دراسة تدعو للإسراع في تفعيل نُظُم الإنذار المبكر باليمن لمواجهة تغير المناخ
يمن مونيتور/قسم الأخبار
قالت ورقة بحثية، مساء الأحد، إن آثار تغيّر المناخ في اليمن تنعكس بشكل واضح مع تنامي الظواهر الجوية المتطرفة في جميع أنحاء البلاد.
وقالت الورقة التي نشرها مركز صنعاء للدراسات للباحث مساعد عقلان إنه على مدى السنوات الثماني الماضية، شهدت المهرة -المحافظة الواقعة أقصى شرقي اليمن -تزايد الكوارث الطبيعية المرتبطة بتغيّر المناخ، بما في ذلك الأعاصير المدارية والسيول المفاجئة التي حصدت الأرواح وتسببت في فقدان سبل كسب عيش كثير من السكان.
ويرى أن هذا الموجز السياساتي يستند إلى استطلاع رأي شمل 183 مشاركًا ومشاركة، إضافة إلى مقابلات ثنائية وحلقات نقاش بؤرية مع خبراء ومسؤولين ومع أبناء المجتمع المحلي، ويبحث في تأثير الظواهر الجوية المتطرفة على المجتمع المحلي في المهرة وانعكاساتها على الحياة اليومية والمساكن والنشاط الاقتصادي، بما في ذلك التأثير على القطاعين الزراعي والسمكي.
وأظهرت الدارسة افتقار محافظة المهرة حاليًا إلى بنية تحتية متينة قادرة على الصمود ضد الكوارث الطبيعية، مما يعرض حياة فئات المجتمع خصوصًا الضعيفة منها للخطر ويهدد بفقدانها مصادر كسب عيشها بشكل متزايد في ظل تواتر حالات الطقس المتطرفة وتعذر القدرة على التنبؤ بها.
وتقول إن نظم الإنذار المبكر تساعد على مواجهة أحوال الطقس المتطرفة من خلال جمع المعلومات وتعزيز القدرة على التنبؤ بنمط الطقس، مما يتيح فرصة تحذير المواطنين استباقيًا، وتسليط الضوء على مخاطر مثل هذه الظواهر، ومساعدة السلطات في التخطيط والاستجابة لها.
نداء عالمي لتفعيل نُظُم الإنذار المبكر
وتذهب الورقة إلى أنه من المعروف أن تواتر الظروف المناخية المتطرفة وغير المتوقعة هي أحد تبعات تغيّر المناخ، وبالتالي تساعد أنظمة الإنذار المبكر المجتمعات على مواجهة هذه الآثار عبر تحسين جاهزية السكان ووعيهم بالمخاطر القادمة، وجمع البيانات عن أحوال الطقس والتنبؤ بها، ودعم السلطات في تخطيط استجابتها للظواهر المناخية.
وتعتمد نُظُم الإنذار المبكر الفعالة على تكنولوجيات رصد الأحوال الجوية والتنبؤ بها وأسس حماية الأفراد والمرافق، والاستعانة بالأقمار الصناعية ومحطات الأرصاد الجوية. تستخدم هذه الأنظمة نُهُج مختلفة قابلة للتكيّف وتراعي الظروف المحلية، بما في ذلك البنية التحتية القائمة.
وتشمل قنوات التواصل أجهزة إنذار متنقلة، والبث المباشر للتحذيرات، واستخدام مكبرات الصوت أو الميكروفونات في المساجد، فضلًا عن قنوات اتصال بديلة أخرى تُستخدم في المناطق التي لا تتوفر فيها البنية التحتية للاتصالات أو في المناطق التي تستخدم التكنولوجيا على نطاق محدود.
وتفيد أن التطور المشهود حاليًا في تكنولوجيات أتاح التنبؤ بالأحوال الجوية إجراء تنبؤات دقيقة لأحوال الطقس وتأثيرها المحتمل، مثلًا بات بإمكان المناطق المعرّضة للخطر تركيب أنظمة تصريف للمياه وبناء حواجز مائية لمنع تدفق السيول وحماية المناطق الساحلية إلى جانب تعبيد طرق لإخلاء السكان والحدّ من الخسائر في الأرواح والأضرار التي تلحق بالممتلكات.
وتضيف: الأهم من ذلك أن أنظمة الإنذار المبكر تبني قدرة المجتمعات المحلية على الصمود في مواجهة الكوارث والظواهر الجوية المتطرفة، والحد من الأضرار عبر تسليح السكان بالمعلومات والمعرفة، وتزويد السلطات بالوسائل اللازمة للاستعداد وتعبئة الجهود في مواجهة المخاطر.
وتشير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر ودعم البنية التحتية لها تعود بمنافع كبيرة، وتُقدر المنظمة الحاجة إلى استثمار نحو 1.5 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الخمس المقبلة لتحسين جودة هذه الأنظمة والبنى التحتية المرتبطة بها، لا سيما في الدول النامية.
وتتفق الأمم المتحدة مع ذلك، حيث نوّهت إلى أن تكلفة تعزيز نُظُم الإنذار المبكر لا تتجاوز 50 سنتًا سنويًا من نصيب الفرد، وأن حصيلة الوفيات في البلدان التي لا تطبق أنظمة الإنذار المبكر تصل ثمانية أضعاف حصيلة الوفيات في نظيرتها التي فعّلت تلك النُظُم، وهو فرق شاسع.
وترى أن في البلدان النامية ذات القدرات المحدودة على إنشاء وتفعيل نظم الإنذار المبكر، كاليمن، بلغ معدل الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية أرقامًا هائلة مقارنة بالبلدان الأكثر تقدمًا.
ووفقًا للجنة العالمية المعنيّة بالتكيّف، قد يكلف تحديث تكنولوجيات رصد الأحوال الجوية والتنبؤ بها وتعميم نُظُم الإنذار في البلدان النامية المعرّضة لتأثير تغيّر المناخ حوالي 800 مليون يورو سنويًا، لكن قد يساعد على تجنب خسائر بين 3 و16 مليار يورو.
وتشير الدراسة إلى أنه من هذا المنطلق، فمواصلة إحراز التقدم في إنشاء وتفعيل نُظُم الإنذار المبكر يعني مواجهة التحديات البيئية المتزايدة والحدّ من الخسائر في الأرواح والأضرار التي تلحق بالممتلكات.
وفي المهرة تحديدًا، قد تُعزز أنظمة الإنذار المبكر من القدرة على التنبؤ بالكوارث وتفاديها وتحقيق الأمن وتكييف المجتمعات المحلية مع المناخ غير المتوازن، ولا تُمثل تكلفة انشاء وتشغيل نظام الإنذار المبكر سوى جزء بسيط من التكلفة التي قد تتكبدها السلطات للتعافي من آثار الكوارث أو الاستجابة لها.