كتب الأستاذ نصر طه مصطفى مستشار الرئيس هادي مقالا مهما حول الأمن القومي للخليج في صحيفة الحياة اللندنية.. شاركت المقال قبل ساعات وكنت اتمنى نقاشا حول بعض القضايا التي تطرق لها.. هناك نقطة فقط وردت في المقال ويبدو ان الحياد حولها جانب قليلا الصواب ولي وجهة نظر مختلفة مع اتفاقي معه في كل النقاط التي أوردها المقال .. يقول : ” وجاء الربيع العربي عام ٢٠١١ ليحمل معه – من دون قصد – المزيد من الهدايا لإيران، فسعت الى تثبيت أقدامها في كل من سورية واليمن عبر القوة المسلحة.” كتب الأستاذ نصر طه مصطفى مستشار الرئيس هادي مقالا مهما حول الأمن القومي للخليج في صحيفة الحياة اللندنية.. شاركت المقال قبل ساعات وكنت اتمنى نقاشا حول بعض القضايا التي تطرق لها.. هناك نقطة فقط وردت في المقال ويبدو ان الحياد حولها جانب قليلا الصواب ولي وجهة نظر مختلفة مع اتفاقي معه في كل النقاط التي أوردها المقال .. يقول : ” وجاء الربيع العربي عام ٢٠١١ ليحمل معه – من دون قصد – المزيد من الهدايا لإيران، فسعت الى تثبيت أقدامها في كل من سورية واليمن عبر القوة المسلحة.”
وجهة نظري ما حصل ويحصل هو محاولة أمريكية لوأد التغيير السلمي المهدد بدرجة أساسية للمصالح الأمريكية في المنطقة للإبقاء على سياسة القطب الواحد .. هناك نقاط أود من خلالها إثبات أن الربيع العربي السلمي جاء حلا ولم يكن جزء من المشكلة !!
اولا: الاستراتيجية الأمريكية الإيرانية في المنطقة قديمة للاستحواذ على النفط الإيراني الذي يصل إلى حوالي ثلث احتياطي العالم وقد بدأت بتفاهمات في الثمانينات واثمرت عن تنسيق بينهما في الحرب على العراق في التسعينات وأدت الى خدمات قدمتها إيران لامريكا في العراق وأفغانستان منذ 2001 وحتى 2010.
ثانيا: الشراكة الأمريكية الايرانية استراتيجية تحت مظلة مكافحة الإرهاب وهي النقطة الجوهرية التي أعطت إيران الذراع الطولى في المنطقة وبدأت بشكل أكثر فاعلية بعد أحداث 11 سبتمبر .
ثالثا: السياسة الطائفية الإيرانية التي وجدت تشجيعا امريكيا هي استراتيجية نمت مباشرة بعد احتلال العراق 2003 وكانت ماضية بشكل مخطط له للأطباق على المنطقة ولكن الربيع العربي في 2011 كشف الأوضاع في المنطقة مبكرا ما جعل هذه الاستراتيجية متقدمة على زمنها ومستخدمة لوسائل عنف لم يشهد لها العالم مثيلا.. وما كان لإيران أو أمريكا التورط في الدم لو أن استراتيجية الطائفية لديها الوقت للتحكم !
رابعا: ثورات الربيع العربي كانت حراكا شبابيا سلميا ولم يكن مسلحا والتعامل معها باسلوب مكافحة الارهاب يحتاج لحرفها إلى العنف وهذا كان يتطلب انقساما داخليا فكان عليهم الترويج لمبرر أن الثورات ورائها الإخوان المسلمين وهو ما استفز دول الخليج التي لم ترتب أولويات أمنها القومي بحسب الخطر الأكبر حيث أدى ذلك إلى صعود خطر الإخوان عند البعض من تلك الدول الى أولوية أكبر من أولوية الخطر الايراني الذي أصبح مسيطرا على 3 دول العراق وسوريا ولبنان حتى قبل الربيع العربي.
خامسا: لو كانت دول الخليج العربي فهمت مبكرا معنى حراك التغيير الذي جاء بعد عقود من سيطرة أنظمة الاستبداد لما تورطت وانشغلت بالصراع مع الإخوان ولدعمت حالة التغيير التي ستؤدي وبشكل سلمي وسلس الحفاظ على المؤسسات المدنية والعسكرية وتمدين التيارات الأيدلوجية المشاركة في الحكم وسقوط التي لم تتمكن من تحقيق طموح الناخبين!
سادسا: الانقسام الواضح بين دول الخليج في بلدان الربيع العربي تعدى الخلاف في الرأي إلى مواجهة صامتة أدت إلى استقطابات حادة زادت من حالة النزيف في سوريا واجلت الحل في ليبيا وسلمت اليمن إلى يد الميلشيا وأسقطت مصر في يد العسكر وكادت أن تودي بمنبع الربيع العربي تونس !
سابعا: هناك مسار واحد لا بديل عنه لإيجاد حل لمشاكل المنطقة وهو القبول بالتغيير لتحقيق طموح الشعوب العربية وتأخير ذلك معناه مزيد من الكلفة والزمن اللازم لحصول ذلك وكل ما تأخر زادت الهوة والفجوة بين الشعوب والأنظمة وهي تلك التي تلعب طهران على ملئها عبر ميلشياتها المسلحة التي أعدت لتنفيذ سياساتها التكتيكية وسياسة واشنطن الإستراتيجية!
ثامنا وحتى يمكن لنا مواجهة استراتيجية التقسيم الجديد التي دعمتها امريكا والمعتمدة على التقسيم العرقي والطائفي والمناطقي لتكون البديل لسايكس بيكو … وحتى نكون مستعدين لمنع إيران من استغلال الوضع وملء الفراغ .. وحتى نحقق حلم التغيير للشعوب العربية.. فإن الأمن القومي العربي وبالذات الخليجي يحتاج إلى تقييم جديد للعدو والصديق وترتيب مختلف لأولويات التحالفات !
*رئيس مركز أبعاد للدراسات