الريال اليمني يعاود انهياره أمام العملات الأجنبية… الأسباب والتداعيات! (تقرير خاص)
يمن مونيتور/افتخار عبده
عاود الريال اليمني انهياره أمام العملات الأجنبية بشكل غير مسبوق منذ تشكيل المجلس الرئاسي في أبريل نيسان 2022م.
وسجل الريال اليمني1400 ريال مقابل الدولار الأمريكي، وقبل شهر من الآن كان الريال اليمني يساوي 1300دولار، يحدث هذا في الوقت الذي تشهد فيه أسواق الصرافة المحلية شحه في العملات الأجنبية.
ويواجه الاقتصاد اليمني تداعيات جسيمة خلفتها الحرب، وزاد في ذلك استمرار توقف تصدير النفط من المواني الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، عقب الهجمات التي شنها الحوثيون على المواشي قبل قرابة 8 أشهر.
ويقول عبد الرزاق حمنة “خبير اقتصادي” دور البنك المركزي هو أن يحافظ على سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية؛ وذلك من خلال احتياطي العملات الأجنبية التي تورد له- بالعادة- من واردات الدولة “.
وأضاف حمنة ل” يمن مونيتور “البلدان بشكل عام من الناحية الاقتصادية إما أن يكون هذا البلد مصدرا أو مستوردا، أو يكون مصدرا ومستوردا في الوقت نفسه، والبلد المصدر عادة لا يحتاج إلى النقد الأجنبي بكثرة؛ لأنه إما أن يبيع سلعته بالعملة المحلية وبالتالي سيكون هناك طلب للعملة المحلية، أو أن يبيع بالعملة الأجنبية ويحصل على الكثير منها مما يزيد في الاحتياطي لديه”.
وأردف “معروف أن اليمن هو بلد مستورد بامتياز وهذا ما يجعل الطلب على العملة الأجنبية فيه بشكل كبير؛ لأن الاستيراد يكون عن طريق العملة الأجنبية، والمؤسف أن البنك المركزي لا يوجد لديه احتياطي، وكذلك لا توجد موارد تغذي البنك بالعملة الصعبة، والتجار مستمرون بالاستيراد من الخارج ولا يوجد ما يغطي فاتورة المشتريات أو ما تسمي ب” الاعتمادات المستندية “وهذا هو عمل البنك المركزي لكنه يرفع يده عن هذا وترك الأمر للتجار بشراء العملة الأجنبية من السوق وهنا حدث تضارب بالعملة ما أدى إلى ارتفاعها بسبب زيادة الطلب عليها”.
وتابع “هذا الأمر يؤثر كثيرا على المواطنين من حيث إن التجار يشترون العملة الأجنبية بسعر مرتفع ما يجعلهم يرفعون سعر السلع التي يبيعونها على الناس داخل البلاد، علما بأن المواطنين الموظفون على سبيل المثال ما زالوا يستلمون مترتباتهم بالعملة المحلية والكثير منهم من لا يتسلم أي مرتب وهذا الأمر بلا شك ينعكس سلب على المواطنين وخاصة معدومي الدخل”.
وأشار عبد الرزاق في حديثه ل “يمن مونيتور” إلى أن “توقف تصدير النفط في الفترة الأخيرة أثر كثيرا على سعر الريال اليمني، فالحكومة تعتمد بشكل كبير في ميزانيتها على تصدير النفط؛ إذ إن أغلب موارد الدولة هي من تصدير النفط، فالنفط أهم مورد للدولة الذي يدر عليها الدولار، لكن للأسف الدولة الآن معتمدة بشكل أساسي على المساعدات السعودية، ما تسمى بالودائع وقد مضت فترة طويلة على آخر وديعة”.
وبين أن “الوديعة التي تأتي للبنك المركزي هي تودع في حسابات البنك المركزي في الخارج وبالأخص حساب البنك المركزي اليمني لدى البنك الأهلي السعودي وليس كما يظن البعض في أنها تصل إلى عدن، هي تودع في حساب البنك المركزي أو الأهلي في السعودية من أجل تغطية قيمة المشتريات الأساسية للدولة ك الدقيق والأرز… ونحوهما”.
وأوضح أن “فتح ميناء الحديدة بشكل غير مقيد وهذا ما أثر بشكل كبير على انهيار الريال اليمني في العملة الجديدة، فسلطات جماعة الحوثي في صنعاء أجبرت التجار في مناطقها على الاستيراد عبر ميناء الحديدة فقط، هذا الأمر أثر على حركة الإيرادات في عدن فالسفن التي كانت تجيء عن طريق ميناء عدن أصبحت تأتي عن طريق ميناء الحديدة وتحرم الحكومة الشرعية من وارداتها وتذهب الواردات إلى جيوب الحوثيين “.
وأكد أن “تكلفة الاستيراد عبر ميناء الحديدة أكبر بكثير من الاستيراد عبر ميناء عدن وهذا الأمر ينعكس على سعر السلعة في مناطق سيطرة الحوثيين فلو وضعنا مقارنة لوجدنا أن أغلب السلع وأغلب الخدمات أسعارها مرتفعة في مناطق الحوثيين عن مناطق سيطرة الشرعية في عدن وغيرها لكن البعض لا يدرك هذا بسبب اختلاف أسعار العمليتين، ولكن الحوثيين يأخذون إلى جانب الجمارك جبايات أخرى كثيرة جدا على التجار وهذا ينعكس على سعر السلعة هناك”.
في السياق ذاته يقول الصحافي خالد الحاتمي “عاود الريال اليمني انهياره أمام العملات الأجنبية بشكل مقلق للمواطنين الذين يكابدون شظف العيش بكل حين”.
وأضاف الحاتمي ل “يمن مونيتور” توقف تصدير النفط من المونئ المحلية أثر بشكل كبير على الاقتصاد اليمني بالإضافة إلى عدم الوفاء بالوعود من قبل الأشقاء في التحالف العربي بدعم البنك المركزي بالودائع التي وعدوا بها بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي “.
وبين أن” الهجمات الحوثية على الموانئ الاستراتيجية المحلية الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشريعة شكلت تهديدا خطيرا على العملة، نتيجة توقف تصدير النفط الذي كان بدوره يرفد الاقتصاد اليمني بالشيء الكثير “.
وأكد أنه من الضروري” رفد البنك المركزي بودائع طارئة لمعالجة التدهور بشكل مستعجل، ومن ثم الانتقال إلى إعادة تصدير النفط وتأمين المؤاني المهمة والأهم من ذلك، فتح الموانئ المغلقة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وتفعيلها “.
بدوره يقول الصحافي آدم الحريبي” يتابع المواطنون استمرار ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بقلق كبير، ويعانون كثيرا نتيجة ما يترتب على هذا الارتفاع من ارتفاع في الأسعار ابتداء من أسعار المواد الغذائية والمشتقات وانتهاء بالإيجار والمواصلات، دونما حيلة لديهم، خصوصا لمحدودي الدخل ومعدوميه “.
وأضاف الحريبي ل” يمن مونيتور “هذا الانهيار في سعر الريال يضاعف معاناة المواطنين وخاصة في المناسبات مثل الأعياد التي تتطلب شراء الكثير من المستلزمات الضرورية التي لا غنى عنها”.
وتابع “يعاني المواطنون من ارتفاع أسعار السلع ومستلزمات المعيشة والسكن جراء ارتفاع أسعار الصرف، والمؤسف أن كل هذا يمر دونما أي معالجات أو حلول تصب في الرفع من قيمة الريال اليمني”.
وواصل “هذا العناء الذي يعيشه المواطنون اليوم ليس وليد اللحظة ولكنه قديم منذ بداية الأزمة اليمنية وما رافقها من تدهور في العملة المحلية”.
من جهته يقول المواطن “صلاح عبد الله” إن: “تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية أثر على حياة الكثير من المواطنين اليمنيين، وبات أكثر من عشرين مليون نسمة على وشك المجاعة”.
وأضاف عبد الله ل “يمن مونيتور” اليمنيون يعانون منذ قرابة تسع سنوات من أزمات كثيرة متتالية، إزاء الحرب الدائرة في البلاد، لكن تدهور الريال اليمني أجج معاناتهم بشكل كبير جدا “.
وتابع” غالبية أبناء المجتمع اليمني يعملون في الأجر اليومي، وعدم توفر الأعمال يفاقم معيشتهم جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي ترتفع مع تدهور الصرف “.
وزاد” الكيس الدقيق أصبح سعره ما يقارب 50ألف ريال يمني والزيت المستخدم في طهو الطعام سعة أربعة لترات وصل ل “تسعة آلاف ريال” الأمر الذي يفاقم المعاناة لدى أصحاب الدخل المحدود وغيرهم “.
ولفت إلى أن” أصحاب الدخل المحدود من العاملين في القطاع الخاص يعانون بشكل كبير من غلاء الأسعار إثر مرتبهم المحدود 60ألف ريال يمني “.
واختتم حديثه قائلا:” أتمنى أن يتعافى سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وأن تنخفض أسعار المواد الغذائية، كي نستطيع العيش، لكننا كلما تمنينا نتفاجأ بالعكس كما يحدث اليوم “.