جرعة بـ”فرمان حوثي”.. مهزلة المشتقات النفطية باليمن
حوّل الحوثيون محطات الوقود في العاصمة صنعاء كافة، إلى سوق سوداء، فرضخ الناس للقرار، وباتت المحطات تبيع الـ20 لتراً من البنزين بـ5 آلاف ريال. يمن مونيتور/ خاص/ وحده التقارير
فرض الحوثيون، الزيادة السعرية للمشتقات النفطية التي زعموا الثورة ضدها إبان حكومة محمد سالم باسندوة، واقعاً، في ظل سلطتهم الحاكمة لصنعاء، منذ أواخر سبتمبر/ أيلول 2014، وبات من الصعوبة التراجع عن التسعيرة الجديدة، وفقا لمسؤولين في شركة النفط.
وبدلاً من جرعة قانونية، كانت فوائدها ستذهب لخزينة الدولة وتمويل رواتب الموظفين والعودة بخدمات للناس، تحولت إلى “جرعة قرآنية”، تم إقرارها بفرمان “حوثي”، لكن عوائدها الفلكية تستخدم في تمويل حروب الجماعة ضد اليمنيين بعدة مدن اليمنية.
وبعد أشهر من اختفاء المشتقات النفطية عن محطات التعبئة الرسمية، واقتصار تواجده على السوق السوداء فقط وبأسعار فلكية، حوّل الحوثيون محطات الوقود في العاصمة صنعاء كافة، إلى سوق سوداء، فرضخ الناس للقرار، وباتت المحطات تبيع الـ20 لتراً من البنزين بـ5 آلاف ريال.
وفي ظل سلطة الحوثيين، باتت شركة النفط المخولة ببيع المشتقات النفطية، مجردة من بيع مادتي البترول أو الديزل، بعد تسليم الحوثيين العملية لتجار السوق السوداء المنتشرة في شوارع وأحياء ومديريات العاصمة، بنحو 689 سوقا ونقطة بيع للمشتقات النفطية.
طوابير أمام المحطات السوداء
خلافا للنصف الأول من العام المنصرم، باتت المشتقات النفطية متوفرة في كافة محطات الوقود بالعاصمة صنعاء، حيث يتراوح سعر الـ20 لتر، من 5 آلاف ريال يمني إلى 4 آلاف ريال.
يقول “محمد الزاهري”، وهو عامل في محطة “ثافت”، إن “كل محطة تبيع بالسعر الذي تريده، ليس هناك حسيب أو رقيب، وللزبون اختيار ما يريد شراؤه سواء من المحطات او السوق السوداء، السعر لا يختلف من الجهتين”.
وأضاف لـ”يمن مونيتور”، “أصبح المواطن يشتري دبة البترول من المحطات الرسمية بنفس سعر السوق السوداء، لكن هناك تفضيل للمحطات باعتبارها غير مغشوشة ولا تخلط المشتقات مع مواد أخرى”.
“مخازن النفط”
وفقا لمصدر مسؤول في شركة النفط اليمنية، هناك مخزون نفطي كبير في خزانات محافظة الحديدة يتم اخراجه بصورة شبه سرية خشية تعرضه للقصف الجوي في حال بقائه في المخازن المخصصة.
وذكر المصدر، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، أن شركة النفط، تعمل على إخراج الكمية بشكل مستمر من المخازن المتواجدة في محافظة الحديدة وإيصالها تباعاً إلى العاصمة صنعاء، لكنها لا تورّد إلى المحطات الخاصة بتوزيع النفط وإنما توزع حسب توجيهات خاصة لإيصالها للمنشئات الحكومية وبعض الأغراض غير المعلن عنها.
وقال المصدر، أنه “تبقى في المخزون الاحتياطي ما يغطي خمس أو سبع محافظات يمنية مجتمعة، أي نحو مليون وتسعمائة ألف لتر، وهذا المخصص لا يكفي لتغطية نصف أمانة العاصمة، لذلك قررت هيئة الشركة أن يتم الاحتفاظ بهذه الكمية وتخصيصها لعمليات الطوارئ وللجهات الحكومية والمؤسسات.
“المركزي” يرفض منح الزيادة
يتهم مسؤولون في شركة النفط، محافظ البنك المركزي محمد عوض بن همام، بأنه رفض الإفراج عن المستحقات المالية لشراء الواردات من المشتقات النفطية لطلب شركة النفط اليمنية المبالغ بعملة “الدولار” المخصصة لشراء كميات النفط الواردة، على اعتبار أن الشركات الأجنبية تتعامل بالدولار، خصوصا مع ارتفاع التسعيرة الجديدة إلى 250 ريالاً للدولار الواحد.
المتحدث الرسمي باسم شركة النفط، المهندس أنور العامري، أرجع في حديث لـ”يمن مونيتور”، عدم قدرة شركة النفط على توريد مادة البترول إلى القرارات الأخيرة الصادرة من محافظة البنك المركزي.
وقال “العامري”، “كنا نتعامل إلى فترة قريبة مع البنك المركزي على أن صرف الدولار بـ214 ريالا، الآن اختلفت الأمور، وتم تثبيت سعر صرف الدولار بـ250 ريالا، سعر الجالون الواحد الـ20 لتر كان يباع بـ2800 ريالا عندما كان سعر الدولار 214، أما الآن مع ارتفاع الدولار ووصوله إلى 250 بشكل رسمي للريال سيترتب عليه رفع قيمة الجالون البنزين، إذا استمر البنك المركزي في قراراته الأخيرة.
وأكد العامري، أنه من الاستحالة أن يعود سعر جالون البنزين (الدبة) إلى عهده السابق، في ظل انهيار للعملة المحلية، وقرار البنك المركزي بإقرار سعر الصرف الجديد.
“السوق السوداء”
نقاط البيع المشتقات النفطية في العاصمة صنعاء باتت متواجدة بأعداد خيالية. هناك 689 نقطة بيع بأسعار السوق السوداء، في العاصمة صنعاء وحدها.
وتتوزع الأسواق السوداء شوارع وأحياء ومديريات العاصمة، بنحو (154) محطة تعبئة بنزين في أمانة العاصمة، خصوصا محطات شركة النفط الحكومية، ومتسببة في انضمام المحطات لقائمة البيع بأسعار السواق السوداء.
وتتصدر مديرية “السبعين” بـ(189) سوقا سوداء، تليها مديرية بني الحارث بـ(175) سوقا، وتأتي مديرية معين بعد السبعين وبني الحارث بواقع (80 سوق)، تليها الصافية (55 سوق)، ثم مديريتا الثورة والتحرير ب (53 سوق) لكل منهما، ثم مديرية شعوب (47 سوق)، فمديرية الوحدة (35 سوق) ونقطة بيع، وأخيرا آزال (16 سوق) وصنعاء القديمة (9) أسواق، حسب دراسة ميدانية للمركز الإعلامي للثورة اليمنية.
وفي رد لشركة النفط عن وجود هذه التجاوزات في بيع وشراء المشتقات النفطية قال الناطق الرسمي أنور العامري لـ”يمن مونيتور” إن “شركة النفط اليمنية ترفض هذا الانتشار الواسع لسوق السوداء، لكن ما عسى الشركة ان تصنع في كل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا”.
وأضاف، “لم يتم الاستقرار على أسعار السوق السوداء ولكن المشكلة عدم وجود سيولة نقدية لدى البنك المركزي اليمني وهذه حجته في عدم إعطاءنا ما نريده، مع العلم ان وزارة النفط تشتري البترول بالدولار وتبيع بالعملة المحلية الريال”، منوهاً إلى أن “انهيار الريال اليمني أمام الدولار في عملية الصرف وهذا يلقي بضلاله علينا حيث يتم منع اعطاءنا المبالغ المخصصة لاستيراد النفط”.
“سفن تجارية” في الانتظار
وتنتظر أربع سفن تجارية تحمل كميات كبيرة من البترول والديزل متواجدة حالياً في “غاطس” ميناء الحديدة، منعت من إفراغ شحنتها بسبب خلافات مع شركة النفط تعود لرفض البنك المركزي دفع المبالغ المخصصة.
وهذا ما أكده المتحدث الرسمي العامري في وقت سابق لـ”يمن مونيتور” قائلاً: “لدينا أربع سفن متواجدة في سواحل ميناء الحديدة في “الغاطس” الذي يبعد 42 ميل غرب ميناء الحديدة، تحتوي على مادتا البترول والديزل ولا نستطيع إدخالها بسبب ارتفاع سعر الدولار واختلاف سعر الصرف، أدى لوجود اشكالية في اختلاف الأسعار وعدم الوفاء بالأسعار المتفق عليها وتسبب بعد التفريغ واستقبال الكمية من “الغاطس”.
ومنذ اجتياح الحوثيين للعاصمة اليمنية صنعاء أواخر سبتمبر/ أيلول 2014، شهدت البلاد انفلاتاً أمنياً وضائقة اقتصادية كبيرة، وهي التي تصنفها المنظمات الدولية ضمن البلدان الأشد فقراً في المنطقة العربية، ويعيش ملايين من سكانها تحت خط الفقر.