كيف انتهت خدمة القمر الصناعي “أيولس”؟
يمن مونتور/بي بي سي
تم توجيه الأوامر النهائية إلى القمر الصناعي “أيولس” Aeolus التابع لوكالة الفضاء الأوروبية يوم الجمعة لإخراجه من الخدمة.
وقالت وكالة الفضاء الأوروبية إن القمر الصناعي “أيولس”، الذي صُمم لرفد البيانات إلى مراكز الطقس في جميع أنحاء أوروبا، عاد إلى داخل الغلاف الجوي للأرض فوق القارة القطبية الجنوبية وتم توجيه للسقوط في المحيط الأطلسي.
أي حطام أو مخلفات نجت من بعد احتراق القمر الصناعي لن تسبب أي أذى.
حظيت مهمة القمر الصناعي “أيولس” بريطاني الصنع بالنجاح بسبب البيانات الجديدة التي قدمها القمر لخبراء الأرصاد الجوية.
وكان ينظر إلى القمر الصناعي “أيولس” على أنه ثورة في عالم الأرصاد الجوية.
لحظة احتراق القمر”أيولس”؟
كان الليزر فوق البنفسجي الخاص بقمر “أيولس” الصناعي، يتتبع حركة الهواء في جميع المواقع، وعلى كل الارتفاعات في جميع أنحاء العالم.
نجاح مهمة القمر “أيولس” يعني أنه يجري بالفعل التخطيط لعمليات استبداله بقمر جديد.
لكن القمر الصناعي “أيولس” كان مشروعا كاد ألا يرى النور بسبب صعوبة العمل على إنجاحه.
كافح المهندسون لأكثر من عقد من الزمن لتطوير قمر صناعي يعمل لفترة كافية في الفضاء.
وأدى التأخير في إطلاق القمر الصناعي في ذلك الوقت إلى أن يطلق على “أيولس” لقب “القمر الصناعي المستحيل”.
تمسك المهندسون، تحت قيادة وكالة الفضاء الأوروبية، بفكرة إطلاق قمر “أيولس” بسبب ما تقوم به الرياح على الأرض، من السطح وصولاً إلى الستراتوسفير.
ومع ذلك، ففي الوقت الذي استغرقه وصول قمر “أيولس” إلى منصة الإطلاق في عام 2018 والطيران في مهمته التي دامت 5 سنوات تقريبا، تغيرت الممارسات لإلغاء دوران القمر الصناعي.
إنهم الآن بحاجة إلى تحديد مكان سقوط حطام القمر “أيولس” على الأرض في منطقة آمنة، و التأكد من احتراق الحطام بشكل كامل أثناء عبور القمر الصناعي للغلاف الجوي.
لم يستطع القمر “أيولس” تلبية هذه المعايير. لم يكن نظام الدفع الخاص به قويًا بما يكفي لتوجيه المكان الذي خرج منه من السماء بشكل كامل، وكان من المتوقع أن يبقى ما يصل إلى 20 في المئة من أجهزته على سطح الأرض (عناصر محتملة من تلسكوب الغرافيت الخاص بالقمر الصناعي وخزانات الوقود الخاصة به).
أمضى مراقبو الطيران في وكالة الفضاء الأوروبية الأسبوع الماضي في بناء ما أطلقوا عليه “مساعدة القمر في العودة”. قاموا بإصدار أوامر للقمر الصناعي “أيولس” بخفض ارتفاعه تدريجيا من خلال سلسلة من المناورات، آخرها كان يوم الجمعة حيث وصل إلى ارتفاع 120 كم.
كان من المتوقع أن يؤدي الاحتكاك بدخول الغلاف الجوي إلى سحب القمر الصناعي وتدميره خلال دورتين ونصف تقريبا من دورانه حول الأرض.
أكدت المستشعرات المتاحة لقيادة الفضاء الأمريكية أن اللحظات الأخيرة للقمر الصناعي “أيولس” كانت فوق القارة القطبية الجنوبية حوالي الساعة السابعة مساء بتوقيت غرينتش.
أطلق القمر الصناعي “أيولس” ليزرا فوق بنفسجيا عبر الغلاف الجوي وقاس إشارة العودة باستخدام تلسكوب كبير.
تبعثر شعاع الضوء من جزيئات الهواء والجسيمات الصغيرة التي تتحرك في الرياح على ارتفاعات مختلفة.
عدل خبراء الأرصاد الجوية نماذجهم العددية لتتناسب مع هذه المعلومات، ما أدى إلى تحسين دقة التنبؤ بالطقس.
جاءت أكبر التغيرات في التنبؤات متوسطة المدى التي تنظر إلى الأحوال الجوية بعد أيام قليلة.
كان للقمر “أيولس” دور رئيسي خلال انتشار وباء كوفيد، حيث وفر بيانات عن الرياح في وقت لم تكن الطائرات تطير.
قدمت ملاحظات القمر الصناعي “أيولس” الأولى من نوعها معلومات مهمة للتنبؤات المتعلقة بالأرصاد الجوية متوسطة المدى. أي أنها تتبعت سلوكيات الرياح التي من شأنها أن تسهم في معرفة أنماط الطقس لعدد من الأيام القليلة.
حسّن عمل القمر الصناعي “أيولس” من معرفة حركة الأعاصير وكيفية انتقال الرماد البركاني في الغلاف الجوي العالي.
قبل خدمات القمر الصناعي “أيولس”، كان يتم الحصول على ملامح الرياح من خلال مجموعة من الأساليب مثل قراءة أجهزة قياس شدة الرياح والبالونات والطائرات بالإضافة إلى الأقمار الصناعية التي تستنتج سلوك الرياح من خلال تتبع السحب في السماء أو عن طريق استشعار تقلب مياه المحيطات.
لكن هذه الأساليب كلها كانت مؤشرات محدودة تخبرنا بما يحدث في أماكن معينة أو على ارتفاعات معينة، ولهذا السبب كان القمر الصناعي “أيولس” يحظى بتقدير كبير.
وافقت الدول الأعضاء في وكالة الفضاء الأوروبية على ميزانية قدرها 413 مليون يورو لبدء العمل على مركبتين فضائيتين للمتابعة تحملان اسم “أيولس – 2”.
وستأتي مساهمة مالية أخرى تقترب من 900 مليون يورو من “يوميتسات”، وهي منظمة حكومية دولية تدير أقمار الأرصاد الجوية في أوروبا.
من المفترض أن تبدأ أولى هذه المتابعات بعد 10 سنوات من الآن.
وجاءت مساهمة بريطانيا في هذا المشروع بمبلغ وصل إلى 71 مليون يورو، بالإضافة إلى اشتراكها الكبير بنسبة 16 في المئة بمنظمة “يوميتسات”، كما أن الذراع البريطانية لصناعة الطائرات “إيرباص” ستقود على الأرجح إنتاج القمر الجديد مرة أخرى.