آراء ومواقف

إندونيسيا..حوثيون جدد

عبد العزيز محمد قاسم

أرسلت بصري إلى تلك القمم التي تسامقت الأشجار الفارعة فيها بتناغم رباني عجيب، وقد أُخذت نفسي بذلك المنظر الساحر أمامي، حيث الغيم يعانق الجبال المتمخطرة بدلال، في جمال فريد يحلق بالأرواح، واللون الأخضر يتمطط بغمقته حينا،
أرسلت بصري إلى تلك القمم التي تسامقت الأشجار الفارعة فيها بتناغم رباني عجيب، وقد أُخذت نفسي بذلك المنظر الساحر أمامي، حيث الغيم يعانق الجبال المتمخطرة بدلال، في جمال فريد يحلق بالأرواح، واللون الأخضر يتمطط بغمقته حينا، وانفتاحه الذي ينعكس على العين بسحر حينا آخر، وأنا وصديقي انتهينا للتو من أداء صلاة الجمعة في مسجد “التعاون” الذي بناه محسن إماراتي كريم في منطقة “بونشاك” بإندونيسيا.
انفلتنا مباشرة إلى مقهى، نحتسي الشاي المخلوط بالفواكه، بمزاج أهل هذه الديار، وحلقت في عوالم بعيدة حالمة، وقد تخففت من لأواء النفس وكدرها، ولكأن أمثال هذه المناطق تقوم بعملية غسيل نفسي كامل للمتعبين والمكدودين، ولم يكدر هذا الصفاء الذي كنت أعيشه إلا صديقي، وقتما قال لي بأن هذه المنطقة تشهد نشاطا صفويا كبيرا، وأنه رأى بعينيه مواطنين إندونيسيين يقومون بالتطبير في يوم عاشوراء، ويرفعون الأعلام السوداء التي كتبوا عليها “يا حسين”، وعندما استفسر منهم؛ علم أن إيران تدفع لمن يدخل في المذهب الصفوي حوالي 50 دولارا شهريا.

قوّست حاجبيّ دهشة، وأنا أستمع إلى ما يقوله صديقي، وقد تلطخت اللوحة الجميلة بالكامل أمامي، وأقبلت عليه وهو يسرد أن الإيرانيين استغلوا شافعية معظم الإندونيسيين، الذين بهم نسبة تصوف كبيرة، فيقبل هؤلاء عليهم ابتداء، ظنا أن الصفويين محبون لآل البيت ومعظمون لهم، وعندما يتدرجون معهم، يفاجأون بطرح الشبهات حيال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم جميعا، ويعملون بنشاط منقطع النظير بإشراف السفارة الإيرانية، حتى استطاعوا تشييع مليون إندونيسي كما يرددون.

في إحدى الأماسي، وخلال عودتنا للنزل في ذلك الجبل الأخضر، وجدت قوما من سحنة مختلفة عن السحنة الشرق آسيوية، وسألتهم عن بلادهم، فأجابوا بأنهم أفغان هزارة جاءوا ليستوطنوا هنا، والهزارة لمن لا يعرفهم؛ هم شيعة أفغانستان، تكفلت إيران بجلبهم هنا، والحقيقة أن القضية كما أشار صديقي النبيه؛ قضية زرع قميء للمذهب الصفوي، وأن القوم لا يعوّلون على هذا الجيل، بل خطتهم لمدى أبعد، حيث الأجيال المقبلة الذين يأتون من صلب هؤلاء المتصفونين بسبب المال.

يقينا أن مسألة التشييع الذي تمارسه إيران، هي من صميم سياستها، ولمّا يزل القوم يحلمون بتصدير الثورة ويمارسونه، ومن يظن بأن القضية مذهبية فهو واهم، بل بات في قلب صراعنا السياسي مع إيران، وقد استفادوا من كفّ يد السعودية ودول الخليج عن العمل الدعوي في العالم الإسلامي كله بعد أحداث 11 سبتمبر الشهيرة، وأن هذه الدولة الثيروقراطية، تُفقر شعبها وتجوّعه، في مقابل صرفها بسخاء كبير على تكوين هذه الخلايا النائمة في دول العالم.

 (الشرق) القطرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى