تقاريرغير مصنف

في ذكراها الـ26.. الوحدة اليمنية تتعرض لـ”هزات عنيفة” تهدد بزوالها

دول الغرب لن تسمح بحدوث انفصال في اليمن الملتهب منذ أكثر من عام، في وقت يسعون فيه إلى حل سياسي سلمي بين الحكومة والانقلابيين. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
خلافا للأعوام السابقة، تتعرض الوحدة اليمنية في ذكراها الـ26، لهزات عنيفة تهدد بزوالها، فبعد عام من اجتياح الحوثيين وقوات موالية للرئيس السابق “علي عبدالله صالح” للمحافظات الجنوبية التي توحدت في العام 1990 مع شمال البلد، يقرع الجنوبيون هذا العام طبول الانفصال أكثر من أي وقت مضى، ويلوحون بإعلان الانفصال اليوم السبت في مهرجان خاص سيقام في عدن، جنوبي البلاد.
وعلى الرغم من تلويح الحراك الجنوبي، ذي النفس الانفصالي، بفك الارتباط في أعوام سابقة، ويرفع من سقف أحلامه التي تتبخر مع مرور الذكرى، إلا أن العام الجاري سبقه اجراءات عملية تمهّد للانفصال، تمثلّت بترحيل المئات من المواطنين المنحدرين لمحافظات شمالية من أراضي مدينة عدن، التي يطلق عليها الداعين لتقرير المصير بـ”العاصمة”.
وتصادف الذكرى الـ26 للوحدة اليمنية بين شمالي البلد وجنوبه، غداً الأحد، وفيما يحضّر الحوثيون الذين يحكمون العاصمة صنعاء والمتهمون بإطلاق الرصاصة الأخيرة في نعشها باجتياحهم لعدن العام الماضي، حذّرت فصائل الحراك الجنوبي من أي احتفالات بالمناسبة، ودعت الموظفين لممارسة مهامهم باعتباره يوما عاديا، وليس عيدا وطنيا يستوجب اجازة رسمية.
ووفقا لمراقبين، فإن الانقلاب الحاصل على السلطة من قبل جماعة الحوثي المسلحة وحليفها الرئيس السابق علي عبدالله صالح، هو السبب فيما وصلت إليه الوحدة اليمنية، وجعلها تترنح أكثر من أي وقت مضى.
ويرى رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام، “باسم الشعبي”، أن استمرار الانقلابيين (الحوثيون وحزب صالح)، في السيطرة على السلطة بقوة السلاح، يهدّد الوحدة الوطنية في البلد بشكل عام، وحتى في إطار الشمال، وليس جنوب البلد فحسب.
وقال الشعبي لـ(يمن مونيتور): “عدم عودة الحكومة الشرعية التي تمارس مهامها من العاصمة السعودية الرياض منذ أكثر من عام، يترك الفرصة لقوى الحراك الجنوبي في المطالبة بتقرير المصير، أو حكم ذاتي للجنوب، والفرصة سانحة الآن، وقد يلقى هذا المطلب دعما من دول التحالف”.
ويعتقد الشعبي، أن عودة الحكومة اليمنية الى العاصمة المؤقتة عدن لمزاولة مهامها سيمتص الكثير من الغضب في الجنوب، وبالتالي سيردم الفجوة الكبيرة لغياب السلطة، لكن استمرارها في المنفى، يمنح قوى الحراك الحركة لإثبات ذاتها ووجودها وترتيب صفوفها لتحقيق انتصار من نوع ما.
ويرى مراقبون، أن دول الغرب لن تسمح بحدوث انفصال في اليمن الملتهب منذ أكثر من عام، في وقت يسعون فيه إلى حل سياسي سلمي بين الحكومة والحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح
يقول الشعبي “إذا استمر الشمال في حالة صراع مستمر، ومسيطر عليه من قبل الانقلابيين والحكومة الشرعية في المنفى، قد تلجأ بعض القوى الغربية لتنفيذ بعض مطالب الحراك في حدود واقعية، كأن يتم تفضيل الحكم الذاتي في الجنوب على الانفصال الذي قد يلقى معارضة عربية الآن”، مضيفاً “قد يحدث هذا السيناريو كنوع من احتواء الجنوب والحفاظ عليه حتى يتم الانتهاء من المعركة في الشمال وعودة الأوضاع الى طبيعتها”.
وخلافا للأصوات التي تتوقع حصول انفصال أو حكم ذاتي على الأقل، يعتقد مراقبون، أن الأرضية ليست مهيأة بشكل مطلق لحدوت أمر كهذا.
ويرى الكاتب الصحفي “جمال حسن”، أن إعلان الانفصال في الجنوب والذي تداولته بعض الصحف وناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي، يبدو منافياً للوقائع، وخارج السياق السياسي لما يدور حالاً.
وقال حسن لـ(يمن مونيتور): “الانفصال ليس مهيأ له الآن بحكم الأحداث والتعقيدات الحالية، كما أنه لن يحظى بدعم على الأقل من دول التحالف، لأنه يتعارض مع مشروعية تدخلها العسكري في اليمن، فتدخلها يقوم على انهاء حالة الانقلاب وإعادة الشرعية، التي يمثلها الرئيس عبدربه منصور هادي”.
وأضاف، “بعد انهاء هذه الحالة الانقلابية لصالح والحوثي، يمكن الحديث عن فك الارتباط كمشروع سياسي؛ وليس كهوى يقوم على التخيلات والأحلام”.
ويعتقد مراقبون، أن يلقى قرار الانفصال في الوقت الحالي، رفضاً مطلقاً من قبل الدول الغربية أيضا، وخصوصا أمريكا، والتي تولي كل اهتمامها حاليا لحرب تنظيمي القاعدة وداعش، وسترى أن الانفصال عن يوسع من نشاطهم في مدن الجنوب التي ينشطون فيها بالأساس.
وتوقع مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام، وهو مركز دراسات وإعلام، ينشط في عدن، جنوب اليمن، أن يستجيب الإقليم، والعالم، للمطالب الجنوبية في حدودها الواقعية، ويعمل على دعم فكرة الحكم الذاتي، في اقليم الجنوب، في حال استمر الصراع في شمال اليمن، وسيطرة الجماعة الانقلابية على العاصمة صنعاء، وظلت الرئاسة، والحكومة اليمنية، خارج البلاد.
وقال مسارات، في بلاغ وصل (يمن مونيتور) نسخة منه، إن هذه الخطوة، التي سيترتب عليها تشكيل حكومة محلية مستقلة، لإدارة شئون الجنوب، ودعم استقلالية البنك المركزي، في العاصمة عدن، وانشاء شركات اتصالات خاصة، وإعادة بناء مؤسستي، الجيش، والأمن، على اسس سليمة، الهدف منها حماية الجنوب، من أي غزو عسكري جديد، أو السقوط في يد الارهاب، والتسريع بعجلة التنمية، والاعمار، في هذا الجزء الهام من اليمن، للحفاظ على المصالح العربية، والدولية، وحماية خطوط الملاحة العالمية، وقطع يد إيران من الوصول، الى باب المندب، والاضرار بالمنطقة العربية.
ويرى المركز، أن من أهم العوامل التي تدعم انجاح فكرة الحكم الذاتي، في الجنوب، هو فشل محادثات الكويت، واستمرار هيمنة الانقلابيين على السلطة في الشمال، مع عدم تحقيق أي نصر عسكري للشرعية هناك، بالإضافة إلى استمرار الحكومة اليمنية في المنفى، فضلا عن حاجة الجنوب المحرر، إلى حكومة قوية، تدير شئونه، من الداخل، وتعمل بمساعدة التحالف العربي، على إعادة تطبيع الأوضاع، وتحقيق الأمن، والاستقرار، وإعادة البناء، والاعمار.
وقال مسارات، إن مطالب الكثير من أبناء الجنوب، تهدف إلى استعادة الدولة الجنوبية، كاملة السيادة، وهو المطلب السياسي، الذي رفعته الثورة الجنوبية، منذ انطلاقتها، قبل نحو تسعة أعوام، لكن هذا لن يتحقق في هذه المرحلة، نظرا للظروف السياسية، المعقدة، التي تمر بها اليمن، والمنطقة العربية، والتي تواجه تحديات، ومؤامرات كبيرة، تتطلب مزيدا من التماسك، لمواجهتها، وهو ما يجعل فكرة الحكم الذاتي، أقرب إلى التحقق، بدعم من التحالف العربي، وتحت اشرافه.
ويتوعد الحوثيون بأنهم لن يسمحوا بحدوث الانفصال، وفي بيان لـ”علماء” موالين للجماعة تم الاعلان عن “وجوب الجهاد لتحرير الجنوب من ما أسموهم بالغزاة الأمريكيين”، وقالوا إن “الوحدة ستعمّد بالدم”.
ويستبعد مركز “مسارات” أن تتمكن قوات (الانقلابيين)، من العودة مرة أخرى إلى الجنوب، رغم ما وصفه بـ”التحشيد الكبير”، نظراً لتغير موازين القوى على الأرض لصالح الجنوب، الذي بات يمتلك جيشا منظما، ومقاومة مدربة، وعتاد كبير من السلاح، الثقيل، والمتوسط، ووقوف قوات التحالف إلى صفه، إضافة إلى وجود رغبة شعبية كبيرة للانخراط في القتال إلى جانب الجيش والمقاومة الجنوبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى