خدمات الرعاية الصحية من أكثر الصور مأساوية لحرب اليمن
يمن مونيتور/القدس العربي
في مرحلة تراجعت فيها وتيرة العمليات العسكرية في اليمن يقول تقرير حديث إن 24 حادثة عنف ضد خدمات الرعاية الصحية تم الإبلاغ عنها هناك خلال عام 2022 منها 12حالة تضررت أو دُمرت فيها مرافق صحية، وقُتل سبعة عاملين صحيين واُختطف خمسة آخرون. والمؤسف أنها مؤشرات مماثلة نسبيًا لما شهده عام 2021 في وظل نظام صحي شبه منهار جراء الحرب المستعرة هناك منذ أكثر من ثماني سنوات؛ وهي الحرب التي يمكن مشاهدة أكثر صور معاناتها مأساوية في خدمات الرعاية الصحية.
أكثر من ثماني سنوات من الحرب، وفي كل عام تشهد هذه الخدمات تراجعًا وترديا ينعكس في ارتفاع مؤشرات المعاناة، نتيجة ما تعرضت وتتعرض له كثير من مرافق الخدمة الصحية من استهداف مباشر أو غير مباشر؛ ما أفقد السكان فرص الحصول على خدمات «منقذة للحياة» في كثير من مناطق البلاد، وخاصة المناطق الريفية موطن غالبية السكان ومركز أعلى مؤشرات الفقر.
على الرغم مما تقدّمه المنظمات الدولية من دعم لعديد من المستشفيات والمراكز الريفية وغيرها في المدن، في محاولة لاستمرار هذه المستشفيات والمراكز في تقديم خدماتها للسكان، إلا أن العجر ما زال وبنسبة كبيرة، وفقا لما تقدّمه المنظمات الدولية العاملة من مؤشرات مقلقة. وذكرت منظمة الصحة العالمية في شباط /فبراير 2023 أن 46 في المئة من جميع المرافق الصحية اليمنية كانت تعمل جزئيًا أو خارج الخدمة تمامًا بسبب نقص الموظفين والأموال والكهرباء والأدوية والإمدادات والمعدات. ووفقا لذات المصدر فاعتبارا من عام 2023 يقدر أن 10 ملايين شخص على الأقل لا يحصلون على خدمات الرعاية الصحية. علاوة على ذلك، فإن ما يقدر بنحو 2.9 مليون امرأة في سن الإنجاب يفتقرن إلى الوصول إلى خدمات رعاية الأم والطفل والخدمات الإنجابية، في حين أن ما يقدر بنحو 1.1 مليون طفل يعانون من سوء التغذية يواجهون تدهورًا في الصحة أو حتى الموت. وحسب تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود «لا تستطيع العديد من الأمهات الحوامل اللائي يعانين من مضاعفات أثناء الولادة وأولياء أمور الأطفال المرضى التمكن من الحصول على الرعاية الطبية في اليمن بشكل آمن وفي الوقت المناسب، وغالبًا ما تكون العواقب مميتة» ويكفي التوقف عند مؤشر مفاده أن وفيات الأمهات في اليمن صار الأعلى في المنطقة العربية.
ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر في شباط/فبراير 2023 «على الرغم من أن عددا كبيرا من الأشخاص الذين نزحوا بسبب النزاع يقدر بنحو 4.2 مليون شخص يحتاجون إلى وصول عاجل ومنتظم إلى خدمات الرعاية الصحية فإن هذا الوصول يمثل تحديًا، كما أن النساء والأطفال يمثلون ما يُقرب من ثلاثة أرباع المدنيين الذي شردهم النزاع».
حالة العنف
على الرغم من تراجع وتيرة الصراع في البلد منذ أكثر من عام إلا أن المراكز الصحية ما زالت تتعرض لحالات عنف أو عرقلة للرعاية الصحية، وفق تقرير صدر مستهل آب/أغسطس عن تحالف حماية الصحة في حالات النزاع «SHCC» وهو مجموعة من أكثر من 40 منظمة تعمل على حماية العاملين في المجال الصحي والخدمات بسبب الحرب والاضطرابات الأهلية. إذ ذكر التقرير أن اليمن شهد 24 حادثة عنف أو عرقلة للرعاية الصحية تم الإبلاغ عنها في عام 2022 وفي هذه الحوادث قُتل ما لا يقل عن سبعة عاملين صحيين وخمسة آخرين مخطوفين. وحسب التقرير فقد تضرر أو دُمر 12 مرفقًا صحيًا على الأقل، وغالبًا ما أدى ذلك إلى إغلاقها، مما كان له عظيم الأثر في إعاقة وصول السكان إلى الرعاية الصحية.
كما كشف التقرير تزايدا في عدد المحافظات التي شهدت هذه الحوادث، فمن تسع محافظات يمنية عام 2021 ارتفع الرقم إلى 14 محافظة عام 2022 مع تسجيل حالات جديدة في محافظات الضالع وعدن والبيضاء والحديدة والجوف وحجة وإب وصنعاء؛ ما يعكس استمرار العنف المسلح في البلاد حسب التقرير الذي أكد تأثير معظم الحوادث على مقدمي الرعاية الصحية من الهيكل الصحي الوطني، فيما تم الإبلاغ عن حادثة واحدة أثرت بشكل مباشر على منظمة غير حكومية دولية. وهي مؤشرات لا تختلف كثيرا عما شهده عام 2021 الذي سجل 20 حادثة عنف أو عرقلة وصول للرعاية الصحية هناك. جميع الحوادث الـ 12 التي تضررت أو دُمرت فيها المرافق الصحية، حسب التقرير، بما في ذلك المستشفيات والمستودعات والمعهد الصحي، شملت استخدام أسلحة متفجرة، بما في ذلك الضربات الجوية والقنابل اليدوية والقصف.
وأفاد أن الضرر المباشر لا يقتصر على المرافق الصحية وتعريض سلامة العاملين الصحيين والمرضى للخطر فحسب، بل يمكن أن يؤدي أيضًا إلى إتلاف لا يمكن إصلاحه في المعدات اللازمة للرعاية الحيوية، ما يجعل توفير الرعاية أكثر صعوبة.
وحسب التقرير فقد استمرت الضربات الجوية للتحالف في التأثير على المرافق الصحية في المحافظات الشمالية والشرقية عام 2022 وأثر العنف المسلح من قبل قوات الحوثيين على مقدمي الرعاية الصحية في المحافظات الجنوبية على الرغم من بدء هدنة بوساطة الأمم المتحدة بين الحوثيين والقوات المناهضة لهم في نيسان/أبريل، والتي نجحت في خفض مستويات العنف بشكل عام.
وأفاد التقرير أن الغارات الجوية للتحالف دمرت المرافق الصحية في سبع مرات عام 2022 بزيادة أربع مرات عن عام 2021 ووقعت جميع الضربات الجوية السبع بين كانون الأول/يناير وآذار/مارس في شمال شرق الحديدة والجوف وأمانة العاصمة وشبوة ومحافظة صنعاء وفي 19 كانون الأول/يناير تضررت مستشفيات في مديرية الوحدة بأمانة العاصمة جراء الضربات الجوية، ونُسبت خمسة حوادث للحوثيين، وهو رقم مماثل لعام 2021.
جميع الحوادث الاثني عشر التي تضررت فيها المرافق الصحية بما في ذلك المستشفيات والمستودعات والمعهد الصحي شملت استخدام أسلحة متفجرة بما في ذلك الضربات الجوية والقنابل اليدوية والقصف إلى جانب الحوادث السبع التي تضمنت غارات جوية للتحالف وأربع حوادث إضافية شملت قصفا وإلحاق أضرار بمستشفيات في محافظتي البيضاء وتعز، وشملت الحوادث الأخرى استخدام أسلحة متفجرة بالقرب من المرافق الحيوية التي أثرت على الوصول على الرعاية الصحية.
وقال لين روبنشتاين مدير تحالف حماية الصحة في حالات النزاع، «في مواجهة الأضرار العميقة التي تعانيها المجتمعات والعاملين في مجال الصحة من هذا العنف كان المجتمع الدولي سلبيا منذ فترة طويلة حتى أنه تجاهل الالتزامات التي قطعها على نفسه لمنع الهجمات ومحاسبة الجناة، واستمر الإفلات من العقاب على أعمال العنف، بل وتعثر تعقب الهجمات. يعاني نظام منظمة الصحة العالمية لجمع ونشر البيانات حول الهجمات على الرعاية الصحية في حالات الطوارئ من عدم كفاية الإبلاغ وانعدام الشفافية ومقاومة الإصلاح».