بدولارين يغتسلون ويتناولون القات.. هكذا يستحمّ اليمنيون خارج منازلهم!
الحرب تعني لا ماء ولا كهرباء فقط قصف يليه ركام ودمار، وهو ما يعيشه اليمنيون منذ سنوات الأمر الذي جعل من الاستحمام ضرباً من الرفاهية، ولكن الأمر اختلف في الآونة الأخير حينما اكتشفوا أنه بدولارين يمكنهم الاغتسال والهرب من ضوضاء الحرب لساعات بفضل الحمامات البخارية.
يمن مونيتور/هافينغتون بوست عربي/
الحرب تعني لا ماء ولا كهرباء فقط قصف يليه ركام ودمار، وهو ما يعيشه اليمنيون منذ سنوات الأمر الذي جعل من الاستحمام ضرباً من الرفاهية، ولكن الأمر اختلف في الآونة الأخير حينما اكتشفوا أنه بدولارين يمكنهم الاغتسال والهرب من ضوضاء الحرب لساعات بفضل الحمامات البخارية.
وجد اليمنيون بـ 14 حماماً بخارياً تتوزّع في صنعاء القديمة أدرجتها منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي ما يساعدهم إلى جانب الاستحمام الخروج من الحالة المزاجية السيئة.
أشهرها حمام الشام الذي يستقبل في اليوم الواحد أكثر من 200 من مرتاديه فضلاً على أن يومي الأربعاء والخميس، ترتفع نسبة الإقبال بشكل مضاعف.
محمد مهدي موظف تربوي (33 عاماً)، واحد من الشبان الذين يحرصون على الذهاب للحمامات العامة بشكل أسبوعي، وخصص ساعتين من مساء كل خميس مع رفاقه لما يسمّيه “جلسات معالجة نفسية”.
يقول مهدي لـ”هافينغتون بوست عربي” أن “الساعتين اللتين يقضونهما في الحمامات، تمدانهم بحالة من تغيير الجو، والخروج من الحالة المزاجية السيئة التي تتحكم بحياتهم منذ اندلاع الحرب، وتردي الأوضاع”.
ويشير إلى أن فكرة الذهاب إلى الحمام بشكل أسبوعي لقيت تجاوباً كبيراً من أصدقائه، فالحمام هو أفضل طريقة لأخذ راحة من تعب الحياة اليومية، وبخاره يسمح بفتح مسام الجلد وتسمح الرطوبة والحرارة بتنظيف البشرة بعمق، مع إزالة السموم والبكتيريا، كما يخفف التوتر والإجهاد وارتفاع ضغط الدم، ويشعر المرء فيه بالتجدّد وصفاء الذهن.
ومنذ اندلاع الحرب في أوائل العام المنصرم، أغلقت الكثير من المتنزهات أبوابها، من بينها الحدائق العامة، في الوقت الذي سيطر على اليمنيين جوٌّ من الرتابة والكآبة، فأحاديث وأخبار الحرب والموت، كانت هي الطاغية على مجالسهم وأحاديثهم.
صدفة الاكتشاف
محمد عمر مدير حمام الشام يقول إن نسبة الإقبال على الحمامات ارتفعت بشكل مضطرد خلال الأشهر الأخيرة، وعزا ذلك إلى أن الكثير من الزبائن، اكتشفوا بأن الاستجمام في الحمامات البخارية له انعكاسات كبيرة في تحسين المزاج وتجديد الدورة الدموية والشعور بحالٍ أفضل.
وأضاف لـ”هافينغتون بوست عربي” إنّ “العديد من مرتادي الحمام يزوروننا لأول مرة، لكننا نجدهم يعودون مرة أخرى”.
انقطاع المياه والكهرباء بشكل نهائي عن المدنيين في العاصمة صنعاء منذ نحو عام ونيف، دفع بهم إلى الحمامات البخارية من أجل الاغتسال والتطهر، بالإضافة إلى أن الحمامات توفر إمكانية المساج التقليدي.
عامل آخر جعل الحمامات مزدهرة بمرتاديها، ويتمثل في المقابل المادي الضئيل لقاء كل جلسة، يقول محمد عمر لـ”هافينغتون بوست عربي” إننا “نأخذ من كل زبون مبلغ خمسمائة ريال، أي ما يُعادل دولارين للفرد الواحد، وللأطفال دولاراً واحداً”.
ويقطع محمد منصور مسافة طويلة من منزله في حي المطار بشمال المدينة إلى صنعاء القديمة، ففي حمام الحميدي والذي بُني على الطراز التركي – بخلاف حمام الشام – يجد بديلاً لحمامه المنزلي، الذي كان يصنعه إبان توفر المياه والكهرباء.
يقول منصور بأن التعرّق الشديد، يساعد البشرة على التخلّص من السموم والمواد الكيميائيّة وغيرها من الشوائب، وتزايد معدّل ضربات القلب والدورة الدموية ومعدّل الأيض، استرخاء العضلات بعد التمارين الرياضيّة.
وتخصص الحمامات في المدينة أياماً للنساء، مما جعل الحمامات مزدحمة طوال أيام الأسبوع.
لدى زائري الحمامات البخارية طقوسٌ عديدة في رحلة الاستجمام، على غرار أن جلسة الحمام هي جزء من الخلود للروح، والانبهار بالطقوس الاجتماعية.
تتمثل تلك الطقوس، في الذهاب الجماعي للحمام، كما يحرص اليمنيون على جعل اليوم المخصص للحمام أشبه برحلة إلى مقصد سياحي، وتكون مصحوبة بتناولهم لنبتة القات (نبتة مخدرة يمضغها معظم اليمنيين لساعات في أفواههم، ويعتقدون أنها تحفز نشاطهم).
يقول ماهر القيلي، وهو من سكان صنعاء القديمة “تناول القات له طعم مختلف في الحمام”.
ومن ضمن الطقوس في الحمام البخاري رقصة الحمام وهذه الرقصة تؤدى غالباً في شكل دائري، يصحبها الإنشاد الديني وهي مرتبطة بحفلات الأعراس ويرقصها العريس وأقرانه.
أما للنساء فيوم الخميس تُزف العروس إلى الحمام، ويقوم العديد من قريباتها بتنظيفها وتجميلها، وبعد ذلك تُدهن بالزيوت المعطرة استعداداً لليلة الدخلة.