“خطة دولية” أم “اتفاق سياسي” يُقرب مشاورات اليمن من النهاية
على مدى الأسبوع الماضي ظهرت بوادر حديث عن “حل سياسي” في المشاورات اليمنية المتعثرة، وقد يوصل ذلك إلى “اتفاق” ينهي مشاورات اليمن في الكويت والذي يعّول اليمنيون عليه للوصول إلى حل جذري للأزمة. يمن مونيتور/ تقدير موقف/ من عدنان هاشم
على مدى الأسبوع الماضي ظهرت بوادر حديث عن “حل سياسي” في المشاورات اليمنية المتعثرة، وقد يوصل ذلك إلى “اتفاق” ينهي مشاورات اليمن في الكويت والذي يعّول اليمنيون عليه للوصول إلى حل جذري للأزمة.
ظهر خالد بحاح رئيس الوزراء السابق على تلفزيون ((BBC في مقابلة تلفزيونية برر كثيراً مواقفه وخطواته لكنه تحدث عن “خطة دولية” للمشاورات في حال “تعّذر” الاتفاق بين الحكومة وخصومها من الحوثيين وحزب “الرئيس اليمني السابق”، في الأثناء كان محمد قباطي وزير الإعلام يتحدث للصحافة إن “الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن منعت الحكومة من دخول صنعاء”.
تحركات كثيفة
تشير خُطة دولية سربها تلفزيون الميادين و وسائل إعلام “إيرانية” إلى أربعة محاور: “عودة هادي إلى البلاد منزوع الصلاحيات، لمدة (45) يوماً ويعين نائب للرجل إلى جانب مستشارين من كل الأطراف، إلى جانب حكومة ائتلافية، ولجان عسكرية لتطبيق سحب السلاح والانسحاب من المُدن، وبسط الدولة لنفوذها”، محمد عبدالسلام المتحدث باسم جماعة الحوثي تحدث لصحيفة الجريدة الكويتية إن جماعته موافقة على عودة “هادي” على أن يبقى على “الحياد” ويترك القرار لاتفاق المستشارين، وهو تقدم واضح من جانب الحوثيين الذين كانوا يرفضون عودة “هادي” إلى البلاد؛ بعد ساعات من صدور الصحيفة جاءت زيارة محمد عبدالسلام إلى الرياض، والتي استمرت ل3 أيام، ظهر أيضاً عارف الزوكا القيادي في حزب “صالح” وعضو الوفد المشترك مع الحوثيين للمشاورات، في مقابلة مع تلفزيون “اليمن اليوم”، وقال إن “نجل صالح أحد الأسرى في الإمارات”، وكالعادة يطالب “صالح” بالشراكة؛ قبلها بأيام كتب الرجل القوي مع صالح “حسين حازب” مقالاً قال فيه إن “صالح والسفير-إشارة لنجله- يتلقون ضغوط هائلة لا يمكن لأحد الصمود أمامها”، ألتقى القائم بأعمال السفارة الروسية في لقاءين مختلفين موفداً من صالح وآخر موفد من الحوثيين.
يبدو أن ذلك مشهد لما حدث خلال أسبوع، لكنه يبدو ضبابياً، إذا ما تداركنا عودة الحكومة إلى عدن وإعلان عودتها النهائية، فسيظهر مشهد شبه مكتمل لما يدور في المشاورات الخلفية، والتي اشتدت عقب زيارة وزير الخارجية البريطاني إلى الخليج، وتحرك القوى الدولية الأكثر تأثيراً في اليمن عبر 18 سفير موجودين قرب “قصر بيان” حيث تدور المشاورات.
إلى جانب ذلك يظهر الآتي:
– أن ضغوط دولية أكثر تأثيراً من حلول “متراضية” بين الحوثيين والحكومة؛ ويبدو أن اتفاقاً يدور ويضغط المجتمع الدولي بأن الحكومة في المنفى ولذلك لا يمكن أن تضع هذه الحكومة الكثير من الشروط، في ظل أزمة حادة في الاقتصاد.
– التحالف العربي يبدو واهناً أكثر من أي وقت مضى ويصارع من أجل البقاء، ويبدو أن الإمارات تريد فترة زمنية أكبر من أجل ترتيب أمورها داخل المحافظات الجنوبية.
– تدارك التحالف مع بدء حملته ضد القاعدة أن السبب الرئيس في انعدام الأمن ليس تنظيم “القاعدة” الفاعل الرئيسي بل تنظيمات “حراكية” ما زالت تدين بالولاء لإيران أو لـ”صالح” حتى وإن ظهرت كأنها موالية للشرعية، صحيفة الإمارات اليوم الرسمية نشرت خبراً أن تنظيمات “حراكية ضمن مخطط إيراني-حوثي” وراء إقلاق الأمن في محافظة عدن؛ ولذلك تأتي الضربات على بعض تلك التنظيمات إلى جانب مواجهتها.
– مع الخلافات الإيرانية السعودية وخروجها أبعد من الشرق الأوسط، واقتراب موسم الحج في المملكة ستحاول الرياض التركيز على تأمين الفريضة خوفاً من حدوث اختلالات فما زالت “حادثة منى” العام الماضي تثير مخاوف الأجهزة الأمنية من تكرارها.
– لاتملك الحكومة اليمنية أي مصدر دخل بالمطلق، حد تعبير “راجح بادي” المتحدث باسمها أنها لاتملك (1000$)، إلى جانب ذلك يرفض المجتمع الدولي تصدير المشتقات النفطية أو تشغيل أياً من الإيرادات إلا بتوريد المبالغ إلى البنك المركزي في صنعاء، وهذا الأمر مستحيل فالحوثيين استنزفوا الاحتياطي المقدر 4 مليار دولار ومن الكارثة، إلى جانب الأزمة الاقتصادية في البلاد فهذا الأمر يمثل ضغطاً على الحكومة والحوثيين التوصل لإتفاق.
– تبدو الخلافات حول “أي الفقرات تبدأ أولاً؟” سحب السلاح أم تشكيل حكومة ائتلافية، انهيار الثقة من الجانب الحكومي بالحوثيين نتاج تاريخ طويل من نكث الاتفاقات، وفيما تستطيع الحكومة تقديم ضمانات، كيف يمكن إجبار الحوثيين على تقديم تلك الضمانات. الخلاف الآخر يأتي حول المدة الزمنية بين كل فقرة من الفقرات، فالمدة الطويلة للمرحلة الانتقالية تقضي على أي حل ممكن لاستقرار البلاد؛ الخلاف الثالث حول العقوبات ومصير عائلة صالح والحوثي، ولا يمكن الحديث عن “عدالة انتقالية” فيما يبدو أن وجودها ضروري لأسر الضحايا.
صور الحل
الأرضية لـ”خطة دولية ملزمة”، جاءت وفق طلب مجلس الأمن نهاية ابريل من الأمم المتحدة تقديم صورة لـ”الحل في اليمن” خلال 30 يوماً، ويبدو أنها تأخرت كثيراً عن الموعد، فيما يظهر أن زيارة محمد عبدالسلام ليست لمناقشة الأسرى، كما قال، ولكن للتفاهم مع “الرياض” حيث يرى الحوثيون أن “المشاورات الموازية” مع “الرياض” هي “الأجدى نفعاً”، وقد يكون هذا الخيار “صائباً” إذا فتحت الحكومة السعودية له فـ”الحكومة” لا تملك “خزينة” ومعارضو الحوثي إما “مشردين” في أراضيها أو معتقلين في “سجون الحوثي”، وهو “خيار خاطئ” إذا لم تكن “الحكومتين اليمنية والسعودية” تتشاركان الحلول وتضعان الخطوط الحمر لكل شيء، ويظهر من تلك الزيارة أن نقاشات “عبدالسلام” و “الرياض” تدور حول محورين اثنين: “علاقة الجماعة بـ(صالح) وهل تستطيع التخلي عنه، ويبدو أن الحوثي جاهز للتخلي وهو ما ظهر من مقال “حسين حازب” واحتدام الجدل بين الحليفين، والثاني: “طبيعة علاقة الحوثيين بإيران في المستقبل وهو أكثر ما يثير حفيظة الرياض”، إذا تجاوز المحورين السابقين كالنقاش على حصة الجماعة من “حكومة الائتلاف” أو “مستقبل السلاح” دون أن تشارك حكومة بن دغر في تلك النقاشات فيبدو أن الجميع سيقترب من تأجيل حرب أو تمكين الحوثيين من سلطة البلاد أكثر بـ”ثلث مُعطل”.
في الجانب الآخر إذا فشل الحوثيين والحكومة في “الاتفاق” فيبدو أن خطة دولية مُلزمة ستجبر الجميع على التعامل معها وستفرض على الجميع قوات “حفظ سلام” ولجان مراقبة مستمرة لتنفيذ هذا الاتفاق، وبالتأكيد لن تخلو هذه الخطة من لمسات سعودية مكثفة.