كيف يساهم خطاب الكراهية في تأجيج الصراع باليمن؟
يمن مونيتور/ إفتخار عبده
صادف الثامن عشر من يونيو اليوم العالمي لمناهضة خطاب الكراهية، والذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام2021م، في تسليطها الضوء على المخاوف العالمية بشأن الانتشار المتسارع لخطاب الكراهية في العالم.
وتأتي هذه المناسبة بالتزامن مع استمرار تصاعد خطاب الكراهية بين أطراف الصراع في اليمن، سواء كان في وسائل الإعلام أو عبر منصات التواصل الاجتماعي أو في أرض الواقع؛ الأمر الذي تسبب في تفكيك النسيج الاجتماعي، واستمرار القتال وارتفاع ضحايا الانتهاكات الجسيمة.
وتبقى جماعة الحوثي في رأس قائمة نشر خطاب الكراهية الطائفي، سواء كان في الواقع المعاش أو في الواقع الافتراضي، وضحايا خطاب الكراهية التي تجاهر به هذه الجماعة كثيرة، ووصل بهم التحريض إلى قتل الأبناء آباءهم بطرق وحشية وبدم بارد.
ويستمر الانتقالي في تصعيده الخطابي الذي يعمل على تفكيك النسيج المجتمعي وإثارة النعرات في الأوساط السياسية والاجتماعية في الوقت الذي يبحث فيه اليمنيون عن السلام.
وبات خطاب الكراهية في اليمن السلاح الذي يشهره الإنسان في وجه من لا يوافقه الرأي متمثلين بذلك مقولة “إذا لم تكن معي فأنت ضدي” ولا يقصر الأمر على طرفي الحوثي والانتقالي، بل أصبح خطاب الكراهية اليوم متداولا في الأسواق والحارات والجامعات والمدارس بشكل يبعث الأسى.
ويقول توفيق الحميدي (رئيس منظمة سام للحقوق والحريات- مقرها جنيف) “ساهم خطاب الكراهية في تأجيج الصراع في اليمن، حيث عمدت هذه الأطراف التي حشدت كل أدواتها الفكرية والدينية والتاريخية، وسخرت كل الأدوات والوسائل لذلك من أجل تبرير ممارساتها وإلغاء الآخر وملأت عقول الناس والأفراد بأفكار الانتقام ونزعة الكراهية والتفرقة العنصرية، التي كان لها الأثر في كثير من الممارسات الصارمة “.
وأضاف الحميدي ل “يمن مونيتور” تركز الخطاب على الطائفية، والمناطقية، وتارة العرق، وساهم بالدعوى للقتل والاحتقار، والإيذاء النفسي، والفكري وللأسف تم استحداث مواقع تفرغ لهذا الغرض، إعلاميون مخصصون لهذا الغرض، فانتشر في وسائل التواصل الاجتماعي جميعها، بأسماء معلنة أو تحت أسماء وهمية ومستعارة “.
وأردف” هذا الخطاب نسف قيم التعايش والسلام في غالبية مناطق اليمن التي لطالما تميزت بها، وراح ضحية لذلك عدد من أفراد المجتمع اليمني، وتم إذلال العديد من الأسر التي لجأت للنزوح جراء حملات الترهيب التي شنت ضدها، أو ممن وقعت ضحية حملات ينفذها بالغالب أطراف أو أفراد من عامة الشعب تكون متعصبة أو متأثرة بخطاب الكراهية المصدر من الإعلام “.
وواصل” حتى المدارس والجامعات لم تسلم من الترويج لهذا الخطاب، وجعله جزءا من سياستها، وتورط بهذا الخطاب أحزاب ومؤسسات وشيوخ وإعلاميون وأكاديميون، وباعتقادي أصبح واجب أخلاقي ووطني وقف هذا الخطاب، واستبداله بخطاب منسجم مع قيم التعايش والتوحد “.
في السياق ذاته يقول الصحافي ضيف الله الصوفي” في زمن الحرب، بات خطاب الكراهية يظهر بشكل كبير، وسط جماعات الصراع، لا سيما جماعة الحوثي، تلك التي تريد إلغاء الأطراف الأخرى، وتعمل على ذلك منذ انقلابها على الدولة “.
وأضاف الصوفي ل” يمن مونيتور “للأسف الشديد اليوم الحوثيون يساهمون في خلخلة النظام المجتمعي، بما يقومون به في المراكز الصيفية من دورات تعبوية… جميعها تساهم في شحن جيل الأطفال، وتعبئتهم تعبئة مضادة، وهذا ما نخشاه على الجيل القادم سواء الأطفال أو الشباب”.
