دخول هدنة جديدة لمدة 24 ساعة حيّز التنفيذ في السودان
يمن مونيتور/ (فرانس برس)
دخلت هدنة جديدة بين الجيش و”قوات الدعم السريع” حيّز التنفيذ، صباح اليوم السبت في السودان، حيث أبقى سكان آمالهم متواضعة حيالها، بعدما خرق الطرفان كل الاتفاقات السابقة، ولم يتيحا لهم فرصة التقاط الأنفاس في نزاع يقترب من شهره الثالث.
ومنذ بدء المعارك في 15 إبريل/ نيسان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و”قوات الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو، أبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف إطلاق النار، سرعان ما كانَت تُخرَق.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ رسمياً عند الساعة السادسة بالتوقيت المحلي (04:00 بتوقيت غرينيتش)، على أن تستمر لـ24 ساعة فقط. وأفاد سكان في الخرطوم، وكالة “فرانس برس”، في وقت مبكر اليوم، بأن الوضع الميداني كان هادئاً، وهو أمر غالباً ما يكون معتاداً في هذا الوقت.
وقال محمود بشير، الذي يقطن وسط ضاحية بحري بشمال العاصمة: “هدنة يوم واحد أقل من طموحنا. نتطلع إلى إنهاء شامل لهذه الحرب اللعينة”.
من جهته، قال عصام محمد عمر الذي هُجّر من منزله وسط الخرطوم إلى ضاحية أم درمان: “هدنة لا تخرج قوات الدعم السريع من منزلنا الذي أخرجونا منه قبل ثلاثة أسابيع، لا تعني لي شيئاً”.
وكما سابقاتها من الاتفاقات، تهدف الهدنة الجديدة أساساً إلى تأمين وصول المساعدات الانسانية إلى السكان المقدّر عددهم بنحو 45 مليون نسمة، ويحتاج أكثر من نصفهم إلى مساعدات في بلد كان أصلاً من الأكثر فقراً في العالم قبل النزاع الراهن.
وشكك مراقبون في أن تكون هذه الهدنة أفضل من سابقاتها، خصوصاً أن ظروف النزاع لم تتبدّل.
وقال الأستاذ في جامعة غوتنبرغ السويدية علي فيرجي، لوكالة “فرانس برس”: “للأسف الحوافز لم تتغيّر بالنسبة إلى أي من الطرفين، لذا يصعب تصوّر أن هدنة تقوم على الارتكازات الأساسية ذاتها، وخصوصاً لهذه المدة الوجيزة، ستكون نتيجتها مختلفة بشكل جذري”. وأضاف: “مع ذلك، سيكون بعض التراجع في مستوى العنف أمراً مرحّباً به من قبل من يعيشون تحت الرصاص”.
وأودى النزاع بأكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، سبّب النزاع نزوح حوالى مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفاً عبروا إلى دول مجاورة.
وجاء إعلان الهدنة الجديدة في بيان مشترك سعودي-أميركي، أعرب فيه الطرفان اللذان يقودان منذ أسابيع وساطة بين المتحاربين، عن خيبة أملهما من فشل كل محاولات التهدئة.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان الجمعة، إن الرياض وواشنطن “تتشاركان مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم التزام الهدنة السابقة، وعليه تمّ اقتراح هذه الهدنة لتيسير وصول المساعدات الإنسانية، وكسر حالة العنف، والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين، ما يسمح باستئناف مباحثات جدة”.
وأعلن الوسيطان، الأسبوع الماضي، تعليق المباحثات بعد قرار الجيش الانسحاب منها. لكنهما حضّا طرفي النزاع على إبرام اتفاق جديد، وأكدا بقاء ممثلَي الجانبين في جدة، على رغم تعليق المفاوضات المباشرة. وحذّرا من أنه “في حال عدم التزام الطرفين هذه الهدنة، فسيضطر المسيّران إلى تأجيل محادثات جدة”.
ورأى فيرجي أن الرياض وواشنطن، على رغم فشل محاولاتهما وغياب أي أفق لحلّ، تواصلان السعي لتهدئة “لأنّ مهمة الوسيط هي مواصلة المحاولة حتى متى بدت الأمور قاتمة”.
تجديد الثقة بالمبعوث الأممي
وتعاني الخرطوم التي كان يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة قبل بدء المعارك، إضافة إلى مدن أخرى، من نقص في المواد الغذائية، وانقطاع الكهرباء، وتراجع الخدمات الأساسية.
وتأتي الهدنة غداة تجديد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ثقته بمبعوثه الألماني فولكر بيرتس، بعدما اعتبرته الحكومة السودانية شخصاً “غير مرغوب فيه”.
واعتبر المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، أن إجراء الخرطوم “يتنافى” ومبادئ الأمم المتحدة، و”لا يمكن تطبيقه”، مؤكداً أن صفة بيرتس “لم تتبدل راهناً، ويبقى موقف الأمين العام كما عبر عنه أمام مجلس الأمن الأسبوع الفائت”، في إشارة إلى الثقة التي أعرب عنها حياله.
وكانت الخارجية السودانية قد أكدت الخميس أن الحكومة أخطرت الأمين العام بإعلان بيرتس “شخصاً غير مرغوب فيه”، وذلك بعد امتناع المنظمة عن التجاوب مع طلب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان استبدال بيرتس إثر اتهامه بتأجيج النزاع.