كتابات خاصة

تناغم “أمريكي حوثي” في البيضاء

أمجد خشافة

لم تعد أمريكا تستهدف بحربها، غير التقليدية، عبر الطيران دون طيار من تصفهم بأنهم يشكلون خطرا وشيكاً على أمنها مصالحها أو تلك القيادات المؤثرة التي تستهدفهم “الرونز” بدقة، بل باتت تستهدف دون معرفة من قُتل أو فقط لمجرد الشبهة.
لم تعد أمريكا تستهدف بحربها، غير التقليدية، عبر الطيران دون طيار من تصفهم بأنهم يشكلون خطرا وشيكاً على أمنها مصالحها أو تلك القيادات المؤثرة التي تستهدفهم “الرونز” بدقة، بل باتت تستهدف دون معرفة من قُتل أو فقط لمجرد الشبهة.
ورغم أن هناك شواهد كثيرة على ذلك، إلا أن الخطير في الأمر هو تحول الحرب الامريكية عبر الطيران دون طيار في اليمن إلى عقدة تجاه محافظة بعينها في اليمن تتعدى ما أعلنته عنه من تلك الاهداف، أي أن أمريكا لم تعد تستهدف بشكل نوعي ” قيادات يشكلون خطرا وشيكا عليها” بل تحولت إلى استهداف محافظة البيضاء كُلما سمع لمقاتلي الحوثي صراخا في جبال وصحاري هذه المحافظة.

يوم أمس استهدفت “الدرونز” الأمريكي سيارة كان فيها مقاتلين من شباب مقاومة جبهة الزاهر، وحينما تستهدف الدرونز أشخاص لا تقول وسائل الاعلام إلا أنهم من القاعدة دون معرفة أن أمريكا أصبحت تشتغل وكأنها دكاكة أمام عربات الحوثيين.

لماذا البيضاء إذن..؟

قال لي أحد الوجهاء في البيضاء إن من تم استهدافهم هم شباب من المقاومة، وهذا جاء بعد أن هاجمت المقاومة الثلاثاء الماضي الحوثيين وأثخنوا فيهم الجرح..

حينما تستهدف أمريكا مقاومة البيضاء فهو مؤشر لمعركة شرسة تذهب لصالح المقاومة، أي أن أمريكا تتقمص الوجع الذي يشعر به الحوثيين في هذه المحافظة التي تمثل أطول حرباً تخوضها ولا زالت جماعة الحوثي منذ سنة وتسعة أشهر…هذا كلما في الأمر..

ربما أصبحت أمريكا ترى محافظة البيضاء ومقاومتهاكخصم خطير ولا شيء يُشبهها سوى مدينة سوات الباكستانية ووزيرستان التي تفنن “الدرونز” الامريكي في قصفهما، لكن الأكثر سخرية أن البيضاء فيها مقاومة تؤيد الشرعية والشرعية حليفة لأمريكا التي تقف في صف جبهة الانقلاب..

ليس هذا فحسب، بل أعلنت الخزانة الامريكية في مايو الماضي إدراج محافظ محافظة البيضاء نايف القيسي ضمن الداعمين للقاعدة، في صورة تعبر عن استهداف ممنهج لهذه المحافظة الصلبة.

هناك شيء واحد يُفسر هذا الحرب المدروسة وغير العفوية على البيضاء وهي أن هذه المدينة لا زالت تشكل كتلة صلبة من المقاتلين السُنة وذخيرة بشرية شرسة ضد المشروع الطائفي الذي تتعممة جماعة الحوثي.

ولأن أمريكا تتعامل مع جماعة الحوثي كرضيع في أحضانها وتحضره كمشروع جديد مقابل أمام المشاريع السياسية السُنية فهي ترى أن البيضاء ومقاومتها تشكل بيئة خطرة، حتى وإن حدثت تسويات سياسية فيما بعد فإن حالة الممانعة لمشروع الحوثي في هذه المحافظة ستظل ماثلة.

التناغم الامريكية الحوثي يتجسد بهذه المحافظة بشكل واضح تتعدى مسألة الحرب المفترضة على القاعدة، إذ يعتقد الحوثي أنها معقل للقاعدة ولذلك كانت أول حرب يدعوا لها الحوثيين عقب سقوط صنعاء هي اجتياح البيضاء.

ولما دخل الحوثيين البيضاء في اكتوبر 2014م وصلوا الى جبل الثعالب وخاضوا معركة شرسة تساقط مقاتلين مدربين حوثيين في هذا الجبل، حينها دعا زعيم الحوثيين الجيش إلى التدخل في هذالحرب..

لم يتدخل أحد في تلك الحرب لكن الطيران الامريكي تدخل بشكل مباشر وقصف جبل الثعالب وأراد له وللمواطنين محرقة، حينها قال إعلام الحوثي إن أمريكا تريد أن تسرق انتصاراتهم..

ومنذ ذلك اليوم إلى الآن لا زالت الجبهات مشتعلة رغم تخلي الحكومة، وبلؤم، عن دعمها، ولا تمر فترة إلاّ وفي جبهات الزاهر وذي ناعم وقيفة وغيرها ضربات نوعية تصل إلى عظم مقاتلي الحوثي وكأنها “فلوجة اليمن”.

من يراقب ما يدور في جبهات البيضاء يعرف حجم الخسارة التي قدمها الحوثيين من الرجال لأنها كانت بالنسبة لهم أول حرب مباشرة كما يعتقدون مع القاعدة لكن الذي حدث أن شباب وشيبان هذه المحافظة هم من أصبحوا كتلة لمقاومة هذه الجماعة.

وحين أوجعتهم مقاومة هذه المحافظة لا يزالون يحرضون عليها على طاولة المشاورات إذ اعتبر وفد الحوثي في المشاورات بالكويت أن القاعدة انتقلت من المكلا إلى البيضاء في تحريض واستهداف مباشر لكن لم يستمع أحد لهذا التحريض إلا أن أمريكا ربما تصغي لها وتجسده على الأرض.

وعلى قدر هذه الحرب على البيضاء إلاّ أنها لا زالت تقاتل دون ضجيج وتلتهم كل من اعتدى عليها، لكن ما كشفته لنا البيضاء من حقيقة ليس صمودها في أطول جبهة حرب باليمن ولكن حقيقة التناغم الامريكي الحوثي.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى