كيف يمكن أن تستفيد الدول المجاورة من الإصلاحات السعودية؟
أعلنت الحكومتان السعودية والأردنية مؤخرًا عن إنشاء مجلس تنسيق مشترك للبحث عن فرص صندوق الاستثمارات العامة السعودي للاستثمار في المملكة الأردنية الهاشمية.
يمن مونيتور/ ميدل إيست آي – إيوان24
أعلنت الحكومتان السعودية والأردنية مؤخرًا عن إنشاء مجلس تنسيق مشترك للبحث عن فرص صندوق الاستثمارات العامة السعودي للاستثمار في المملكة الأردنية الهاشمية.
وسط التغطية الواسعة للإصلاحات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية ورؤية 2030، يمثل إنشاء هذا المجلس لحظة فاصلة في العلاقات الاقتصادية بين المملكتين. في حين أنَّ المملكة العربية السعودية قد ساعدت الأردن على مدار تاريخها من خلال المنح لتمويل المشروعات العامة (مثل الطرق والمستشفيات)، يستهدف مجلس التنسيق المشترك الجديد نمو الصناعات في القطاع الخاص للاستثمار.
يتماشى الاتفاق مع الأردن مع خطة المملكة العربية السعودية لمواصلة الاستثمارات في الخارج لخلق تيارات بديلة للدخل، وهي جزء من جهد أوسع لإنهاء الاعتماد على تصدير النفط. التغيير في السياسة السعودية جاء في توقيت مناسب تمامًا للحكومة الأردنية، لا سيما في ظلّ معاناة عمان لدمج أكثر من مليون لاجئ في البلاد منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011.
ومع وصول الخدمات والبنية التحتية إلى نقطة الانهيار، يبحث الأردنيون عن وسائل لجعل اللاجئين أصولًا صافية ذات قيمة للبلاد وتخفيف عبء استضافتهم. وتحقيقًا لهذه الغاية، تجرب الحكومة الأردنية خطة لمنح 150 ألف لاجئ الحق في العمل في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالقرب من مخيم الزعتري.
وبالنظر إلى أنَّ معدل البطالة في الأردن يصل إلى 22 بالمئة، تسعى الحكومة جاهدة لتجنب الانطباع بأنَّ اللاجئين يحصلون على وظائف المواطنين الأردنيين. وقد ذكر الملك عبد الله الثاني أنَّ مقابل كل وظيفة تُعرض على السوريين، سيكون هناك خمس وظائف للأردنيين. هذا الطموح الكبير من المؤمّل دعمه برأس المال السعودي الذي يمكن أن يساعد في انطلاق الاقتصاد، والحدّ من البطالة ومنع الاضطرابات المدنية التي يمكن أن تنفجر إذا ساد الاعتقاد بأنَّ السوريين يحصلون على معاملة تفضيلية.
في حين أن حجم صندوق الاستثمار وقطاعات الاقتصاد الأردني المستفيدة لم تستكمل حتى الآن، من المحتمل أن يتوجه المسؤولون في عمّان لاتفاقات الاستثمار الأخيرة في المملكة العربية السعودية مع مصر باعتبارها خطة محتملة. في أوائل أبريل الماضي، زار الملك سلمان بن عبد العزيز القاهرة حيث أعلن عن صندوق استثمار بقيمة 16 مليار دولار لتتم مشاركته بين صندوق الاستثمارات العامة والحكومة المصرية. كما وقّع على مذكرة تفاهم بشأن التعاون في الزراعة والصناعة والبنية التحتية.
ومثل الأردن، تتلقى مصر المعونات من المملكة العربية السعودية، وخاصة بعد أن تركت ثورة 2011 اقتصاد البلاد في حالة مدمرة. في حين أن معظم عناوين الصحف حول تلك الزيارة ركزت على نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى المملكة العربية السعودية، تًعد الصفقات المُعلنة بين الملك سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تغييرًا في النهج السعودي لممارسة الأعمال التجارية مع جيرانها العرب.
وبالإضافة إلى صندوق الاستثمار، تشمل المشاريع الأخرى إنشاء منطقة تجارة حرة في سيناء وخطط الاستمرار في تطوير المدينة الصناعية الجديدة بالقرب من قناة السويس. كما يستعد قطاع الطاقة في مصر للاستفادة، مع شركة سعودية واحدة تنوي استثمار 12 مليار دولار على مدى خمس سنوات.
ولكن المشروع الرائد هو الجسر المخطط على البحر الأحمر لربط البلدين. لم يتمّ الكشف عن أي خطط مفصّلة، ولكن من المتوقع أن يمتد الجسر من محمية نبق على الجانب المصري إلى رأس الشيخ حميد على الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية. تصل تكلفة هذا المشروع 3-4 مليار دولار، وقد يشمل أيضًا خط للسكك الحديدية.
الجسر المزمع بين البلدين يوضح مجازًا كيف ينبغي أن تسير الاستثمارات في كلا الاتجاهين. بالنسبة للسعوديين، هذا يعني اتخاذ خطوات غير مسبوقة لجذب الاستثمارات الخارجية اللازمة للتعويض عن الانخفاض في أسعار النفط. ليس أقلها هو الطرح المتوقع لبيع 5 بالمئة من شركة أرامكو السعودية، وستضاف العائدات لصندوق الثروة السيادية. أما صندوق الاستثمارات العامة فهو يدير أصول شركة البتروكيماويات السعودية للصناعات الأساسية. ومن خلال هذه الإجراءات، تتوقع المملكة العربية السعودية أن ترتفع قيمة صندوق الاستثمارات العامة إلى 2 تريليون دولار، ويكون بمثابة محور الاستثمارات الخارجية السعودية.
بالإضافة إلى خصخصة الأصول المملوكة للدولة، يقدّم نائب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مجموعة من الإصلاحات لجلب المستثمرين الأجانب، مثل قانون الشركات في عام 2015، الذي يسمح للشركات ذات الملكية الأجنبية بنسبة 100 بالمئة بالعمل في المملكة للمرة الأولى في تاريخها.
وبموجب التشريع السابق، تتم مطالبة الشركات الأجنبية بالدخول في شراكة مع شركة محلية قبل دخول السوق السعودي. كان هذا القانون يمثل عائقًا أمام الاستثمار الأجنبي، ومن المحتمل أن يؤدي التغيير في القانون إلى المزيد من الشركات الأجنبية التي تتطلع إلى السعودية باعتبارها سوقًا أو قاعدة تصنيع جذابة. الشركات العالمية الخارجية، مثل شركة صناعة السيارات البريطانية جاكوار وشركة لاند روفر، بحثت بجدية لبدء عملياتها في المملكة للاستفادة من سوق إقليمي مهمّ، وستقوم بيئة الأعمال المبسطة الكثير لتنفيذ هذه الجهود.
إنَّ السبب في التغيّرات العميقة في المملكة العربية السعودية هو الحاجة للتغلب على مجموعة جديدة من التحديات، خاصة وأن إيران عاودت الظهور على الساحة العالمية بعد سنوات من العزلة الاقتصادية. في حين أن استثمار المملكة في اقتصادات الدول المجاورة هي أخبار سارة لمصر والأردن، إلّا أنَّ التغييرات الاقتصادية الأوسع والضغط من أجل التنويع في الرياض تُظهر مدى استعداد المملكة العربية السعودية للذهاب لتظل منخرطة في شرق أوسط جديد يتغيّر بسرعة.
المصدر الأصلي للمادة
How Saudi’s neighbours will benefit from its reforms