تأثير تغير المناخ على الصحة النفسية
يمن مونيتور/الأناضول
قال عالم النفس السريري والكاتب فاتح تركمان أوغلو، إن تغيّر المناخ أدى إلى جنوح الإنسان نحو “العدمية”، أو فقدان الإيمان بأي معنى للحياة، وقد بلغ ذلك مستويات غير مسبوقة.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع أوغلو حول التأثيرات السلبية لتغيّر المناخ على الصحة النفسية للإنسان.
وقال أوغلو “هناك أفكار شائعة خاصة بين الشباب، تفترض أن تغير المناخ واقع لا يمكن تغييره، مما يؤدي إلى مشاعر العدمية (فقدان الإيمان بأي معنى للحياة)”.
وأضاف “يتزايد الشبان الذين يعتقدون أن العالم يقترب من نهايته، والمياه تنفد، ولهذا بدأوا يتخلّون عن أحلامهم ويعيشون الحاضر فقط”.
وأكد تركمان أوغلو أن تغير المناخ في بعض البلدان مثل تركيا التي تضررت بشدة منه، أدى إلى تقلبات غريبة في الطقس حاليًا، حيث يكون باردا جدا في يونيو (حزيران)، وحارقًا في سبتمبر (أيلول)، بخلاف ما تعلمناه من الطبيعة”.
واعتبر أن تغير المناخ يمثل “خيانة” للطبيعة البشرية، وآثاره غير طبيعية على البشر وأجسادهم، حيث يضعنا في حالة صدمة”.
قلق من تغير المناخ
وفي معرض حديثه عن القلق الناجم عن تغير المناخ وآثاره السلبية، قال أوغلو ” إن ذلك يسبب القلق والشعور باللامبالاة، ويجعل الناس يشعرون باهتزاز عاطفي”.
وأشار إلى أنه من غير المرجح أن يسبب تغير المناخ مشاكل أكثر خطورة للصحة العقلية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، أو الهوس والاكتئاب.
وقال: “كل نوع من أنواع القلق يمكن أن يؤدي مثلا إلى اضطراب ثنائي القطب، أو الاكتئاب الهوَسي الذي يسبب تقلبات مزاجية حادّة”.
وأضاف تركمان أوغلو: “من السابق لأوانه تأكيد ما إذا كان تغير المناخ، يسبب أي حالة معينة غير القلق”، مشددًا على أن “القلق عادة ما يكون السبب الكامن لأي تشخيص لاحق لاضطراب نفسي أكثر خطورة”.
وأكد على أن طبيعة تغير المناخ الغير قابلة للتنبؤ بها، قد حولت الناس إلى “بشر بدائيين يحاولون حماية أنفسهم لا أكثر، دون مخططات للمستقبل”.
وقال “أكثر ما يزيد القلق بين الناس هو حقيقة أن كل شيء يتخذ طابع التطرف والقسوة”، مشيرا “إلى الطقس القاسي الذي أصبحت أحداثه متكررة بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم”.
“الإنكار آلية للتكيف”
إن تقلبات الطبيعة المفاجئة قد تسبب فقدان البشر الثقة فيها وفق أوغلو، حيث قال “إن ثقتنا بأمّنا الطبيعة اهتزّت إلى حد ما”.
وأضاف “يمكن لأمهاتنا الحقيقيات أن يؤدبننا إلى حد ما، لكنهن لن يضربننا حتى الموت”.
وأشار تركمان أوغلو إلى مخاطر إنكار تغير المناخ، وقال إن “الوهم” هو طريقة يتبعها العقل البشري للتعامل مع التهديد، وهو طريقة الدماغ لإراحة صاحبه، كما أنه مجرد آلية للتكيف”.
وأردف “مع الافتراض الخاطئ بأن تغير المناخ ليس حقيقيا، لأن البشر يشعرون بالارتياح قليلا في مواجهة مخاطر حقيقية تشكلها الكارثة”.
وتابع أن “نظريات المؤامرة التي لا أساس لها، هي جهود يبذلها الناس لإيجاد معنى في أمور معقدة يعجزون عن فهمها”.
وعن ضرورة التوعية، قال أوغلو “نظامنا التعليمي معيب تمامًا فيما يتعلق بتغير المناخ”، مشددًا على أن الأطفال “لا يتم تعليمهم أي شيء حول أحد أكبر التحديات التي تواجه العالم”.
الأمل لا ينقطع
وعلى الرغم من كل شيء، قال تركمان أوغلو إنه “متفائل بشأن المستقبل، خاصة عندما يرى جهود الناس في مكافحة تغير المناخ”.
وقال: “يحزنني رؤية الناس يلقون الزجاجات من سياراتهم، ويستخدمون مكيفات الهواء حتى عندما تكون نوافذهم مفتوحة، ومع ذلك، عندما أذهب إلى الشاطئ لجمع المواد البلاستيكية، أرى أناسًا يجمعونها بالفعل، أمثال هؤلاء أعطوني الأمل”.
وختم عالم النفس حديثه بالقول “يجب تحويل “معركة التغير المناخي إلى حركة وطنية”.
وأضاف “إذا تحولت المعركة ضد تغير المناخ إلى نوع من الحركة الوطنية، كأنْ يجمع الناس القمامة بشكل جماعي، فسيؤدي ذلك إلى نتائج جميلة، لأن شعور المرء بالقيام بدوره من أجل الإنسانية ومن أجل الأرض، هو أمر إيجابي”. –