وأشار الصوفي إلى أنه “بسبب هذا الصراع اللفظي، تجد العديد من الصحف والمنصات وكذلك المواقع الإلكترونية اليمنية، تتبنى خطابا تتعمد فيه تحقير الخصم، ونعته بالسلبية والازدراء، إضافة إلى كثير من المصطلحات التي تعمل على تطييف الأزمة اليمنية، وتحولها إلى الحشد والتمترس ، فمع اندلاع الحرب، انجر العديد من المؤسسات الإعلامية لتبني فكرة الخطاب الطائفي”.
وبين “ما نحتاجه اليوم هو ثورة تصحيح، وإعادة تقويم خط النشر الإعلامي، وإعادة بناء وتصحيح المفاهيم، كخطوة أولى لتقبل الآخر، وبناء على ذلك ستستطيع جميع أطراف الصراع الجلوس على طاولة الحوار، وبدء مباحثات سلام بطريقة أكثر جدية، لوضع حلول للأزمة السياسية في اليمن”.
من جهته يقول الصحافي رهيب هائل : إن “خطاب الكراهية بات منتشرا بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة إثر الحرب التي قسمت رقعة اليمن إلى عدة أقسام تسيطر عليها جماعات مختلفة تتفاوت من ناحية مشروعها السياسي والعقائدي”.
وأضاف هائل ل “يمن مونيتور” في شمال اليمن الحوثيون يكرسون معتقداتهم عن طريق المراكز الصيفية والدورات اليومية والأسبوعية في تلقين الأطفال كره المعارضين لهم وقمعهم وطرح مسميات عليهم مما يتعرض الشخص المعارض لهم إلى شتى أنواع التعذيب والنبذ المجتمعي له “.
وتابع” الأفكار التي تغرس في عقول الأطفال تهدد مستقبل أسرهم التي تعارضها وتفتت النسيج المجتمعي وتخلق صراعا بينهم بشكل مستمر “.
وأردف” في الجنوب يوجد المشروع الانفصالي الذي يريد تمزيق اليمن سواء من خلال المسميات التي يطلقونها على أبناء الشمال أو الانتهاكات التي يمارسونها في طرد وقمع الشماليين من أعمالهم “.
وأشار إلى أن” الكثير من أبناء المجتمع اليمني في الجنوب باتوا ينبذون الشماليين ويتعرضون لهم يوميا بالشتم والاعتداء عليهم “.
وأكد هائل قائلا:” في الحقيقة اليوم اليمن تعاني من فجوة مستدامة في النسيج المجتمعي وهذه الفجوة تحتاج إلى سنوات طويلة لإزالتها “.
ومضى قائلا” نتمنى أن تحرر اليمن من سطوة الحوثيين والانتقالي، وأن تعمل الدولة على ردم فجوة الكراهية في المجتمع من خلال الدورات اليومية، والمراكز التعليمية “.
بدوره يقول الصحافي صدام الحريبي” لا شك في أن خطاب الكراهية والخطاب الطائفي الذي يصدره الحوثي فضلا عن الممارسات الطائفية والإرهابية قد دمر النسيج الاجتماعي في معظم المحافظات وأدخل روح الانتقام إلى كل قرية وحارة وبيت، الأمر الذي ينذر بخطر كبير حتى بعد التعافي “.
وأضاف الحريبي ل” يمن مونيتور “الكم الهائل الذي خلفه الحوثي من القتل والسحل والذبح في حق الناس لن يمر مرور الكرام حتى وإن حصل توافق سياسي، فما مارسه الحوثيون لا يمكن أن تتجاوزه ذاكرة الشعب، كما لم تنسى ما مارسه أجداد هؤلاء منذ أكثر من ألف عام”.
وتابع “على نهج الحوثي وأمام الصمت والخذلان الذي تعرض له الشعب، ظهرت مليشيات أخرى في المحافظات الجنوبية دعمتها الإمارات تسلك نفس السلوك وتمارس الإرهاب وتصدر خطاب المناطقية والكراهية وتغتال وتسجن وترهب، حتى أصبح اليمني لا يعرف من أين سيتم اصطياده”.
، وأشار إلى أن “من ينجو من إرهاب الحوثي والقتل المحقق الذي سيتعرض له منه، يواجه مصيره المحتوم على يد الانتقالي المدعوم من الإمارات، ومن استطاع الإفلات من قبضة إرهاب الإمارات يجد الموت ينتظره لدى المليشيات الحوثية الإيرانية، وهذا هو قدر المواطن اليمني في الوقت الحالي”.