عاشوراء في اليمن.. ثقافة دخيلة يستخدمها الحوثيون للتحريض السياسي والدّيني (تقرير خاص)
يمن مونيتور/وحدة التقارير/ خاص
تعتبر ذكرى عاشوراء من الخرافات الدخيلة على المجتمع اليمني، وهي مناسبة دينية عهد الشيعة الموالون لإيران على محاولة ترسيخها وفرضها على الناس، كما يفعل الحوثيون اليوم في اليمن.
وفي تحدٍّ كبير للفكر والتاريخ والثقافة والهوية في اليمن، تحاول جماعة الحوثي اليوم، فرض هذه الثقافة الدخيلة على المجتمع اليمني بالقوة، إذ يستغلون ذكرى “عاشوراء” بطريقة ممنهجة لتحقيق أهدافها السياسية والتأثير على الناس، وتعمد غسل أدمغة الشباب وإقناعهم بأفكار الجماعة المتطرفة في الوقت الذي يتواصل فيه الحرب تدمير كل مقومات الحياة دون أن اكتراث من الجماعة لمعاناة المواطنين في مناطق سيطرتها.
ومع تفاقم الأزمة المعيشية التي تواجه اليمنيين، يواصل الحوثيون سياساتهم القمعية والإرهابية في المناطق التي يسيطرون عليها، حيث يحاولون إجبار الناس على الاحتفال بعاشوراء معهم وفرض جبايات عليهم، مستخدمين أجهزة الدولة لإحياء هذه الاحتفالات وفرض أفكارهم على الناس، في مساع يخدم أجندة إيران السياسية في المنطقة.
فيما يتعلق بالفعاليات التي نُظمت بمناسبة عاشوراء، شهدت جماعة الحوثي انعدام الاهتمام من قِبل المواطنين، خاصة في المحافظات المحررة الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، التي دعت وزارة الأوقاف والإرشاد فيها إلى حملة رفض واسعة لهذه الاحتفالات الطائفية.
الدين والسياسة
يستخدم الحوثيون التسويق السياسي لتحقيق أهدافهم، ومن ضمنها النهب وفرض الجبايات على اليمنيين، في المقابل يواصلون تجريف وتحريف المناهج التعليمية التربوية وزرع أفكار مغلوطة ودخيلة على المجتمع اليمني، بغية تحقيق هدف توسعي إيراني جديد في المنطقة.
وفي هذا الشأن، يقول مراقبون يمنيون، إن “ذكرى عاشوراء يستخدمها الحوثيون للتأكيد على مظلوميتهم التاريخية وتأجيج الكراهية ضد أعداءهم من المناهضين لهم، وهم يرفضون أن يتطبع أتباعهم نفسياً مع أعداء مشروعهم، ولذلك ينظمون فعاليات عاشوراء للحفاظ على الحاجز النفسي الذي يفصلهم عن المجتمع المحيط بهم، مشيرين إلى خطر الألغام الفكرية التي تزرعها الحوثية وتمثل تهديداً أكبر من الألغام المفخخة التي تستخدمها في المعارك العسكرية.
يجمع كثير من اليمنيين على أهمية مواجهة الحوثيين بشكل فكري أكثر من المواجهة العسكرية، لأن الأفكار تبقى وتترسخ رغم المعارك العسكرية. ويرى أن الحوثيين لا يندبون مأساة الحسين، بل يستغلون هذه المناسبة لممارسة مناورات عسكرية ضد المسلمين ولا يبديون أي اهتمام بمقتل الخليفة علي، الذي يعتبرونه أحد أعدائهم، وبالتالي فإن مظاهر البكاء في هذه الاحتفالات تستخدم لأغراض سياسية.
بهذه الطريقة، يرى مراقبون، أن جماعة الحوثيين تظهر وكأنها ترتكب استغلالًا سياسيًا ممنهجًا لذكرى عاشوراء بهدف تحقيق أهدافها الإيرانية وإجبار الناس على التطابق مع رؤيتها السياسية الضيقة، وهو ما يشكل خطرًا على استقرار اليمن وسلامة شعبه.
معتقدات وخرافات
وفي إطار برامجها وأنشطتها التوعوية، نظم برنامج التواصل مع علماء اليمن ورشة عمل يوم الأربعاء الماضي حملت عنوان “التصدي للأفكار الإرهابية المتطرفة والمنحرفة المستوردة إلى المجتمع اليمني من قبل الحوثيين”.
وتناولت الورشة الجهود الحثيثة التي يقوم بها الحوثيون لزرع هذه الأفكار في المجتمع وتجريفه بطابع طائفي، وذلك في سبيل الاستفادة منها في تحقيق أجنداتهم الخمينية الطائفية.
وقدم الشيخ أحمد المعلم، نائب رئيس هيئة علماء اليمن، ورقة بعنوان “يوم عاشوراء بين الحقائق التاريخية والشرعية والانحرافات الحوثية”.
في هذه الورقة، نفى المعلم بشكل قاطع بدع الحوثيين والأعمال المخالفة للشرع التي يمارسونها في ذلك اليوم المبارك، كما تحدث عن تضليلهم للناس تاريخيًا وشرعيًا في إحياء هذه المناسبة. حذّر اليمنيين من الانجرار وراء هذه الفتنة التي تستهدف تمزيق المجتمع وإثارة النعرات بينهم، كما أكد على ابتزاز الحوثيين لأصحاب المحلات والتجار تحت ذريعة دعم هذه المناسبات، مشيرًا إلى أنها تُشكِّل مصدر ثراء لقادتهم وتكون كابوسًا على رجال الأعمال.
من جانبه، تحدث كمال القطوي، عضو برنامج التواصل مع علماء اليمن، عن أبعاد الفعاليات الحوثية الطائفية وأبرز مخاطرها، مؤكداً أن صناعة الشرعية للحوثيين هي الأمر الأهم بالنسبة لهم، إذ يحاولون تعزيز مفهوم المظلومية والثأر بين أتباعهم.
وأشار إلى خطورة التحريض الطائفي الذي يُشجع عليه ضد المسلمين، حيث يُعتبر كل من لا يقر بالحوثيين بالسلطة والثروة قاتلًا مفترضًا للحسين بتفسيرهم، وبناءً عليهم، يُجيزون القتل براحة ضمير.
ودعا القطوي إلى تحشيد المجتمع والنخب للتصدي لتلك العقائد الانقلابية المدمرة، وأهمية تبني الأنشطة التوعوية في المناطق المحررة وتكثيف تلك الجهود لفضح وردّع الأفكار الحوثية الخطرة على الدين والمجتمع.
الفكر الحوثي وانحرافاته
من جهته، أشار الشيخ خالد الوصابي، عضو برنامج التواصل مع علماء اليمن، إلى الأدوار الرسمية والشعبية الضرورية لمواجهة الفكر الحوثي وتضليله وانحرافاته. أكد على أهمية تصدي المؤسسات الرسمية لتلك المناسبات التي تعد أساسًا لانقلاب الحوثيين وتمردهم على الشرعية.
ودعا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة وتبني الأنشطة الفعالة التي تعمل على التقليل من انتشار هذا الفكر المدمر وتعزز وحدة المجتمع. أكد أن الحوثيين بدأوا منذ فترة بنشر أفكارهم في المجتمع ومن بينها احتفالات يوم عاشوراء.
وأوضح الوصابي أن فعاليات الحوثيين في هذه المناسبة تمثل فرصة للخروج علنًا على الحكومة والأنظمة الرسمية.
تحذيرات حكومية
في السياق، أصدرت الحكومة اليمنية تحذيرًا بشأن انتشار خرافات جماعة الحوثي المدعومة من إيران وترويجها في المجتمع.
وأصدرت وزارة الأوقاف والإرشاد التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، تعمياً إلى لمدراء مكاتب الأوقاف والإرشاد في المحافظات، ولخطباء المساجد، والعلماء، والدعاة، والمرشدين، داعية إياهم إلى توعية الناس بضرورة تجنب خرافات الجماعة التي تهدف إلى تحويل يوم عاشوراء من يوم صومٍ وعبادة إلى يوم لطميات وبكائيات دون أي دليل شرعي.
وأكد التعميم أن هذه المحاولات الطائفية من الجماعة تهدف إلى تكريس انقلابها وفرض ثقافتها الطائفية على الشعب اليمني وتبرير عدوانها الغاشم على أبناء الوطن. وأكدت الوزارة أن مثل هذه الطقوس هي باطلة وتعارض الإسلام الحنيف الذي نتبعه، وهي عمليات نشأت في البداية بالتقليد الأعمى لممارسات الأعداء الذين تاريخيًا كانوا يستخدمونها في إيران بوصفها منكرات مرفوضة.
وأشار التعميم إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يعمل مثل هذه الأعمال المنكرة، حتى عندما فقد أقاربه وصحابته الكرام في مواقف مؤلمة، لم يتجاوز حزنه ومواجهته للأحداث الصادمة إلى هذه المستويات المقززة والمشينة التي تمارسها الجماعة المدعومة إيرانيًا.