آراء ومواقف

أردوغان الذي فاز مرتين 

‏د. عارف أبوحاتم 

‏تابعت بحرص شديد تناولات الصحافة الغربية للانتخابات التركية، وبالأخص ما يتعلق بشخص الرئيس أردوغان، ووجدت حملة متحاملة لا فيها روح مهنية ولا أخلاقية، وكأنها صحف أحزاب تركية، لا صحف مؤسسات عالمية عريقة. 

‏في ألمانيا كانت الصحافة تصور أردوغان جالساً على عرش عثماني مكسور الهلال وتكتب تحته: الديكتاتور الجديد، في النمسا تضع الصحافة صورته وتكتب في أعلاها: أخيراً سنتخلص منه، في السويد: الأمة التركية ستقول لا للديكتاتور، في هولندا: الشعب التركي سيختار الديمقراطية بدلاً عن ديكتاتورية أردوغان، في أمريكا: كل نتائج الرأي العام بشرت العالم بسقوط أردوغان، وكتبت الصحافة الأمريكية: أردوغان ديكتاتور متحالف مع قوى الشر إيران وروسيا. 

‏فكيف سحق أردوغان كل تلك المزاعم بخطوة واحدة، لم يحسب لها أحد، ربما ساقته إليها الأقدار ولا أظنه تخطيط مدروس بقوة. 

‏هذه الخطوة تمثلت في فشله بالفوز في الجولة الأولى، وحصوله على نسبة 49.51%، مقابل 44.88% لخصمه مرشح تكتل المعارضة كمال كليشدار أوغلو، وبحساب العقل والمنطق لولا كان أردوغان ديكتاتوراً لما فشل في تأمين نصف واحد بالمئة من أصوات الناخبين يضمن بها فوزه بولاية ثانية. 

‏إذاَ فقد منحته نتائج الجولة الرئاسية الأولى شهادة براءة من الديكتاتورية التي سوَّق لها إعلام غربي وعربي. 

‏ذهب أردوغان وخصمه السياسي كليشدار إلى جولة ثانية أعلنت نتائجها مساء اليوم بفوز الرئيس أردوغان بنسبة 52.16% وحصول كليشدار على 47.84%. 

‏وهنا منحته نتائج الجولة الثانية شهادة فوز برئاسة البلاد لولاية ثانية. 

‏أما عن نتائج الانتخابات البرلمانية فقد سحق الغباء أحلام المعارضة إذ ذهبوا للتحالف مع أحزاب منشقة عن حزب أردوغان “العدالة والتنمية” وتمكنت هذه الأحزاب الصغيرة الجديدة من حصد مقاعد مخصومة من رصيد المعارضة، إذ لا قاعدة شعبية لها، لأنها أحزاب صغيرة وطارئة. 

‏وبالمجمل تمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على 267 مقعد برلماني، ومع تحالف الجمهور الذي يقوده يكون قد حصد أغلبية مريحة 322 مقعد 

‏وحصد حزب الشعب بقيادة كليشدار 169 مقعد، ومع تحالف الأمة الذي يقوده حصد 213 مقعد. 

‏مع ضرورة الإشارة إلى أن العدالة والتنمية خسر 28 مقعد مقارنة بالانتخابات السابقة. 

‏اللافت في الجولة الثانية هي سرعة مرشح تحالف الأجداد سنان أوغان إلى التحالف مع أردوغان ودعوة ناخبيه إلى التصويت لحليفه الجديد بعد أن رأى في المعارضة قوة بيد الغرب الطامع في تفكيك تركيا. 

‏عربياً كانت السعودية سباقة في إدراك ماذا يعني تفكيك الغرب لدولة بحجم تركيا، وتأثير تداعيات ذلك على المنطقة العربية كاملة، لذلك وبتفكير استراتيجي عميق الرؤية دعمت الاقتصاد التركي بوديعة خمسة مليارات دولار في أواخر رئاسة أردوغان الأولى. 

نقلا عن صفحة الكاتب على فيس بوك 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى