مشاركة إيران في هجوم حماس!
تستمر التكهنات حول ضلوع إيران في الهجوم الكبير الذي شنته حركة حماس على “إسرائيل” مطلع هذا الأسبوع. وقالت وول ستريت جورنال، يوم الأحد، إن “إيران أعطت الضوء الأخضر للهجوم قبل أسبوع”!
والمخاطر على حقيقة هذا الأمر عالية، فإذا تبين أن إيران كانت وراء الهجمات، فقد يؤدي ذلك إلى توسيع الصراع إلى مواجهة إقليمية، وهو أمر لا تريده دول المنطقة ولا الولايات المتحدة.
وتقول الولايات المتحدة إنه لا توجد دلائل على تورط إيراني مباشر في الهجوم؛ وهذا لا يعني أن حماس لم تحصل على دعم مالي وتسليحي إيراني كبير زاد من قوتها خلال السنوات الأخيرة، حيث حاول النظام في طهران تقديم نفسه كبطل للقضية الفلسطينية مع نزوع المنطقة نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. لكن بالمقابل فإن الحركة حصلت في السنوات الأخيرة على دعم من قطر وتركيا وحافظت على علاقة جيدة مع المخابرات المصرية.
ومنذ تأسيسها في الثمانينات حافظت حركة حماس دائما على غموض استراتيجي لمواقفها للحفاظ على أقصى قدر من الدعم للقضية الفلسطينية. في العام الماضي قال أحمد يوسف، وهو مستشار كبير لقادة حماس، “كل من يعارض النظام الصهيوني هم أصدقاؤنا – فالقضية الفلسطينية قضية عالمية”. فهي حركة تبحث عمّن يدعم قضيتها بغض النظر عن الانتماء والأهداف والسياسات.
استندت وول ستريت إلى لقاءات بين قادة حركة حماس وحزب الله والإيرانيين في بيروت منذ ابريل/نيسان الماضي. لكنه سياق مصاب بعوار إذ أن قادة حماس يزورون إيران ويجتمعون بانتظام مع حزب الله في لبنان، وليس الأمر جديداً بل إن قادة من حماس انتقلوا للعيش في لبنان. فالعلاقة “الجيدة” ليست كافية لتفسير ضلوع إيران المباشر في الهجوم أو تفسير توقيته، الذي قالت الصحيفة إن حماس حصلت على الضوء الأخضر الإيراني قبل 5 أيام من بدء الهجوم! وهي حجة غير متماسكة وليست منطقية.
ويسرد المعلقون السياسيون الذين يربطون إيران بالهجوم رواية غير متماسكة وضعيفة حول الدافع الإيراني، بأن الهجوم أوقف توسيع العلاقات الإسرائيلية مع دول الخليج العربية الذي يمكن أن يربط ثلاث نقاط اختناق رئيسية للتجارة العالمية – قناة السويس، ومضيق هرمز، وباب المندب الذي يربط البحر الأحمر وهو ما يضعف موقف إيران وحلفاءها. لكنهم يتجاهلون مخاطر المشاركة المباشرة للإيرانيين خاصة مع الافراج عن مليارات الدولارات في التبادل مع السجناء الأمريكيين، وحاجتها للوصول إلى اتفاق ينهي أزمة “الاتفاق النووي” في ظل إدارة بايدن خشية وجود إدارة أمريكية جمهورية في الانتخابات القادمة تعرقل الوصول إليه ما يضاعف محنتها السياسة والاقتصادية رغم تحسن علاقتها في محيطها.
لذلك فإن الهجوم اتخذته حركة حماس بناء على مصالحها ودراستها للواقع الفلسطيني والإسرائيلي، استخدمت فيه الأسلحة والتمويل الإيراني: بالتأكيد. وتمتلك إيران مصلحة حقيقية من الهجوم. لكن هل تحتاج حماس لإذن إيراني لتنفيذ الهجوم؟! لا.