المشاورات اليمنية بالكويت تنهي أسبوعها الرابع على وقع “انسداد تام”
أنهت مشاورات السلام اليمنية المنعقدة في الكويت، اليوم الأربعاء، أسبوعها الرابع، دون تحقيق اختراق هام في جدار الأزمة المتصاعدة منذ أكثر من عام، فيما تتسع “الهوة” بين طرفي الصراع أكثر من أي وقت، وفقا لمراقبون.
يمن مونيتور/ الكويت/ الأناضول/
أنهت مشاورات السلام اليمنية المنعقدة في الكويت، اليوم الأربعاء، أسبوعها الرابع، دون تحقيق اختراق هام في جدار الأزمة المتصاعدة منذ أكثر من عام، فيما تتسع “الهوة” بين طرفي الصراع أكثر من أي وقت، وفقا لمراقبون.
ومنذ انطلاقها في 21 أبريل/نيسان الماضي، بعد تأخر 3 أيام عن موعدها الأصلي بسبب تخلف وفد الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لم تراوح مشاورات الكويت مكانها، حيث تم تعليق جلساتها لمرات عديدة، بسبب تحفظات من قبل طرفي الأزمة.
وتدخل المشاورات، أسبوعها الخامس، غدا الخميس، وهي تعيش تعثرا وانسداد تاما، بعد تعليق وفد الحكومة اليمنية مشاركته أمس الثلاثاء، على خلفية ما اعتبره، عدم التزام وفد(الحوثيين ـ صالح)، بأسس ومرجعيات الحوار.
ورغم الرسائل الإيجابية التي يبعثها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بأن “الأجواء الإيجابية” تسيطر على مجريات المفاوضات، إلا أن مصادر مقربة من أروقتها تؤكد أنه لا وجود لـ”حُسن نوايا”، وهو ما يعبر عنه فشل الجلسات بشكل متواصل.
وحتى اليوم، لم يُترجم “توافق مبدئي” على إطلاق نصف المعتقلين والأسرى لدى الجانبين قبيل شهر رمضان، وكان أبرز ثمار المشاورات، على أرض الواقع.
ولم تنعقد الجلسة التي كان من المقرر أن تناقش إجراءات الإفراج وتبادل الكشوفات، اليومين الماضيين، جراء ربط الحوثيين مصيرها بالدخول في توافق سياسي يُفضي إلى تشكيل حكومة توافق يكونون شركاء فيها في المقام الأول.
وتدخّل أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، للمرة الثانية، اليوم الأربعاء، لإنقاذ المشاورات، من الانهيار المحتمل، لكن الجلسات المشتركة لم تنعقد مجددا، حيث يشترط وفد الحكومة، وصول “بيان مكتوب” من وفد (الحوثيين ـ صالح)، يتضمن التزامه بـ6 نقاط، على رأسها “أنه لانقاش في شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي”، بحسب مصدر تفاوضي.
وقال مصدر تفاوضي حكومي للأناضول، إن وساطة أمير الكويت ولقائه بالطرفين في قصر بيان الأميري، كان هدفها دعوتهم لعدم مغادرة البلاد، والاستمرار في المشاورات.
وذكر المصدر، أن الكويت أكدت أنها مع مرجعيات الحوار والشرعية، وهناك تفّهم كبير من قبلهم لموقف الوفد الحكومي، جراء تعنت الحوثيين الذي يعيد المشاورات كل مرة إلى مربع الصفر.
ويقول “الحوثيون” إنهم لا يعترفون بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، واليومين الماضيين، طالبوا بنقل صلاحيات الرئاسة إلى مجلس انتقالي يدير المرحلة الانتقالية، ويكونون شركاء فيه، وهو ما يرفضه الوفد الحكومي بشكل مطلق.
وقال المصدر الحكومي: “شرعية الرئيس لا جدال فيها،(…) الشرعية في تنفيذ مخرجات المشاورات تأتي من شرعية الرئيس”.
وأضاف: “اللجنة العسكرية التي ستتولى الإشراف على تسلّم السلاح الثقيل وانسحاب المليشيا من المدن من الذي سيشكلها؟ هل يشكلها رئيس اللجنة الثورية التابعة لهم (للحوثيين)، هذه أمور مسلمة لا يجب النقاش فيها”.
في المقابل، أعلنت مصادر إعلامية تابعة للحوثيين، أن سبب اعتراضهم على تشكيل اللجنة العسكرية، معرفتهم من المبعوث الأممي أن خصمهم التقليدي، الجنرال علي محسن الأحمر، هو من سيكون رئيسا لها.
ووفقا لمصدر مقرب من الحوثيين، فإن الوفد التفاوضي التابع لهم وصالح، قد يتراجع عن رفضه لشرعية الرئيس هادي، ويطالب بألاّ يكون له “دور كبير” في المستقبل، وخصوصا إذا تم تشكيل حكومة توافقية يشارك فيها الجميع.
ويترافق الانسداد على طاولة الحوار مع تصعيد إعلامي غير مسبوق، فبعد يوم مؤتمر صحفي لرئيس الوفد الحكومي، عبد الملك المخلافي، اتهم فيه “الحوثيون” بـإفلاس خزينة الدولة” والمماطلة في المشاورات والانقلاب على الاتفاقات المبرمة، عقد عضو وفد (الحوثي ـ صالح)، حمزة الحوثي، مساء اليوم الأربعاء، مؤتمرا صحفيا، هدد فيه بالعودة إلى صنعاء ليكونوا في “طليعة الشعب” لمواجهة ما أسماه بـ” العداون” إذا لم تثمر المشاورات.
ولا يعرف حتى الآن سقف زمني للمشاورات، بعد ترك الأمم المتحدة بابها مفتوحا هذه المرة، ويقول مراقبون إن الأطراف تتحمل مسؤولية إطالة عمرها إلى 5 أسابيع، وايصالها إلى فشل مرتقب، بعد توقفهم في عقدة “الشرعية” و”الحكومة التوافقية”، وعدم إحراز أي تقدم يذكر.
ويرى الباحث والمحلل السياسي اليمني، ماجد المذحجي، أن استراتيجية الحكومة تفتقر لاستراتيجية الضغط رغم امتلاكها لكل الأوراق، وتظهر غير قادرة على إدارة المفاوضات بشكل ذكي يحشر الحوثيين في الزاوية.
ويقول المذحجي، للأناضول: “المجتمع الدولي يريد حل للصراع اليمني بأي طريقة، و”الحوثيون” يستفيدون من رغبة الكل في الحل السلمي، ويرفعون سقف مطالبهم، في محاولة لتثبيت الامتيازات التي حصلوا عليها منذ السيطرة على الدولة قبل أكثر من عام”.
ويعتقد المذحجي، أن “اتفاقات سياسية غير معلنة (لم يوضحها)” مع السعودية، هي ما يعتمد عليها “الحوثيون” في هذه اللامبالاة الحاصلة، كما أن “إطالة وقت المفاوضات يخلق لهم اتصالات مع أطراف دولية جديدة، تضمن لهم امتيازات في المستقبل”.
ودخل “الحوثيون” في تفاهمات سابقة، مع السعودية، أثمرت عن تهدئة ونزع ألغام، واليومين الماضيين أعلن رئيس وفد الحوثيين التفاوضي في حديث مع صحيفة سعودية، أنه لن يكون هناك سلام إلا بعد التفاهم مع السعودية.
ويتزامن الانسداد على طاولة المشاورات، مع ملامح شبح انهيار اقتصادي شامل بدأ يخيم على اليمن، بعد تدهور غير مسبوق للعملة الوطنية أمام العملات الأجنية، ووصول سعر صرف الريال في السوق السوداء إلى 320 ريالا للدولار الواحد، بفارق 70 عن سعر الصرف الرسمي 250 ريالا مقابل الدولار الواحد.
واتهمت الحكومة، “الحوثيون” الذين يسيطرون على المصرف المركزي اليمني، بإهدار 3 ملايين دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي، وأعلن وزير الخارجية، عبدالملك المخلافي، أن الاحتياطي لم يتبق فيه سوى 100 مليون دولار، بجانب وديعة سعودية عبارة مليار دولار.