ن رسالة التدخل العربي في اليمن بقيادة السعودية التي أوصلتها إلى المجتمع الدولي، والقوى المتربصة بالمنطقة تؤكد أن العرب بوسعهم الدفاع عن مصائرهم، وأنهم قادرون على حماية أوطانهم، وصيانة استقرار بلدانهم. إن رسالة التدخل العربي في اليمن بقيادة السعودية التي أوصلتها إلى المجتمع الدولي، والقوى المتربصة بالمنطقة تؤكد أن العرب بوسعهم الدفاع عن مصائرهم، وأنهم قادرون على حماية أوطانهم، وصيانة استقرار بلدانهم.
كما أن الكفاءة التي أثبتتها إرادة التحالف بقيادة المملكة في التدخل العسكري لا يجب أن تنال منها ادارة العمل السياسي من قبل الشرعية اليمنية أو من قبل الرياض تحديدا، ولا يجب أن يسمح الطرفان بتمرير بعض الرؤى والتصرفات على أرض الواقع لأي قوة مشاركة بصورة منفردة، وفرضها على السلطة الشرعية، كما يجب على الأخيرة ألا ترضخ لمثل ذلك بدعاوى الأمر الواقع حتى لا يتفاجأ الجميع بما يصعب بعدها تفاديه، وعليهم أن يتذكروا جيدا أخطاء التدخل المصري في اليمن..
ارتبط التغيير وانتقال ولاية العهد للجيل الثالث داخل المملكة في وعي المجتمع السعودي خصوصا والعربي عموما بالتدخل في اليمن، وأي اخفاق في تحقيق الهدف الذي بموجبه تم التدخل، فإنه سيهز صورة الجيل الجديد من الحكام القادمين للرياض أمام الرأي العام في الداخل السعودي قبل الخارج، وسينعكس ذلك سلبا عاجلا أم اجلا على شخصياتهم، وسيظهرون بمظهر الفاشل في أول اختبار حقيقي لممارستهم مهامهم داخل السلطة في أخطر وأهم مرحلة تمر بها المملكة منذ نصف قرن، وربما منذ انشائها.
إن عدم تحقيق عاصفة الحزم للأهداف التي قامت من أجلها، وتحديدا اعادة الشرعية، ودحر الانقلابيين والحفاظ على وحدته واستقراره، يفقد التدخل العسكري مشروعيته الأخلاقية لأنه بموجبها تم شن الحرب على المليشيات الانقلابية، وعزلها عن حلفائها الإقليميين، بحيث لم يتمكنوا من تقديم الدعم والعون العسكري للانقلابيين إلا سرا وتسريبا من وراء ستار، فافتقادهم للشرعية السياسية، نزع عنهم وعن حلفائهم المشروعية الأخلاقية أمام الرأي العام الداخلي والأجنبي، هذا من جهة، ومن جهة ثانية لأن الحرب ليست غاية في ذاتها، بل هي على حد تعبير كلاوز فيتز ممارسة للسياسة بوسائل أخرى، وحتى لا تكون تكاليفها كما يقول مونتجمري من الأرواح والثروات عبثا، ولكن في طلب حقوق مشروعة، فإن نجاح التدخل أو فشله معلقا بالهدف السياسي أولا وأخيرا.
إن فشل عاصفة الحزم في اليمن يجعل الرياض تخسر سمعتها في الحاضر والمستقبل اقليميا ودوليا، ويعرض مصداقيتها كثقل موازن لإيران للخطر، وستظهر بمظهر العاجز الذي لم يتمكن من إدارة تحالف من عشر دول في ضرب جماعة متمردة في خاصرتها الجنوبية، وازالة خطر يهدد أمنها القومي رغم امتلاكها كل وسائل النجاح، ويشكك في قدرتها بقيادة تحالف دولي واسع لمواجهة الإرهاب والتطرف في المنطقة، فالتحالف الإسلامي الذي أعلنت عنه المملكة خرج من رحم عاصفة الحزم، ونجاح العاصفة في اليمن هو خطوة للأمام نحو نجاح التحالف الذي انشأته السعودية، فضلا عن مواجهة التمدد الإيراني، وفشله سيعزز من بروز الأخيرة أمام الغرب كقوة فاعلة وقادرة على ادارة شبكاتها والجماعات المرتبطة بها للتصدي للإرهاب.
كما يعطي الفشل إشارة إلى أن التغيير الذي جرى في المملكة على يد الملك سلمان والمتمثل في نقل الحكم إلى الجيل الثالث من أولاد الملك عبد العزيز سيواجه صعوبات كبيرة مستقبلا، وعلى قيادة المملكة أن تتأمل في موقف الملك فيصل جيدا وكيف تعامل في اليمن، مع ملاحظة أنه قاد التدخل آنذاك من وراء ستار ولم يكن واضحا كما هو حاصل اليوم..