أحاديثُ الشتاءِ عن براءة الصيف
سليم بركات
ـ في النهاية، التي تلتهم كلَّ نهايةٍ، يحْدُثُ شيءٌ آخرُ لا ذاكرةَ للوقت فيه.
ـ كلُّ يومٍ موعدٌ لانتشال معجزةٍ من تحت أنقاضها، أو لإخلاءِ أنقاضها.
ـ صوتُك الذي تخاطب به النهارَ غيرُ صالحٍ لمخاطبة الليل.
ـ سنغادر هذا الشرقَ، وهذا الغربَ، إلى الجنوبِ النابتِ جذوراً في جليد الشمال.
ـ سأعدُّ حتى الخمسة قبل إطلاقِ السماءِ من قيدها متوحشةً.
ـ أأستطيع النوم على فراشٍ فوق الأرض،
إلى جوار السرير الذي أنتِ نائمةٌ عليه كمياه لم يعرفها نهرٌ، أو بحرٌ، أو بئر؟
ـ ضعْ فوهة البندقية في فمك.
اضغطِ الزنادَ يتناثرْ بلدٌ معْ دماغك الذي يتناثر.
ـ لا أحتاطُ من الخوف:
لقد أذْعرتُ الخوفَ بامتناني له كجليسٍ لا يُمَلُّ.
ـ أتوسلُ إليك:
لا تخبِرْ قدميَّ عن الخطى التي لم تُحسَبْ من خطواتي.
ـ أنت في منتصفِ الخطأ. أكْمِلْه يَصِرْ صحيحاً.
ـ لا طفولةَ كطفولةِ حواءَ سعيدةً كأنها كلُّ طفولةٍ لم تكن.
ـ يا لِآدمَ:
يا لطفولة الطينِ،
وصِبا الطينِ،
وشيخوخةِ الطينِ،
والموتِ الطين.
ـ لا تتَّصلْ بي،
قبل إكمالكَ الرسمَ الذي تنزلقُ فيه الألوانُ معي إلى فضيحةٍ.
ـ هي ذي الأُمَّةُ العظيمةُ،
أُمُّ اتحادِ المآتم.
ـ نصيحةٌ جيدة تلك التي لا يعترف بحكمتها إلاَّ الجنون.
ـ المفهومُ، والمصطلحُ، لُغزانِ تحت طائلة الذبحِ من وريد الكلماتِ إلى وريد المعاني.
ـ شقراءُ، طويلةُ الشُّقرةِ حتى عقبَيْ قَدميها.
ـ أخْفَقْنا. نعم.
لم تُسَلِّمنا الأفكارُ من مآثرها في النجاحِ إلاَّ الأذيالَ.
ـ اعتقلْنا الخونةَ كلَّهم،
إلاَّ الحياةَ نجَتْ بخياناتها.
ـ الجحيمُ حسابٌ،
والفردوسُ مَحوٌ للأرقام.
ـ الإعصارُ خياليٌّ مثلنا نحن الخياليين.
ـ أبديَّةٌ على الرفِّ بغبارٍ كثيرٍ عليها.
ـ الموتى متَّحدون بلا نقاباتٍ.
ـ إضرابٌ في الموانئ:
شحناتٌ من العدلِ عالقةٌ، لا عمالَ لينقلوها من السفنِ إلى البرِّ.
ـ طالما عرفتُ الحكمةَ قيلتْ أو لم تُقَلْ؛
كُتبتْ أو أُهملتْ؛
أُجيزتْ أو حُظِرتْ:
سمعتُ نشيجَ الأيامِ طويلاً في أعينِ من رأيتُهم.
ـ الشمسُ مستعجلةٌ لا تنتظر،
ضوءُها أكثرُ صبراً.
ـ اتركني وحدي الآن.
لقد قتلتُ من أجلك أكثرَ مما أردتني أن أقتلَ: قتلتُ ذاكرتي.
ـ لقد اختُتمَ المَهْرجان:
عاد الشَّبعُ إلى تبضُّعه من مَتَاجرِ الحقائقِ،
وعادَ الجوعُ إلى الجلوسِ على سحابتهِ الممطرةِ جوعاً.
ـ محكومونَ بأشغالٍ شاقةٍ:
أن تكون لهم أصواتُهم البشريةُ،
وخيالُهم البشريُّ.
ـ حُذَّاقٌ في تأثيثِ البيوتِ بمقاعدَ للموتى،
وبآنِيَةٍ لطهوِ الأعمار على نيرانٍ هادئةٍ.
ـ بعثةٌ إلى القطب الشماليِّ،
لضبطِ السطورِ متوازيةً في أشعار الجليد.
ـ كم يُساءُ التقديرُ:
الخرابُ إغواءُ المفتونين بالسِّيَرِ المُختزَلة.
ـ أقيمي في صمته، أيتها الفتاةُ، إقامةً تحسدُها بلدانٌ لا تحظى بإقامةٍ.
ـ جنونيٌّ كالحَق.
مطيعٌ كالقاعدة.
إرهابيٌّ كالأعراف.
مغتصِبٌ كأحاديث الشتاء عن براءة الصيف.
ـ ضاعَ في ذاكرتهِ،
مُذ ضاعت ذاكرتُهُ في تحديد الرُّبعِ الأخيرِ من جسدهِ.
ـ طبيعيٌّ أن نتغافلَ عن ألاعيبِ الوجود في استثمارنا كحكاياتٍ.
ـ بَرِّحْهُ ضرْباً بلكَماتِ النُّورِ، وبركلاته.
ـ تحقَّقْ من سَفرك في الزمنِ بارتداءِ قناعِ الزمن.
ـ انظُرْ إلى النجوم.
إنها شهيقُك في الخوفِ من الصعود إليها.
ـ معذرةً أيها الطوالُ،
القِصارُ أقربُ إلى الأرضِ ثابتةً في زعمهم.
ـ لا نبيَّ استحصلَ أجرَه كاملاً،
في نقْلِ الأحمالِ من الأرض إلى السماء.
ـ لستَ بديْناً.
لستَ نحيلاً.
لستَ بينَ بين:
يليقُ بجسدكَ ما يليقُ بالهواءِ من الثيابِ الأنيقة.
ـ احْتَبِسْ انفاسَك:
لقد حطت على كتفك اليمنى فراشةُ الصدى في المقابر.
ـ كريهٌ.
قذرٌ.
قميئٌ.
وسِخٌ.
ذليلٌ.
ضئيلٌ.
سُقاطةٌ.
آثمٌ.
تَفِهٌ.
وغْدٌ.
نُفاية.
لا أعرفُ مَن أعْني.
ـ غَنُّوا لأولادكم.
أطْعِموهم أغلفةَ الطلقاتِ كأنَّ الحروبَ لن تنتهي.
ـ لا يمكنني سماعُك بين أصوات هذه الكتب.
ـ قبِّليني حتى استنفاديَ مِني،
فلا أعرف من كنتُ قبل ذلك؛
ولتكنْ هذه القُبلةُ ذاكرتي كلَّها.
ـ هذا غضبٌ معفى من ضرائبِ الهياج.
ـ دموعٌ أثريَّةٌ تباعُ في القوارير.
ـ أُنجِزتِ الأغنيةُ الموعودةُ أخيراً،
لتُغَنَّى في الطريقِ إلى الجحيم.