قبل فترة وجيزة كنت أتحدث مع صديق أكاديمي يقيم في الولايات المتحدة عن أكثر الموضوعات تداولاً، في الوسط الأكاديمي ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام هناك، فقال: إن الرعب من مخاطر الذكاء الاصطناعي، هو الموضوع الأهم، مشيراً إلى أننا، في بلداننا العربية، معنيون به أيضاً، ويجب أن نوليه ما يستحقه من اهتمام، كونه يتصل، بالفعل، بمستقبل البشرية.
ليس صديقي وحده ما قال هذا الأمر. وسائل الإعلام حافلة بتقارير تؤكد هذه المخاطر، فعلى سبيل المثال ينسب أحد هذه التقارير إلى المدير التنفيذي السابق لشركة «جوجل»، إريك شميدت، قوله: إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تشكل «خطراً وجودياً»، يمكن أن يتسبب في إصابة أو قتل العديد من الأشخاص، لأنه «من الممكن استغلال التكنولوجيا في العثور على ثغرات أمنية في البرامج أو أنواع بيولوجية جديدة»، علماً بأن الرجل شارك في لجنة الأمن القومي للذكاء الاصطناعي، التي راجعت مدى خطورة التكنولوجيا، ونشرت تقريراً لعام 2021، خلص إلى أن أمريكا لم تكن مستعدة لتأثيرها. مجموعة من كبار رجال الأعمال والخبراء، حذروا من أن صعود الذكاء الاصطناعي ينطوي على خطر انقراض للبشرية، وأشاروا في بيان بهذا الخصوص إلى «أن مكافحة المخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ينبغي أن تكون أولوية عالمية كسواها من المخاطر الأخرى على مستوى المجتمع، كالأوبئة والحروب النووية»، وتتزايد الدعوات الموجهة إلى الشركات بإيقاف تجارب الذكاء الاصطناعي ولو مؤقتاً، من أجل إعادة التفكير في الآثار المتعلقة ببروتوكولات السلامة والأخلاقيات الخاصة بعملها.
ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن دراسة توصلت إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة على الأجهزة الإلكترونية يمكن أن يؤثر في طريقة تفكير أي شخص، إضافة إلى تأثيره في الكلمات التي يستخدمها للمساعدة في استكمال الجمل تلقائياً أو تقديم ردود على الأسئلة التي تطرح، وشملت هذه الدراسة طرح السؤال التالي: «هل وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة للجميع؟» وطلب من أكثر من 1500 شخص كتابة فقرة للإجابة عنه عبر منصة خاصة.
وبعد ذلك، تمّ استخدام إجاباتهم وتحليلها وفقاً لاستجابة كل منهم للمقترحات التي قدّمها له الذكاء الاصطناعي وتلك التي كتبوها بأنفسهم، فوجدوا أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قدّم للمشاركين ردوداً متحيزة تتفق مع ما يقدمه من إجابات، وخلصت الدراسة إلى أن ما تم رصده من ردود متحيزة يقدمها الذكاء الاصطناعي لمستخدميه، يؤكد أن هناك أزمة يجب التعامل معها تتعلق بتداعيات ذلك ثقافياً وسياسياً على المجتمعات، لأنه يؤدي إلى انتشار المعلومات الخطأ بطريقة تُنمّط القيم والأولويات المجتمعية بطريقة تخدم مصالح الماسكين بمفاصل الاقتصاد.
*نشر أولاً في صحيفة الخليج الإماراتية