الريال المرحلة الانتقالية الحالية التي يشهد فيها تغييرا مع تركيز سياسة الإدارة على التعاقد مع اللاعبين صغار السن مع اقتراب عصر النجوم الكبار من النهاية بالاعتزال والرحيل ولم يبق منهم إلا كروس ومودريتش وكرفاخال.
يمكن للجيل الجديد مضافا لهم مبابي في حال قدومه العام القادم كتابة تاريخهم المهني الأفضل وللنادي الذي يمنحهم ما لا يمنحهم غيره في إمكانية تحقيق المجد والبطولات والجوائز الفردية.