قبل 100 عام، نُكب العرب بما عرف بتداعيات اتفاقية «سايكس بيكو»، التي عملت على تقسيم العرب إلى دول جرى احتلالها وتوزيعها على عدد من دول أوروبا، أبرزها بريطانيا وفرنسا، وهما دولتان لم تخرجا من البلاد العربية إلا بعد أن مزقتها من الداخل، بفعل الصراعات الداخلية التي أوجدتها فيها وساعدتا على تضخيمها.
قبل 100 عام، نُكب العرب بما عرف بتداعيات اتفاقية «سايكس بيكو»، التي عملت على تقسيم العرب إلى دول جرى احتلالها وتوزيعها على عدد من دول أوروبا، أبرزها بريطانيا وفرنسا، وهما دولتان لم تخرجا من البلاد العربية إلا بعد أن مزقتها من الداخل، بفعل الصراعات الداخلية التي أوجدتها فيها وساعدتا على تضخيمها.
مع ذلك فإن خطر «سايكس بيكو» عاد ثانية بعد عقود من الاستقلال الذي نالته الدول العربية، بفعل خروج الاستعمار من أراضيها، لكن هذه المرة عبر أيادٍ محلية عملت على ترجمة الخطط التي وضعتها «إسرائيل»، بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، لتدمير البلاد العربية، وما نشاهده اليوم من حالة انقسام مذهبي وطائفي ومناطقي في أكثر من بقعة في الوطن العربي دليل حي على ذلك.
سياسة «الفوضى الخلاقة» التي رسمتها الولايات المتحدة الأمريكية وأفصحت عنها وزيرة خارجيتها السابقة كونداليزا رايس تعيش هذه الأيام أزهى فتراتها، فالصراعات التي تشهدها معظم البلاد العربية دليل على نجاحها، فبعد اجتياح ثورات الربيع العربي المنطقة بدأ الصراع المذهبي يتجسد بشكل أكبر وأوضح، وأخذ مداه في الحروب التي نشاهدها اليوم في عدد من الدول العربية، بخاصة العراق وسوريا واليمن وليبيا، فيما لا تزال دول عربية تعيش خطر الصراع الدامي، مثل مصر وتونس، على الرغم من اجتيازهما خطر المواجهات المسلحة كما حدث في بقية البلدان.
منذ عقود و«إسرائيل» لا تكف عن التخطيط لتفكيك العرب إلى ملل وطوائف كي ينشغلوا ببعضهم بعضاً، وتتجنب هي وراعيتها الأولى أمريكا خوض حرب مباشرة، إذ تكفل العرب بهذه المهمة من خلال الصراعات التي يخوضونها فيما بينهم تحت يافطات عدة، أخطرها بالطبع اليافطة الطائفية والمذهبية، والتي أدخلت بلداً عظيماً وكبيراً مثل العراق في أتون حرب داخلية شاملة، لم يعد قادراً على الخروج منها منذ احتلاله من قبل الولايات المتحدة الأمريكية قبل 13 عاماً.
اليوم يعيش العرب حالات تشظٍ داخلي، فاليمن لم يعد ذلك البلد الذي نعرفه حتى سنوات قليلة، فقد تبنت جماعة الحوثي، التي سيطرت على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول من عام 2014 سياسة موالية لطهران بكل ما حملته هذه السياسة من كوارث على البلاد والعباد، فيما تكفل تنظيم «القاعدة» و«داعش» بنبش الصراع في كل من سوريا وليبيا، ويخوضان صراعاً مستميتاً لإدخال تونس إلى دائرة الصراع بعد اشتداد الخناق عليهما في ليبيا، والحال نفسها مع مصر، حيث بدأ التنظيمان يظهران بشكل لافت، وما تنفيذ عملية إرهابية في القاهرة وفي وضح النهار قبل أيام إلا دليل على ذلك.
هل يمكن تسمية ما يحدث اليوم في البلاد العربية نسخة ثانية معدلة من «سايكس بيكو» التي وضعت عام 1916؟، نستطيع القول نعم، فما نشاهده اليوم يدل على أننا نعيش «سايكس بيكو» ثانية، مع اختلاف المنفذين فقط.
نقلا عن الخليج