ما تزال خيوط جريمة اغتيال أمين الرجوي تتكشف كل يوم، وتحمل بصمات أكثر من مجرم في عملية الاغتيال القاسية التي تعرض لها وهو في الأسر أعزل ومكبل. ما تزال خيوط جريمة اغتيال أمين الرجوي تتكشف كل يوم، وتحمل بصمات أكثر من مجرم في عملية الاغتيال القاسية التي تعرض لها وهو في الأسر أعزل ومكبل.
أمين الرجوي، الشخصية السياسية الوطنية والمدنية في إب واليمن، الذي اغتيل في شهر مايو، وهو الشهر الذي من خلاله عرف اليمنيون الحياة السياسية العلنية والممارسة الديمقراطية لتؤكد عملية اغتياله أنها أيضاً عملية استهداف للسياسة وللديمقراطية من قبل خصوم الديمقراطية والتغيير وتحالف ثورتين مضادتين؛ ثورة مضادة لسبتمبر تعاملت مع أمين كخصم جمهوري، وثورة مضادة لفبراير تعاملت مع أمين كخصم سياسي للحكم العائلي والتوريث السياسي..
والواضح من خلال خطابات أمين الرجوي وحواراته وتصريحاته أنه شخصية سياسية تتمتع بقدر من الحنكة القيادية والانحياز إلى الناس، ظهر ذلك من خلال كثير مواقف.
ويبدو أن الرجل كان يبهرهم ذكاؤه السياسي وحرصه الوطني واتزانه ومعرفته بخيوط السياسة في اليمن ما ظهر منها وما بطن.
إضافة إلى أن أمين كان شخصية شعبية اجتماعية، منخرط مع الناس في أفراحهم وفي أحزانهم وتلك البساطة غير المتكلفة تحرج نخب السلطة الفوقية التي تتحدث إلى الشعب من خلف أبراج عاجية، وتبدو بعيدة عن يوميات الناس، وإن تظاهرت بالاقتراب الشكلي منها.
إن تركيز تحالف الانقلاب على الشخصيات السياسية الوطنية ومحاولة استهدافها، إما عن طريق الاغتيال أو الاختطاف، رسالة واضحة أن حقدهم التاريخي على العقل السياسي الوطني الفاعل في عملية التغيير متوارث ومتسلسل مثل الأمراض الوراثية التي تتناسل عبر الأجيال. ويبدو أن ما بعد ثورة فبراير كما بعد ثورة سبتمبر، نفس المخطط لأعداء الثورة والحرية والتغيير، فحينما تم استهداف العقل الوطني بعد سبتمبر كانت البداية بالعقل الفكري والسياسي الذي أسهم في صياغة أهداف الثورة ومشروعها السياسي والاجتماعي بقائد تنظيم الأحرار علي عبد المغني. ثم استهداف ضمير الحرية والهوية الشهيد محمد محمود الزبيري، كما تم استهداف الشهيد الدعيس والشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب وتم الإطاحة بالعديد من العقول الجمهورية إما عن طريق الانقلاب عليها أو تهميشها أو عزل فاعليتها السياسية والشعبية عن الجماهير.
الهدف الجوهري لاغتيال الرجوي هدف سياسي واضح المعالم باعتباره العقل المنحاز إلى تطلعات الشعب والمسكون بفكرة اليمن، الأرض والانسان..
أمين الرجوي الشخصية السياسية اليقظة، وإذا ما تعلق الأمر بالشخصيات السياسية اليقظة تلك الشخصيات التي لا تعاني من سوء فهم سياسي وخالية من أي خصومات تاريخية أو جغرافية مع الذات الوطنية والانسانية الجامعة.
والواضح أن هنالك أكثر من مجرم في جريمة اغتيال الرجوي، كما تتضح العديد من المراسلات والتحركات التي صاحبت عملية اختطافه واغتياله أيضاً، ولو توفرت عدالة انتقالية حقيقية في يوم قائمة على حق المعرفة، ستنكشف تلك الخيوط المرئية وغير المرئية.