كانت عدن منارة ثقافية , انتشر أبناؤها في ارجاء محيطها الجنوبي لنشر العلم والمعرفة وتنوير العقول , وكان يطلقون على الفرد منهم بالعدني , ومن عادات تلك القبائل والمناطق في الاعراس والمناسبات يقدمون اللحم مع ذكر مكانة الفرد واسمه , كان دائما يقال الأستاذ فلان العدني , كنا نفتخر بعدنيتنا .
العدني هوية مدنية , و مجتمع كوسموبوليتي , مجتمع اممي متنوع الأعراق والثقافات والاطياف والعقائد , جمعتهم عدن المدينة والمدنية , تعايشوا فيها بحب و ود وتسامح , بعد ان سكنوها وسكنتهم , قيل انهم تعدنوا , وصاروا جميعا عدانية.
ما الذي يزعج اليوم البعض , من الحديث عن الهوية العدنية , والحديث عن تجمع عدني , او ائتلاف عدني , او منتدى عدني , تعبيرا عن تلك الهوية وحقوقها في ظل المشروع الوطني والهوية الوطنية المتوافق عليها .
من المؤسف أن يتحدث البعض عن الدولة الفدرالية , أو عن الحكم الذاتي للمحافظات , او عن الأقاليم , او عن انشاء مكونات خاصة ,مشاريع تهدف للخلاص من استبداد النفوذ المناطقي والقبلي والسلالي والعسكري , تخفيفا من حالة الظلم والاضطهاد للمستضعفين , والمستضعف هنا هم المدنيين , و حان الوقت ليستعيدوا حقهم في إدارة شئونهم بطريقة اكثر رقي وتحضر , بفدرالية تحقق لهم استقلال ذاتي مع إبقاء بعض الروابط الوطنية , لوحدة الامة .
عدن منذ الاستقلال , عانت الكثير من الصراع الايدلوجي , الذي تطور لصراع مناطقي , وتشكل من خلال ذلك الصراع نفوذ عسكري لمناطق بذاتها , تستحوذ و تستأثر بالسلطة والثروة , وتستضعف عدن , و تضطهد أبنائها وحرمتهم من حقهم في إدارة مدينتهم , تحت عنوان عدن عاصمة .
عدن عاصمة بحكم مقوماتها , واهم تلك المقومات هي مجتمعها المدني , ومستواه الثقافي والعلمي , والكم من الكوادر والمؤهلين القادرين ليس على إدارة شؤون مدينتهم فقط بل شؤون البلد , بكل حنكه واقتدار , اذا كان هناك دولة كفاءات , لا دولة محسوبية ومناطقية وقبلية وشلليه وجهوية .
للأسف ان اجد من أبناء هذه المدينة المعطاة , يتماهون مع رفض الدعوة لتشكيل كياني عدني جامع , بمسمى ائتلاف عدني او حتى منتدى عدني , او مركز تراث عدني , على اعتبار ان كلمة عدني تجرح مشاعر اسيادهم .
ويتعذر البعض بشعار عدن للعدنيين , في غفلة بتاريخ الجمعية العدنية , التي أعلنت وقتها هذا الشعار, بهدف ان تحافظ لعدن هويتها العربية واليمنية , بعد ان كان المستعمر يضع العرب في عدن من أبناء المحميات وشمال الوطن في درجه اسفل من معاونيه وموظفيه الذين جلبهم معه من مستعمراته , كان حينها مشروع وطني بحث , اليوم اختلف الوضع وصار الجميع عدانية لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات , وعندما نقول عدن للعدنيين , نعني عدن يجب ان يديرها أبناؤها من المدنيين , الذين سكنوا عدن , وتعدنوا , وضعفت روابطهم العصبية بقبائلهم , صارت عدن هويتهم ثقافتهم سلوكهم , تربوا وترعرعوا في كنفها , تعلموا ودرسوا في مدارسها , انصهروا في مجتمعها (الكوسموبوليتي ) , المنضبط بروح القانون والنظام , عدن انتمائهم بعد ان ضعف لديهم الانتماء القبلي والسلالي والعشيرة وتعصبها .
من حق عدن ان يكون لها كيانها السياسي والثقافي والفكري , من حقها ان تدير ذاتها , وان ترعى خصوصيتها كمدينة وكمنطقة حرة ومركز تجاري واقتصادي ,كما هو مشار في مخرجات الحوار الوطني , ويتطلب ذلك نص قانوني , يضمن عدم التسلط عليها الاستحواذ بها بقوة البندقية والقبيلة , وبشعارات مناطقية لم تقدم غير الويلات والماسي والنكبات لعدن وابناؤها .