وثائق: ولي العهد السعودي هدد بالحاق الأذى الاقتصادي بالولايات المتحدة أثناء خلاف النفط
يمن مونيتور/ وكالات
أفادت صحيفة “واشنطن بوست” نقلا عن وثائق “ديسكورد” السرية المسربة بأن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، هدد بإلحاق ألم اقتصادي كبير بالولايات المتحدة إذا ما انتقمت واشنطن من قرار تحالف “أوبك بلس” بتخفيض إنتاج النفط خلال الخريف الماضي.
وبحسب ما نقلته الصحيفة عن الوثائق المسربة، فإن محمد بن سلمان لوح بتغيير جذري في العلاقات السعودية الأميركية التي استمرت لعقود، قائلا إنه “لن يتعامل مع الإدارة الأميركية بعد الآن” ووعد “بعواقب اقتصادية كبيرة على واشنطن”.
ونشرت الوثائق السرية التي تنقل عنها صحيفة “واشنطن بوست”، خلال الأشهر الماضية على تطبيق “ديسكورد” كجزء من تسريب واسع النطاق لمستندات حساسة للغاية تتعلق بالأمن القومي الأميركي.
وتتهم السلطات الأميركية، جاك تيكسيرا، العنصر في الحرس الوطني البالغ 21 عاما والذي اعتقل في أبريل الماضي، بنشر هذه الوثائق العسكرية السرية على الإنترنت.
والعام الماضي، تعهد الرئيس الأميركي، جو بايدن، بفرض “عواقب” على السعودية بعد قرار تحالف منتجي النفط الذي تقوده الرياض وموسكو بخفض إنتاج الخام الأسود، وسط ارتفاع أسعار الطاقة مع اقتراب الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة.
ولكن بعد 8 أشهر، لم يفرض بايدن عواقب على المملكة الخليجية الثرية بالنفط حتى الآن، واستمر كبار المسؤولين الأميركيين في التواصل مع نظرائهم السعوديين، بما في ذلك وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي اختتم رحلته للرياض، الخميس، بعد أن التقى بولي العهد السعودي.
وبحسب الصحيفة، فإنه من غير الواضح ما إذا كان “تهديد” محمد بن سلمان قد نقل مباشرة إلى المسؤولين الأميركيين أو تم اعتراضه من خلال التنصت الإلكتروني. لكن هذا الكشف يظهر مدى التوتر في العلاقات التي تقوم منذ فترة طويلة على النفط مقابل الأمن بين البلدين.
في المقابل، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، تحدث لـ “واشنطن بوست” شريطة عدم الكشف عن هويته: “لسنا على علم بمثل هذه التهديدات من قبل السعودية”.
وقال المسؤول إنه “غالبا ما تمثل مثل هذه الوثائق لقطة واحدة لحظة من الزمن، ولا يمكن أن تقدم الصورة الكاملة”.
وأضاف أن “الولايات المتحدة تواصل التعاون مع السعودية، وهي شريك مهم في المنطقة، لتعزيز مصالحنا المشتركة ورؤية منطقة أكثر أمنا واستقرارا وازدهارا”.
ولم ترد السفارة السعودية لدى واشنطن على طلب صحيفة “واشنطن بوست” للتعليق.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن زيارة بلينكن إلى الرياض التي استمرت ثلاثة أيام تمثل “أوضح جهد” حتى الآن من قبل إدارة بايدن لتجاوز العداء الذي عبر عنه الرئيس الأميركي للأمير محمد بن سلمان وحكومته خلال الخريف الماضي.
ويقول الأشخاص المطلعون على مناقشات المسؤولين الأميركيين إن بناء محمد بن سلمان للعلاقات الوثيقة مع الصين خلال الأشهر الأخيرة هو الذي أدى إلى تغيير المواقف داخل إدارة بايدن أكثر من أي شيء آخر، بحسب الصحيفة ذاتها.
وراقب المسؤولون الأميركيون باهتمام ولي العهد السعودي الذي استقبل الزعيم الصيني، شي جينبينغ، استقبال فخما في ديسمبر، بعد أسابيع فقط من انتقاد بايدن لمحمد بن سلمان بسبب خفض إنتاج النفط.
وعلى الرغم من أن مساعدي بايدن يرحبون بالتقارب الدبلوماسي السعودي الإيراني الذي ساعدت الصين في تنسيقه، إلا أنهم لاحظوا أن الحلقة تشير إلى دور أكثر قوة لبكين في المنطقة.
وإلى جانب هدف ضمان بقاء السعودية على مسافة من الصين وروسيا، جادل العديد من كبار مسؤولي إدارة بايدن أنه من المهم تعزيز العلاقات مع السعودية لأسباب تقليدية: الموازنة ضد إيران، ومحاربة الجماعات الإرهابية، وبيع الأسلحة الأميركية الصنع.
وقال الباحث في شؤون دول الخليج بمركز ويلسون، ديفيد أوتاوي، إن زيادة الاجتماعات بين المسؤولين الأميركيين والسعوديين كانت بمثابة ثقل موازن للعلاقات الشخصية الفاترة بين بايدن ومحمد بن سلمان، مشيرا إلى أن الزعيمين لم يتحدثا منذ اجتماعهما في الرياض خلال يوليو الماضي.
في حديثه لصحيفة “واشنطن بوست”، قال أوتاوي: “قررت إدارة بايدن أن عليها معرفة كيفية العمل مع محمد بن سلمان حتى لو أنهما ما زالا لا يتحدثان مع بعضهما البعض”.
وسعت السعودية إلى تقديم نفسها كلاعب عالمي غير مرتبط بواشنطن. ففي الأشهر الأخيرة، أنهت الأعمال العسكرية في اليمن واستعادت العلاقات مع عدوها اللدود، إيران، ودعت رئيس النظام السوري، بشار الأسد، للعودة إلى جامعة الدول العربية بعد أكثر من عقد من الحظر.
وقال خبير شؤون الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز، بروس ريدل، “تعود الرياض إلى سياسة خارجية أكثر تقليدية تتجنب الصراع وتفضل التكيف مع المنافسين”.
وأضاف أن الإدارة الأميركية لديها أجندة كبيرة تجعل من بلينكن يعمل مع السعوديين.