المقاومة الشعبية اليمنية يد الشعب في حماية الثورة والجمهورية (تقرير خاص)
يمن مونيتور / تقرير/ (خاص)
تمثّل المقاومة الشعبية اليمنية تجسيدًا لمسيرة نضال خاضها أبناء الشعب اليمني خلال عقود من الزمن، ضد الحكم الملكي الإمامي، إلى جانب للقوات المسلحة في كثير من المواقف الوطنيّة التي تحتّم المواجهة لدرء المخاطر المحدّقة على الوطن من التآمر الداخلي والخارجي.
حيث وُلدت المقاومة الشعبية من رحم النضال الوطني، كقوة ردعٍ لمخاطر الإمامة والكهنوت، والقضاء على المشاريع السلالية المقيتة، والحفاظ على جمهورية الوطن وحكمه الديمقراطي، وإرساء قواعد المواطنة المتساوية.
أواخر العام 1967م وحتى بداية العام 1968م أطبق الملكيون حصارًا خانقًا على القوات الجمهورية المتحصنين في العاصمة صنعاء، استمر سبعين يومًا، خطط لها الملكيون بمساندة من مرتزقة أجانب، والذي اقتضت خطتهم بقطع طرق الإمداد والتموين ومهاجمة المواقع العسكرية للجمهوريين وقصف المواقع المنشآت الهامة في صنعاء، ليطلق الجمهوريون شعار “الجمهورية أو الموات”، بحسب كتابات تاريخية.
“درع الوطن”
وفي الوقت الذي أحكم الملكيون قبضتهم على القوات المسلحة، بعد انسحاب القوات المصرية المساندة للثوار اليمنيين الأحرار، عقب ثورة 26 سبتمبر، في حصار السبعين، كانت المقاومة الشعبية يدّ الوطن ودرعه الحصين، وهبّ أفراد المقاومة لفك الحصار الذي أطبقه الملكيون وإنقاذ الجمهورية والثورة، التي كانت على وشك أن تموت.
يقول الكاتب والمحلل السياسي الدكتور ثابت الأحمدي، في حديثه عن دور المقاومة الشعبية في فك حصار السبعين من الملكيين “إنّ المقاومة الشعبية شكلت الضمانة الكبرى لديمومة الثورة (ثورة 26 سبتمبر) وترسيخها، وأنّ الملاحم البطولية التي أعقبت ثورة سبتمبر، كانت خاتمة موجاتها ملحمة السبعين يومًا نهاية العام 67م، وبداية العام 68م”.
ويضيف “الأحمدي” لـ “يمن مونيتور”: “تظل المقاومة الشعبية هي الرهان الأكبر ضدّ أي سياسات خارجية تضر بمصالح الأمة، لأن الشعب هو سيد نفسه ومالك قراره، ولا تستطيع أي إملاءات أخرى فرض خياراتها على الشعوب”.
ويوضح “الأحمدي” أنّ الإماميون حاولوا المحاولة الأخيرة، في حصار السبعين، أن يعودوا إلى صنعاء بعد أن لفظتهم منها إلى مزبلة التاريخ، ولكن كانت المقاومة الشعبية لها بالمرصاد، إلى جانب الجيش الوطني الذي تشكل بعد الثورة”.
ويصف الأحمدي، ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م “أنّها أعدل ثورة إنسانية في التاريخ، أجمعت عليها كل فئات وشرائح المجتمع اليمني آنذاك: الضباط، المثقفون، التجار، مشايخ القبائل، التجار، عدا قلة قليلة من المغرر بهم أو المرتزقة الذين أتوا من خلف البحار، يدعمهم السفاك الإيراني والموساد الإسرائيلي، وكذا بريطانيا حليفة الإمامة”، على حدّ قوله.
في السياق ذاته، يقول أستاذ التاريخ السياسي الدكتور سلطان المعمري، وهو شاهد عيان لأحداث حصار السبعين، “إنّه لم تبقى فئة من فئات الشعب إلا وشاركت في المقاومة (موظفين عمال طلبة شباب نساء، تجار، رجال أعمال، أصحاب دكاكين، أصحاب بسطات) كل فئات الشعب حملت السلاح ودخلت المقاومة”.
وذكر “المعمري” في حوارٍ وثائقي متلفز بعنوان “حصار الجمهورية”، “أنّ للمقاومة دور فاعل وكبير”، أبان الحصار الذي فرضته القوات الملكية على العاصمة، مبيّنًا أنّه لا يوجد أي جهة من الجهات التي كانت حول صنعاء إلا وفيه مقاومة موجودة إلى جانب جيش سبتمبر وأمن سبتمبر”.
“التاريخ يعيد نفسه”
واليوم وبعد قرون من الزمن من الإنتصار التاريخي للجمهورية، عاد اليمنيون بمقاومة شعبية لقيادة المعركة مجددًا، لإنقاذ البلاد من بين مخالب مليشيات الإمامة المتمثلة بجماعة الحوثي الإرهابية التي اختبأت في جسد الجمهورية طوال الفترة الماضية، وانقضّت عليها في لحظة ضعف، واليمنيون في انتظار الإحتفاء الأكبر بالخلاص من هذه المليشيا كما احتفوا بانكسار حصار السبعين. وفق مراقبون.
وعن الحاجة الوطنية للمقاومة الشعبية في الوقت الحالي لمواجهة الإمامة بثوبها الجديد المتمثل بجماعة الحوثي، بعد أن حاولت الجماعة العودة باليمن إلى عهد الكهنوت، يشير “الأحمدي” إلى “أنّ اليوم الوطن كله يقاوم ويكافح ويواجه، إلى جانب الجيش الوطني.
ويواصل حديثه “قد رأينا معلمين وصحفيين وكتابا وفنانين وسياسيين استشهدوا في جبهات القتال وهو بصدد الدفاع وعن وطنهم، هذا ملمح من ملامح الوعي القومي ودليل على حيوية الأمة التي تنهض من سباتها إذا ما مُسّت في ثوابتها، وها هم اليمنيون اليوم بكافة فئاتهم في مختلف جبهات القتال ضد أسوأ كيان سلالي عنصري إرهابي عرفته البشرية”.
ولفت الكاتب ثابت الأحمدي إلى أنّ الشعوب عادة حين يتم المساس بقضاياها الجوهرية والأساسية تهب للدفاع عن مقدراتها وعن “ناموسها” الجمعي، كما فعلت شعوب أوروبا، الفرنسيون أنموذجا؛ لأن المساس بثوابت الأوطان يصبح قضية كل الشعب وكل الأمة بلا استثناء، ولم يعد مقتصرًا على رجالات الجيش أو الأمن؛ بل إن كل مواطن هو رجل دولة، وهو رجل أمن، هذا ما لمسناه في حرب اليمنيين ضد الإمامة.
ويرى العقيد المتقاعد عبده حسان الحاتمي، وهو أحد المنخرطين في صفوف المقاومة الشعبية المشاركين في كسر الحصار عن العاصمة صنعاء من الملكيين، “أنّ الرفض المجتمعي ومقاومة المشروع الإمامي، هو من أنقذ الجمهورية من براثن الملكية التي حاولت أن تقتل الثورة عبر حصار فرضته القوات الملكية لأكثر من سبعين يومًا، لمحاولة وأد الجمهورية وفرض المشروع السلالي الكهنوتي، بتآمر من قوى خارجية وأجنبية”.
وقال العقيد “الحاتمي”، لـ “يمن مونيتور”، “إنّ المقاومة الشعبية هي الملاذ الأول والأخير لما يحدث للجمهورية اليوم من محاولات لفرض المشاريع الخارجية تحت مسمى المبادرات الدولية، وخطط دعم السلام التي تخدم الإمامة بثوبها الجديد”.
ولفت إلى المؤتمرات واللجان الثلاثية والمبادرات التي مرت بها البلاد والتي أفضت إلى انسحاب القوات المصرية الداعة للجمهوريين بعد الثورة وكانت في صالح الملكيين، لولا أنّ المقاومة الشعبية هبّت من كلّ حدبٍ وصوب لنصرة الجمهورية وكسرت حصار السبعين واستعادت وهج الثورة وعنفوانها الكبير، على حدّ تعبيره.