هل وصلت جهود السلام في اليمن إلى طريق مسدود؟ (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ إفتخار عبده
استطاعت الأمم المتحدة في أبريل/ نيسان 2022 أن ترتب هدنة بين الحوثيين والحكومة اليمنية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، استمرت ستة أشهر لتنتهي دون تجديد في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
وفي أبريل نيسان الماضي زار سفير المملكة العربية السعودية صنعاء مع مبعوثين من سلطنة عمان لإجراء مباحثات مباشرة مع الحوثيين بهدف إحلال السلام في اليمن.
من جانبه، سافر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إلى صنعاء وعدن خلال الأسبوع الأول من مايو/ أيار على أمل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة بوساطة الأمم المتحدة.
هذا الأمر أعطى اليمنيين بصيصا من أمل في الوصول إلى حل يخرج البلاد من دوامة الحرب والصراع، خصوصا مع حدوث ثاني أكبر عملية لتبادل الأسرى.
ولا تزل المباحثات التي ترعاها الأمم المتحدة بمعية سفيرها مع أطراف النزاع في اليمن مستمرة، لكنها لم تحرز أي تقدم في تحقيق السلام الشامل.
ونتيجة لإطالتها دون التوصل إلى حل شامل؛ أثيرت العديد من التساؤلات حول الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والأطراف الإقليمية، فهل وصلت إلى طريق مسدود؟، خاصة مع استمرار التصعيد من قبل الحوثيين في العديد من الجبهات.
وفيما دعا المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أطراف النزاع إلى “الوقف الفوري للاستفزازات العسكرية، والاتفاق على وقف شامل ومستدام لإطلاق النار على صعيد البلاد والاستعداد له”، فإنه لم يحدد الطرف الذي يقوم بالاستفزازات العسكرية؛ الأمر الذي أغضب الكثير من المتابعين للمشهد اليمني ووصفوا هذه الدعوة بأنها “مستفزة بحد ذاتها”.
تحديات كبيرة
يرى محللون سياسيون بأن هناك تحديات كبيرة جدا في طريق مواصلة جهود السلام في اليمن، خصوصا مع وجود أطراف دولية وإقليمية تمتلك دورا فعالا في مجريات الأحداث في البلاد.
ويقول المحلل السياسي الدكتور علي الذهب: “لم تصل جهود السلام في اليمن إلى طريق مسدود، ولكن هناك تحديات كبيرة في طريق مواصلة عملية السلام، وعملية السلام هذه لم تعد تخص الأطراف المتحاربة في اليمن وحسب، ولكن أطرافا إقليمية ودولية لديها تأثير فاعل على مجريات هذه الأحداث “.
وأضاف الذهب لـ”يمن مونيتور”: “على الأقل في الوقت الراهن لا يمكن أن تنشب معركة في القوة ذاتها والقدر الذي كانت عليه قبل أبريل 2022م، لكنها قد تنشأ في المستقبل؛ إذا ما وجدت الأطراف الإقليمية نفسها بعيدة عن مشهد هذه الأحداث وحققت من وراء عملية السلام أهدافها المطلوبة، أعني بذلك السعودية من طرف الحكومة المعترف بها دوليا وإيران من طرف الحوثيين، وفي السياق العام تبرز الأهداف الدولية: مصالح الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فضلا عن الصين”.
وأردف: “هناك تصعيد وخفض تصعيد في إطار الهدنة الراهنة فكل طرف يلوح بالقوة لفرض شروطه على الطرف الآخر، أو لأجل التمسك بالمواقف التي يتبناها أي من هذه الأطراف، هناك تصعيد حوثي ملحوظ، يميل لاستخدام العنف بما يعد خرقا للهدنة، ولكن حتى الآن ليس هناك ما يمكن وصفه بأنه عنف كما كان قبل أبريل 2022″.
وبين الذهب أن” المحادثات السعودية والحوثية أخذت مسلكا آخرا، وهو مسلك غير رسمي، معلن وغير معلن، لكن تلك التفاهمات تدار في الخفاء”.
وأشار إلى أن “هناك تفكيك للأزمة يسير بخطى بطيئة، هذه الخطى يبرز في ثناياها حل للأزمة، كتسوية أزمة ناقلة النفط صافر، وهذا يعد إنجازا كبيرا فقد كان ورقة سياسية”.
وبيّن: “قد نجد أنفسنا خلال الشهرين القادمين أمام متغير يشير إلى أن هذه المفاوضات تؤتي ثمارها، ولكن ليس بحجم التطلع الذي يحاول المتمردون الحوثيون تحقيقه، وليس بحجم التطلع الذي تحاول الحكومة اليمنية تحقيقه”.
واختتم: “أتصور أن الحوثيين هم الذين سيحرزون مكاسب أكثر؛ لأن هناك تسليماً تجاه ما يشترطه الحوثيون من اشتراطات تحقق لهم مكاسب أكثر من مكاسب الحكومة؛ لأن الأطراف الإقليمية تقايض بالقضية الوطنية التي تتبناها الحكومة مقابل استرضاء الحوثيين وكسب هدوئهم”.
باءت بالفشل
يرى محللون آخرون بأن التحركات الإقليمية والدولية المستمرة منذ سنوات طويلة باءت بالفشل في التوصل إلى حل سياسي وتسوية سياسية في البلاد.
في السياق ذاته يقول المحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي، إن “التحركات الإقليمية والدولية، وتحركات المبعوث الأممي منذ سنوات عدة وحتى اللحظة باءت بالفشل بالنسبة للوصول إلى تسوية سياسية لإحلال السلام في اليمن”.
وأضاف الفاتكي لـ”يمن مونيتور” أن “المجتمع الدولي عجز عجزا تاما وأخفق إخفاقاً شديداً في الوصول إلى تفاهمات ومعالجات وتقدم ملموس ونتائج إيجابية مثمرة في الملفات الإنسانية التي لها علاقة بالحرب؛ كملف الأسرى والمختطفين ورواتب الموظفين”.
وأردف: “ثماني سنوات من الحوار والتفاوض مع المليشيات باتت لدى اليمنيين كافية، وباتت لديهم قناعة تامة بأن السلام مع هذه المليشيات عبر أدوات السياسة ووسائلها لا يمكن أن يتحقق”.
وتابع: “لا يمكن أن يتحقق السلام إلا عبر فعل عسكري ناجز تقوم به الحكومة الشرعية تحرر من خلاله بقية المناطق المحتلة، وتعيد سيطرة الدولة وتبسطها على كامل التراب الوطني”.
ولفت إلى أنه “ما تزال مليشيا الحوثي حتى اللحظة الراهنة تنفذ عمليات عسكرية في الجبهات، لا سيما في مأرب وتعز، وما تزال تستهدف المنشآت السكنية والمناطق الآهلة بالسكان في مأرب وتعز، عبر صواريخها الباليستية والقذائف المدفعية أو عبر الطائرات المسيرة أو في قنص المواطنين في المناطق المحاذية لخطوط التماس”.
وأكد أن “الذي ساعد المليشيات الحوثية في استمرارها بهذا الصلف هو موقف المجتمع الدولي المتواطئ معها، والذي حتى الآن لم يستخدم ضغوطا جادة على هذه المليشيات لإجبارها على الأقل أن تنفذ الالتزامات التي وقعت عليها، سواء في السويد أو في الهدنة الأخيرة التي رعتها الأمم المتحدة”.
وأشار إلى أن “حوار الحوثيين مع المملكة العربية السعودية هو صدى وانعكاس لمدى تحسن العلاقة، أو عودة العلاقات بين الرياض وطهران، أرادت المملكة من خلال هذه المحادثات تأمين حدها الجنوبي، وكف المليشيات الحوثية من استهداف الأعيان الاقتصادية السعودية عبر الصواريخ الباليستية أو الطائرات المسيرة، وبالتالي فإن انسداد الأفق بين الرياض والحوثيين وتحقق نتائج من عدمها مرهون بمدى تحسن العلاقة بين الرياض وطهران “.
في طريق مسدود
فيما يوضح ناشطون إعلاميون بأن طريق السلام مسدودة منذ بداية التفاوض مع الحوثيين، خاصة مع استمرار تصعيدهم في العديد من الجبهات دون وجود أي رادع لهم من قبل المبعوث الأممي.
بدوره يقول الناشط الإعلامي، حمزة الجبيحي، إن “السلام قيمة إنسانية عظيمة الكل ينشد تحقيقها في هذا العالم، وجهود السلام في اليمن هي في طريق مسدود منذ البداية وليست من الآن، إنما لنفترض أننا أحسنا النوايا وطالبنا الحوثيين بالجنوح للسلم، لكن الحوثيين هم قوم موت وحرب وليسوا قوم سلام وحياة، ومناشدة السلام من الحوثيين هو مجرد مضيعة للوقت وفرص لتقوية الحوثيين في ترتيب أوراقهم”.
وأضاف الجبيحي لـ”يمن مونيتور”: “الحوثيون يهجمون ويقصفون ويقنصون في الكثير من جبهات القتال، وقد أشعلوها في العديد من الجبهات؛ أبرزها جبهات الجوف ومأرب وتعز بالقنص والقصف آخرها استشهاد امرأة وطفلها في مديرية حيفان محافظة تعز بقصف صاروخي، وليس اشتباكات في الجبهات وحسب، فالتوتر بين الحكومة والحوثيين لم يهدأ حتى يعود من جديد”.
ويرى أن “المبعوث الأممي هو أكبر متماهٍ مع جماعة الحوثي، وقد دعا المبعوث على استحياء وأسماها استفزازات عسكرية، لكنه لم يحدد من أين هذه الاستفزازات، لم يحدد من يقوم بها ولم يقل إن الحوثيين ينسفون جهود السلام وهم من يبدؤون بالقنص والقصف برغم سريان الهدنة، والحقيقة أن دعوة المبعوث الأممي هي مستفزة بحد ذاتها “.
وتابع” المملكة العربية السعودية قدمت الكثير من التنازلات للحوثيين من ضمنها إرسال وفد إلى صنعاء وقد أرسلت ذلك ولكن الحوثيين لم يقدروا هذا لأنهم لن يعيشوا بغير الحرب، وهم لا ينشدون السلام ولا يريدون السلام في اليمن وبالتالي يجب ألا نستجديهم أكثر؛ لأن الحوثي لن يرضخ لأي دعوات سلام ولا لأي قرارات دولية تنشد السلام إلا إذا انكسر عسكرياً في الميدان، وهذا هو الواقع الذي يجب أن يكون”.