اخترنا لكمتراجم وتحليلاتغير مصنف

منعطف حاد في علاقة التحالف بالسلطات المحلية جنوبي اليمن

أصدرت قيادة السلطة المحلية في “لحج” جنوب اليمن بيانا على خلفية قصف التحالف لمواقع في المحافظة، وصفت فيه الطائرة المنفذة للعملية بالـ”مجهولة الهوية”، واحتجّت فيه على عدم قيام “مجهولي الهوية” بالتنسيق معها بشأن الضربات الجوية.

يمن مونيتور/ خاص/ عبدالملك الطيب
أصدرت قيادة السلطة المحلية في “لحج” جنوب اليمن بيانا على خلفية قصف التحالف لمواقع في المحافظة، وصفت فيه الطائرة المنفذة للعملية بالـ”مجهولة الهوية”، واحتجّت فيه على عدم قيام “مجهولي الهوية” بالتنسيق معها بشأن الضربات الجوية.
البيان الذي استنكر عدم تنسيق طيران “التحالف” مع السلطة المحلية، أثار سؤالا حول عدم قيام التحالف بهذا التنسيق، وهو السؤال الذي يحتمل جوابا يتعلق بانحسار مستوى ثقة التحالف بهذه القيادات، وهو الاحتمال المرعب لأبناء الجنوب الذين ينظرون إلى التحالف بإكبار وتقدير جراء ما قدموه لهم على طريق تخليصهم من الاحتلال الحوثي لمحافظاتهم، فضلا عما ينتظرونه من التحالف مستقبلا.
ويزداد الأمر سوءا بتوقع أن يتجاوز الأمر هذا الحد إلى احتمال مفاده وصول التحالف إلى قناعة بتصنيف كثير من هذه القيادات ووضعها في خانة الطرف الخصم، والمتمثل بإيران على وجه التحديد.
وبالنظر إلى عدد من المؤشرات، يبدو هذا الاحتمال مستندا إلى ما يؤيده على أرض الواقع، حيث شاعت قبل أيام معلومات –لا يستبعد البعض أنها مسربة من إحدى دول التحالف- تشير إلى مسؤولية محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي عن استقدام خبير متفجرات من حزب الله اللبناني يدعى “إكرامي زين حسين”، وأنه دخل عدن بتسهيل من الزبيدي وبهوية “متخصص دراسات هندسية”.
وبالتوازي ولأول مرة، شنت “الخليج الإماراتية” هجوما حادا وعنيفا على هذه القيادات، وقالت في فقرة من مقال مطول: “إن أغلب القيادات الاشتراكية لم تعد مقبولة حاليا. والقيادات الجديدة داخل جنوب اليمن تفتقد للتاريخ والإنجاز والكاريزما. فأغلبها شخصيات طارئة قفزت على شح الكوادر البشرية في الجنوب، وأعلنت نفسها زعامات”، وأضافت في المقال المذيل باسم “د. انتصار البناء: “وهذا ما يفسر إصرار دول التحالف، وتحديدا دول الخليج العربي، على إبقاء اليمن موحدا برغم احترامها لحق الشعب الجنوبي. فليس ثمة مشروع حقيقي لدولة ناجحة في الجنوب يمكن أن تعول عليه دول التحالف لتدعم المشاريع الانفصالية المتعددة التي تطرحها فصائل يمنية جنوبية متعددة”.
جاء ذلك في ظل تسريبات عن اعتزام الرئيس إصدار قرار بإقالة محافظ عدن “عيدروس الزبيدي” الذي نظم في 22 مايو مؤتمرا صحفيا ظهر فيه متكلفا المجاملة لرئيس الجمهورية والحكومة، وكما لو أنه يقدم –مجددا- فروض الولاء والطاعة للشرعية، وبالتالي للتحالف. وبدا غريبا أن يعزف ذلك اليوم عن إعلان شيء من المفاجئات التي كان إعلام فصيله في الحراك الجنوبي يبشر بها، وتجاوز ذلك إلى وصف يوم تحقيق الوحدة اليمنية (22 مايو) بأنه “يوم تاريخي”.
وكان السلفي “عبدالله الفضلي” قد أشار يوم (15) مايو الجاري في مقابلة مع صحيفة “الأمناء” التي وصفته بـ “قائد الحزام الأمني للقطاع الشرقي بعدن” إلى “أن هناك تواطؤ من بعض القيادات الأمنية العليا في عدن مع بعض المطلوبين والخارجين عن القانون”، مشيرا بسبابة التلميح الشبيه بالتصريح إلى مدير أمن عدن “اللواء شلال شايع”.
هذه الاتهامات وردت لاحقا وبشكل مفصل في التقرير المسرب والمشار إليه بالأسطر السابقة، والذي وجهت معلوماته اتهاما صريحا لـ”شلال شايع” بتعيين عناصر في القاعدة في مواقع أمنية، مؤكدة أنه أسند إلى بعضهم إدارة عدد من مراكز الشرطة في عدن.
ويمتلك هذا التيار معسكرات خارج سلطة الرئيس والشرعية تدربت عناصرها خلال سنوات مضت على يد خبراء حزب الله في لبنان، وتتهم بالتماهي مع القاعدة. وقال القيادي الجنوبي “محمد علي أحمد” في تصريح سابق إنهم (6000) فردا وسيصلون إلى الضعف. وتستفيد هذه المعسكرات من شرعية الظهور بلافتة “المقاومة” التي اكتسبتها عقب معركة التحرير للمحافظات الجنوبية وطرد الحوثيين وحليفهم صالح.
ما الذي يقلق الرياض..؟
في اتجاه البعد الإقليمي والخارجي، وفي ظل الاتهامات لدولة إيران وأطراف أخرى بالوقوف وراء كثير مما يحدث بالجنوب، بدا ملفتا ليلة 22 مايو توجيه النظام السعودي ثلاث تهانٍ إلى الرئيس هادي والشعب اليمني بمناسبة ذكرى إعادة تحقيق الوحدة، حملت على التوالي توقيعات الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده، وولي ولي العهد. وعلى هذا الموقف المكسو في ظاهره بالرقة والودّيّة إلا أنه كان بمثابة إبرة خرقت بالونة المفاجئات التي ظل فصيل الحراك الإيراني ينفخ فيها على امتداد أسابيع سابقة ويملؤها وعودا بإعلان الانفصال.
السعودية ومن ورائها دول الخليج، ما تزال تخوض في حديقتها الخلفية “اليمن” حربها المصيرية مع إيران التي تخشى أن تخسرها ثم تضطر لأن تخوض الحرب التالية في الطابق السلفي من الدار. وبدا من هذه التهاني كما لو أن المملكة حصلت على معلومات استخباراتية تؤكد لها أنها بصدد التعرض لطعنة من الخلف تأتيها من قبل المحافظات اليمنية المحررة والتي تحملت كلفة سياسية وعسكرية ومالية كبيرة من أجل تحريرها.
وليس واضحا ما هي المعلومات الاستخباراتية التي حصلت عليها السعودية، وحملتها على توجيه هذه الرسائل ليلة 22 مايو، إلا أن الطريقة التي قدمت بها التهاني تظهر على وجهها ملامح القلق الحاد.
قبل ذلك بنحو يومين، قال السعودي “جمال خاشقجي” على صفحته في تويتر: “تشجيع الجنوب نحو إعلان الانفصال الآن سيلغي كل شرعية التحالف الذي تقوده المملكة ضد الانقلاب والحوثيين..”. وهو ذات المعنى الذي عبر عنه محللون خليجيون آخرون بصيغ متنوعة، ويبدو أن السعودية أرادت من تلك التهاني إيصال رسائل سياسية تقيد الطرف الواقف في الخلف ممسكا الخنجر المشروم.
ويستبعد محللون عن تلك الأطراف الدولية أنها كانت ترتب لإعلان انفصال يبدو –حتى الأن على الأقل- غير قابل للتحقق وفق منطق السياسة. ويميلون إلى أنها تستغل القيادات في السلطة المحلية في إقليم عدن والمزاج الانفصالي لدى القطاع المحسوب عليهم من أجل إعلان انفصال شكلي وصوري لا يزيد على أن ينسف شرعية التحالف وينهي عملياته العسكرية في اليمن، فضلا عما يعنيه ذلك –على وجه الخصوص- من نسف الشرعية التي يستند إليها الدور الإماراتي في عدن والجنوب، وذلك في سياق تقديم هذا الإعلان كخدمة جليلة لأطراف دولية تسعى لإنهاء حرب التحالف بقيادة المملكة الحريصة على المضي قدما بالسلم أو بالحرب حتى تحقيق هدفها المتمثل بإنهاء انقلاب صالح والحوثيين وانتزاع الشوكة الإيرانية المغروزة في خاصرتها.
وفيما ظل كثير من الجنوبيين يشكون تحول “القضية الجنوبية” خلال السنوات الماضية إلى فرصة استثمار خاصة بيد أشخاص ومكونات تتحدث باسم القضية، يبدو أن هناك نشاطا محموما في الجنوب يسعى هذه الأيام لتحويل القضية الجنوبية إلى فرصة استثمار دولية عبر وكلاء محليين، وليس فقط على حساب الجنوب وعلاقته بالتحالف وحاضره ومستقبله، بل وعلى كل اليمن ودول التحالف ذاتها، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى