في يومهم العالمي.. معلمو اليمن معاناةٌ مريرة تفقدهم الرغبة في التدريس! (تقرير خاص)
يمن مونيتور/إفتخار عبده
تزداد معاناة المعلمين اليمنيين سوءاً، يوماً بعد يوم، من جراء عدم حصولهم على رواتبهم في مناطق الحوثيين، والأجور المنخفضة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
ويصادف اليوم الخامس من أكتوبر اليوم العالمي للمعلم، ويحظى معلمو العالم في هذه المناسبة بالكثير من التبجيل والتعظيم، في الوقت الذي يواجه فيه معلمو اليمن انتهاكاتٍ جسيمةً في حقهم.
وبات المعلم اليمني مشردًا يكابد الحياة لكي يبقى على قيدها، بعدما فرض الحوثيون عليهم قيودًا وأغلالًا؛ نتيجة انقطاع المرتبات، فأصبحوا رهينة الفقر والعناء المتواصل.
وأما المعلمون في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية فليسوا بأفضل حالٍ كما يظن البعض، فمرتباتهم لا تكفي لشراء حاجاتهم الضرورية وإعالة أسرهم؛ خصوصًا في ظل الانهيار المتواصل لقيمة العملة المحلية، والارتفاع المخيف في أسعار المواد الغذائية.
وتأتي هذه المناسبة على المعلمين بمثابة تنكيئ للجراح الغائرة، تذكرهم بما مروا به خلال سنوات الحرب وما يعانونه نفسيًا وجسديًا وماديًا.
في هذا الشأن يقول يوسف غالب( رئيس شعبة التوجيه بمكتب التربية_ تعز )” رسالة المعلم هي رسالة خالدة، إنها رسالة الأنبياء والرسل، وأي أمة لا تقدس المعلم ولا تكرمه لن يتحقق لها أي تقدم أو نمو وازدهار، يقول أحمد شوقي
قم للمعلم وفه التبحيلا
كاد المعلمُ أن يكون رسولا
لكن ما وصل له المعلم اليوم من حال يرثى لها لم يعد هذا البيت ينطبق عليه بل ما ينطبق عليه هو” كاد المعلمُ أن يكون قتيلًا”.
وأضاف غالب لـ” يمن مونيتور” بهذه المناسبة ينبغي أن نذكر العالم بقول الشافعي
” إن المعلم والطبيب كلاهما
لا ينفعان إذا لم يكرما
أكرم طبيبك إن أردت دواءه
وكذا المعلم إن أردت تعلما
لكن ما نراه اليوم في أرض الواقع هو عكس ذلك تماما، وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، هناك حيث يقتلُ الطبيبُ، وتهان كرامة المعلم”.
بلا مرتبات
وأردف” يؤسفنا جدا ما يحدث لإخواننا المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين، الذين يعيشون بدون مرتبات، أولئك المعلمون المغلوب على أمرهم وهم يحملون هذه الرسالة السامية التى أصبحت تعود عليهم بالضرر بدلًا من أن كانت تأتي لهم ولمجتمعهم بالنفع والفائدة، فهم اليوم يقاسون مرارة الفقد والحرمان”.
وتابع” وأما المعلمون في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية فليسوا أسعد حظًا من أولئك، فما يصل لهم من مرتباتهم إلا الشيء القليل الذي لا يكفي ليعيش به المعلم حياة كريمة”.
وأشار إلى أن” حقوق المعلم ما تزال مهدورة في مجتمعنا، ونحن من هنا نستنهض الأمة، ونستنهض المجتمع والعالم أجمع وندعوهم للوقوف إلى جانب المعلم اليمني فيما يتعرض له من اضطهاد في حقوقه، والواجبات تجاهه، وتبقى رسالة المعلم رسالة مقدسة ينبغي أن يتم الاهتمام بها قبل كل شيء”.
في السياق ذاته تقول إقبال المقطري( معلمة في القطاع الحكومي في مدينة تعز منذ عشرين عامًا)” تأتي هذه المناسبة ونحن في أسوأ حال؛ بل كلما مرت سنة تزيد حالتنا النفسية والمعيشية سوءًا وتعقيدًا في ظل تأخر وصول المرتبات لنا وضعف قيمتها مع انهيار سعر صرف العملة المحلية”.
مسؤولياتٌ كثيرة ومرتبات لا قيمة لها
وأضافت” تكثر علينا المسؤوليات لكن المرتبات ما تزال كما هي لا نحصل على علاوات وفي الوقت ذاته ينهار سعر الريال حتى أن الراتب أصبح من أكبر المشاكل التي تؤرق حياتنا بعد أن كان عاملًا من عوامل السعادة والفرح”.
وأشارت المقطري في حديثها لـ” يمن مونيتور” إلى أن ” يوم استلام المرتب هو يوم متعب بكل ماتحمله الكلمة من معنى يوم بؤسٍ وشقاوةٍ لما ينتج عنه من حسابات وديون تظهر بمجرد ظهوره؛ فصاحب البيت يدق بعجالة يريد الإيجار وصاحب البقالة يرسل رسولًا يطلب قضاء الدين، ناهيك عن صرفة البيت والمرض الذي ما تركنا وشأننا”.
وبينت” قبل الحرب كان مرتبي يكفي لشراء حاجات أسرتي وكنت أدخر منه مبلغًا كل شهر، وأما الآن فكل شهر تتراكم الديون علي حتى تصيبني بالإحباط”.
حالاتٌ نفسيةٌ سيئة
وأكدت” الكثير من المعلمين والمعلمات أصيبوا بوعكات نفسية كبيرة، نتيجة انقطاع مرتباتهم في مناطق سيطرة الحوثيين، وبسبب ضعف المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، حتى أن الرغبة في التدريس لم تعد موجودة في صدورهم، وذلك لما يلاقون من مصائب الحياة وويلاتها، وهذا الأمر عادة ما ينعكس على الطلاب- للأسف الشديد- عندما يتعلمون على يد معلمة أو معلم لم يعد يطيق الحياة”.
من جهته يقول أحمد مسعود ( معلم) تأتي هذه المناسبة العالمية لتكريم المعلم، ونحن المعلمون في اليمن نعاني من ويلات انقطاع الراتب، الذي يعتبر هو مصدر الدخل الوحيد لنا نحن البائسون -المهدورون كرامةً وحقوقاً”.
وأضاف مسعود لـ” يمن مونيتور” إن المعلمين مشاعل هدايةٍ للبشرية، حملوا على عواتقهم رسالة الأنبياء على مر الأزمان، منهم من أمضى زهرة عمره في هذه المهنة، ثم يجد نفسه الآن في ظل وطأة هذه الحرب، قد تم حرمانه من أبسط حقوقه ألا وهو راتبه”.
وأردف” المعلم في بلادنا غدا – للأسف الشديد- في أسوأ عيشة، وباء بالهوان والمذلة أمام نفسه وأسرته والمجتمع، فتجده يموت قهرا وكمدا، بل وصل الحال إلى الاعتداء عليه بالضرب والصفع أمام طلابه وفي محراب علمه”.
وتابع” عن أي يومٍ للمعلم نتحدث؟ والكثير منا في بلادي من يواجه التهديد بالطرد من منزله لعجزه عن سداد إيجاره، عن أي يوم للعملم نتحدث؟ ومنا من يموت حسرة وكمدا وهو يرى أسرته محرومة من أبسط مقومات الحياة، عن أي يوم للمعلم نتحدث؟”.
واختتم “فو الله لا يرقى شعب إلى أوج العلى، ومربو الأجيال وصانعو المستقبل في حالة يرثى لها.
تجافينـا الصواب إذا تركنــــا
خيار الناس يستجدي يعاني”.
بدوره يقول عميد المهيوبي (ناشط اجتماعي)” تأتي هذه المناسبة على معلمي العالم ببهجة وسرور، وتأتي على معلمي اليمن كابوسًا يضيف لهم همومًا فوق همومهم ومعاناةً فوق معاناتهم في ظل انقطاع مرتباتهم التي لا تكفيهم لتوفير قوتهم الضروري إذا ما صرفت”.
وأضاف المهيوبي لـ” يمن مونيتور” لا توجد مناسبة للمعلم أو عيد يستشعره في نفسه؛ بل كابوس جديد يضاف إلى معاناته المستمرة في ظل حرب طاحنة دمرت كل شيء جميل في هذا الوطن وهذا ما ينعكس سلباً على نفسية المعلم ويزيد من فرص تخليهم عن المهنة وتسرب الكثير من الطلاب عن المدارس وهذا ما يساعد على تفشي الجهل والأمية والقضاء على مستقبل الأجيال”.
وأردف” في الجانب المشرق هناك الكثير من المعلمين المرابطين في سبيل العلم وإيصال رسالتهم السماوية رغم كل المعوقات فتحية عظيمة تليق بكل معلم يتحدى أوضاعه ويعمل جاهداً في سبيل مهنته؛ فطوبى لكل معلم فيه الشعر اتزن وتزين، وبهِ تغنى الشعراء بأشعارهم؛ فنظموا أبياتهم ليتنافسوا لعل أبياتهم تنال البركة في العلم والقوة في النظم، لتتسلل إلى العقول فتقربها منه لتزداد من علمهِ وتغترف من نهرهِ الذي لا ينضب”.
وتابع” بهذه المناسبة أقول للمعلم إني أقفُ لك وقفة إجلال من خلف نوافذ ذلك الفصل القديم، وأمام تلك الطاولات المتكسرة، بل وأقف إجلالًا وشكرًا أكبر لك وأنت تحضر قبل حضور الطلاب لـ تقف مطلقاً صوتك بـ ابتداء الطابور، ومن ثم تقوم بالتدريب، وبعدها وفي نهاية الطابور تقف شامخاً، شكرا لك أيها المعلم الصامد الصابر على هذا الصمود العظيم قبلا وبعدا وأزلًا”.
واختتم” أيها المعلم شكرا لحبك لوطنك ومقاومتك لمجاعة العيش في بلدي قبل التعليم، شكرًا ثم ألف شكر وشكر لك ملئ السنوات والأرض وسلام على وطني، ولا سلاما على حرمك من أبسط الحقوق”.