“تعز” اليمنية موطن الوجع.. مرضى السرطان بين المعاناة أو الموت
يحاول الطفل” مبين محمد” أن يبتسم، رغم المرارة التي تعتصره، والأوجاع التي تسكن جسده الصغير، بينما يرقد على السرير، في مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية بـ” تعز” وسط اليمن.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من وئام عبدالملك
يحاول الطفل” مبين محمد” أن يبتسم، رغم المرارة التي تعتصره، والأوجاع التي تسكن جسده الصغير، بينما يرقد على السرير، في مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية بـ” تعز” وسط اليمن.
تبدو علامات المرض على وجهه، ويده النحيلة موصولة بأنبوب ينقل الدواء إلى دمه، فالطفل البالغ من العمر 12 سنة، مصاب بسرطان الدم” اللوكيميا” منذ سنوات، لكن زادت معاناته مع الحرب التي شنها الحوثيون وحليفهم صالح على مدينة تعز، قبل أكثر من عام.
تسببت تلك الحرب بتوقف “مبين” عن أخذ الدواء لمدة عام كامل، وحين سألته مراسلة “يمن مونيتور” عن الضرر الذي لحق به جرّاء توقفه عن أخذ الدواء، فاجأنا بقوله:” ساءت حالتي ولم أتمكن من المشي”، وبقي طريح الفراش، طوال عام، يتغذى عليه السرطان وأوجاعه.
تمكن منذ فترة وجيزة الطفل “مبين” من استكمال علاجه في مركز الأمل للسرطان، بعد فتحه، وهو يحرص على أخذ الجرعات والأدوية المتاحة بانتظام، على الرغم من صعوبة ذلك بسبب القصف الذي يطال المدينة، والحصار المفروض عليها.
لم يكن “مبين” هو فقط من عانى بسبب اشتداد الحصار على مدينة” تعز”، وقسوة الحرب فيها، وصمد هو، ولم يقضِ عليه المرض، لكن عام واحد فقط تمكن السرطان فيه من قتل 643 حالة في تعز وحدها.
من أوجاعهم
في غرف مركز الأمل المختلفة يتوزع المرضى، وجميعهم يعانون وضعا سيئا.
في إحدى تلك الغرف التقينا بـ” أحلام قاسم” التي تأتي من مديرية” شرعب” بتعز، والتي أوضحت لـ” يمن مونيتور” أنه وبسبب قطع الطرق والحصار، باتت تستغرق ثلاث ساعات”، وذكرت أنها طوال الفترة الماضية توقفت كثيرا عن أخذ جرعات العلاج الكيماوي، واضطرت ثلاث مرات للعودة من منتصف الطريق، بسبب اشتداد الحرب، أو الحصار”.
وهي تأمل أن يتم إنقاذها والمرضى، ودعم مركز” الأمل” بالأدوية، إذ بات الوجهة الوحيدة لإنقاذهم والتخفيف من معاناتهم في تعز.
الاقتراب من الكارثة
يستفيد من مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية التابع للمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان في محافظة تعز، أبناء المدينة، وخمس محافظات مجاورة، وعدد مرضى تعز يشكلون 14% من نسبة الإصابة بالسرطان على مستوى الجمهورية اليمنية، والمحافظات المستفيدة تمثل نسبة الإصابة فيها 45% على مستوى الجمهورية، ويبلغ عدد المرضى المقيدين لدى المركز 5600 مريض.
مدير المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان مختار أحمد سعيد ذكر لـ”يمن مونيتور” أن: “المركز استمر بالعمل حتى يوليو/ تموز لإنقاذ المرضى، على الرغم الظروف الصعبة في المدينة، ولكن وبعد سيطرة الحوثيين على المنطقة التي كان بها المستشفى، منعوا الكادر من العمل، وطلبوا منهم المغادرة خلال عشر دقائق، وأغلقوا المركز، ثم عمل كادر المستشفى بعد ذلك بأيام على نقل بعض الأجهزة، وملفات المرضى المقيدين لدى المركز، إلى مكان بديل، ويستقبل المركز الآن 40 إلى 60 حالة مرضية في اليوم، بدلا من 150 حالة في السابق”.
وأضح أن: “وفاة 643 في 2015 هو معدل كبير، والسبب في ذلك الحصار وإغلاق المركز لفترة، وعدم توفر الأدوية والإمكانيات وتحديدا الأدوية الكيماوية، بالإضافة إلى عدم قدرة المرضى على الوصول إلى المركز، وخاصة الذين هم في مديريات “تعز” أو “المدن المجاورة”.
مناشدة
وكشف مدير المؤسسة مختار أحمد سعيد عن وضع كارثي في المركز، إذ لم تصل أي أدوية كيماوية أو علاجات متخصصة لمرضى السرطان، والأدوية التي وصلت إلى تعز هي داعمة ولا تخدم مريض السرطان بعلاجه الأساسي، وكذا فإن العلاجات الكيماوية قد نفدت بنسبة 80 إلى 90% منها، وبعض تلك الأدوية يتم إدخالها عبر التهريب.
ووجه نداء عاجلا عبر “يمن مونيتور” إلى كافة المنظمات والجمعيات والمراكز الخيرية، لتوفير الأدوية المطلوبة للمركز، لإنقاذ حياة المرضى، مشيرا إلى أن:” مريض السرطان يتعاطى كل 21 يوما جرعته، وإذا لم يصل الدواء، وتحديدا العلاج الكيماوي في الوقت المناسب، فإن بعض الحالات ستتوفى، وستتعرض البعض منها لانتكاسة بسبب تأخر حصولها على الجرعة، على الرغم من أن بعضها حالات يُتوقع أن تبرأ”.