اقتصادعربي ودولي

لماذا يتكرر جنوح السفن في قناة السويس؟

يمن موينتور/ القاهرة/ (بي بي سي -عربي)

تكررت حوادث تعطل الملاحة في مجرى قناة السويس خلال الأشهر الستة الماضية، حيث جنحت وتعطلت أربع سفن بأحجام مختلفة بالممر المائي الأبرز عالميا، لأسباب مختلفة بعضها يتعلق بحجم السفن المارة بالقناة وحالة الطقس أثناء العبور وعدم ازدواج المجرى الملاحي على كامل المسار الملاحي، إضافة إلى الأخطاء البشرية التي قد يقع فيها طاقم الإرشاد البحري وقباطنة السفن.

ونجحت قاطرات هيئة قناة السويس صباح الخميس في تعويم سفينة شحن ترفع علم هونغ كونغ خلال أقل من ساعتين على جنوحها إثر عطل فني أصاب أجهزتها الملاحية، وهو الحادث الأخير في سلسة مشابهة تسببت في تعطل الملاحة مؤخرا.

وكانت السفينة شين هاي تونغ 23، التي يبلغ طولها 190 مترا وعرضها 32 مترا، بحمولة تبلغ 34 ألف طن، قد جنحت قرب المدخل الجنوبي للقناة، قبل أن تقوم ثلاث قاطرات تابعة للهيئة، التي تدير المجرى الملاحي، بتعويمها وسحبها إلى الجنوب وإعادة الملاحة إلى طبيعتها خلال ثلاث ساعات.

جنوح سفينة شين هاي تونغ 23 هو الرابع من نوعه خلال خمسة أشهر، وبالمقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي فقد تضاعفت أعداد الحوادث البحرية في المجرى الملاحي لقناة السويس، بحسب الإحصاءات والوقائع المنشورة على موقع الهيئة الرسمي.

حالات متكررة

وكانت هيئة القناة قد أفادت في 9 يناير/ كانون الثاني هذا العام أنها نجحت في تعويم السفينة غلوري، وأوضحت آنذاك أن حركة الملاحة لم تتعطل كون السفينة قد جنحت في منطقة مزدوجة المسار من المجرى الملاحي.

وفي الأول من فبراير/ شباط الماضي، أعادت قاطرات الهيئة السفينة غريس إيميليا إلى مسارها بعد عطل أصابها أفقدها التوجيه وعطل الملاحة في القناة.

ونجحت الهيئة أيضا في تعويم سفينة إم إس سي اسطنبول بعدما استخدمت أربع قاطرات في 5 مارس/ آذار 2023، في واقعة أثرت على حركة الملاحة لوقت قصير، استأنفت على إثرها السفينة رحلتها إلى البرتغال.

وكان حادث الجنوح الأبرز عام 2021 لسفينة الحاويات إيفرغيفن، التي كان يبلغ طولها نحو 400 مترا والتي استغرق تعويمها 6 أيام متواصلة من العمل.

وتسبب جنوح إيفرغيفن في خسائر للهيئة وحدوث تلفيات بعدد من الوحدات البحرية المشاركة وغرق أحد اللنشات خلال أعمال الإنقاذ، وأدى إلى تأثر سلاسل الإمداد وارتفاع اسعار النفط بشكل مؤقت.

ارتفاع كبير… لكن لماذا؟

يقول خبراء الملاحة إنه في الأغلب تجتاز السفن قناة السويس بسلاسة كبيرة، كونها مسار مستقيم يخلو من المنحنيات أو التعرجات. لكن هذا لم يمنع من وقوع بعض الحوادث لأسباب فنية تنتج عن تعطل محركات القطارات أو بشرية أو مناخية أو أسباب تتعلق بالتوجه نحو زيادة أحجام السفن.

أما عن السبب الأبرز لجنوح السفن فهو بحسب وائل قدور، عضو مجلس ادارة هيئة قناة السويس سابقا، فهو سبب مركب يشمل الحجم السفن الكبير مع الطقس السيئ.

يقول قدور لبي بي سي إن النسبة الأكبر من السفن التي أصبحت تعبر القناه هي سفن الحاويات التي يصل طول بعضها إلى 400 متر طول وعرضها يتجاوز 160 مترا بحمولات تتجاوز 24 ألف حاوية.

ويوضح الخبير البحري أنه في حال ارتفاع شدة الرياح، تتزايد فرص انحراف السفينة في بعض المناطق مع حجمها الضخم الذي يجعل من الصعب أيضا تعويمها ويستهلك وقتا طويلا للانتهاء من مهمة سحبها.

وبحسب قدور، يجب أن تكون هناك تعليمات إرشادية وبحرية أفضل للتعامل مع هذه الحالات، كما ينصح ألا تدخل السفن كبيرة الحجم إلى مجرى القناة في حالة اشتداد الرياح.

أما عن الأسباب الأخرى فهي تتعلق بالمرشدين البحريين الذين تتلخص مهامهم في مساعدة وتوجيه طاقم السفينة على العبور بأمان في المجرى الملاحي.

ويضع البعض كفاءة مرشدي القناة تحت التقييم، فهناك من يرى تقصيرا في إعدادهم وتأهيلهم، وهناك من يدافع بشدة عن كفاءة التدريب والمهنية التي يقدمها المرشدون المصريون.

يقول اللواء بحري نادر درويش وهو خبير في الحوادث البحرية ومرشد سابق في قناة السويس إن إحصاءات حوادث جنوح السفن في قناة السويس تعد طبيعية مقارنة بالممرات الملاحية الأخرى.

وأوضح درويش أن عدم ازدواج المجرى الملاحي بالكامل يدفع نحو تعطل الملاحة إذا ما تعطلت السفن أو جنحت، مضيفا أن تعليمات قناة السويس تمنع تجاوز السفينة الجانحة كي لا تقع حوادث أكبر.

ومرت خلال العام الأخير نحو 23 ألف سفينة عبر قناة السويس، بحسب إحصاءات رسمية.

وتتكون قناة السويس من مناطق عدة، بعضها به مجرى ملاحي منفرد تسلكه السفن المتجهة إلى الشمال أو الجنوب، وفي مناطق أخرى هناك مسار مزدوج، وتعمل السلطات المصرية حاليا على ازدواج كامل الممر الملاحي لتجنب تعطل الملاحة بسب جنوح السفن أو تعطلها، غير أن هذا المشروع لا يتوقع أن ينتهي قريبا.

 

تحسينات مطلوبة

وطالب الخبير المصري قدور هيئة قناة السويس بمواكبة التطور الحادث في مجال تصنيع السفن ووضع أولوية لتوسعة القناة لمواكبة التغييرات العالمية، فضلا عن زيادة قدرة القاطرات لدى الهيئة لتصل إلى 285 طنا.

وبحسب دراسات تتعلق باقتصادات النقل البحري، يُعتقد أنه بحلول عام 2050 ستزداد بشكل مطّرد حمولات السفن لتبلغ 35 ألف حاوية، بينما يعد الحد الأقصى المسموح به لحمولة الحاويات للعبور في قناة السويس حاليا هو 24 ألف طن، بطول 313 مترا، بغاطس 66 قدما.

وتمر في قناة السويس التي يبلغ طولها نحو 193 كيلو مترا منها 113 كيلومترا مجرى مزدوج، نحو 10% من حجم التجارة العالمية بأعداد تجاوز 50 سفينة يومياً، كونها توفر أقصر طرق الشحن بين أوروبا وآسيا.

وتُعد إيرادات القناة التي بلغت نحو تسعة مليارات دولار في العام أحد المصادر الرئيسية للعملات الأجنبية في مصر، وذلك بعد زيادة رسوم العبور لجميع أنواع السفن بنسبة 15% مؤخرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى