الغارديان: التساهل في تحقيق العدالة لدارفور سبب في العنف الحالي بالسودان
يمن مونيتور/قسم الأخبار
دعت مجموعة كل الأحزاب في البرلمان البريطاني، الحكومة إلى فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في دارفور. وقالت إن الفشل في تحقيق العدالة كان سببا في العنف الدائر اليوم في العاصمة الخرطوم.
وفي تقرير للمحرر الدبلوماسي باتريك وينتور نشرته صحيفة “الغارديان”، قال فيه إن المجموعة دعت لفرض عقوبات على عسكريين سودانيين في مراكز بارزة، واعتبار شركة المرتزقة الروسية العاملة في السودان “فاغنر” منظمة إرهابية.
وتضم المجموعة وزيرة أفريقيا السابقة النائبة المحافظة فيكي فورد، واتهمت الغرب بأنه سمح للمتورطين بالإفلات من العقاب وتركه يتحول إلى عرف سائد، وأن الفشل في تقديم أعداد من المسؤولين في الميليشيات السوداني المسلحة للعدالة بسبب أحداث دارفور قبل 20 عاما، كان سببا في العنف الحالي، فقد سمح هذا للجماعات المسلحة بتجميع نفسها من جديد، والتحول إلى جزء من القوى التي تحاول منع الانتقال الديمقراطي في البلد.
وحذر التقرير من أن اندلاع العنف الذي رافقه التشرد في دارفور يعني تدفق أعداد من اللاجئين “يأتون في النهاية إلى بريطانيا من السودان”، ويمثل السودانيون رأس قائمة القادمين بالقوارب إلى بريطانيا إلى جانب خمس دول.
وجاء في التقرير الذي ترأسه عضو مجلس اللوردات، لورد ألتون، إن الفشل على المدى البعيد للمجتمع الدولي، وعمل ما يمكن عمله لمساعدة المحكمة الجنائية الدولية وجلب المشاركين في الإبادة إلى العدالة السودانية، شجع مرتكبي العنف الحالي. وزار ألتون دارفور عام 2004، للاطلاع على حجم الجرائم، ويعتقد أن العنف المتكرر في الإقليم الذي حدث خلال العامين الماضين مرّ بدون عقوبة.
وأجري التحقيق الحالي قبل فترة وجيزة من اندلاع العنف بالخرطوم، واستند على شهادات دبلوماسيين بريطانيين، وكذا المحقق الأول في الجنائية الدولية، المحامي الأرجنتيني لويس أوكامبو. وبعد تحقيق الجنائية الدولية، أصدرت المحكمة مذكرة ضد عمر البشير الذي كان أول رئيس تصدر ضده “الجنائية الدولية” مذكرة، وأول شخص توجه إليه اتهامات بارتكاب جريمة إبادة.
وأخبر أوكامبو لجنة كل الأحزاب أن غياب الإرادة السياسية هي التي منعت اعتقال البشير، الموجود الآن بمستشفى عسكري في الخرطوم. ولو تم اعتقاله لكان رادعا لفلاديمير بوتين عن غزو أوكرانيا العام الماضي. وقال أوكامبو: “لقد انتهى الاهتمام الدولي سريعا”.
ووجد التحقيق أن وجود شركة فاغنر في السودان خبيث جدا، ومصمم من أجل تحقيق أهداف رئيسية، مثل منع التحول الديمقراطي وتصدير الذهب السوداني لدعم آلة الحرب الروسية في أوكرانيا، وبناء قاعدة بحرية روسية على البحر الأحمر.
وقال ألتون إن إبادة دارفور قبل 20 عاما، قوبلت بحصانة من العقاب مثيرة للدهشة، وتعتبر اليوم واحدا من الأسباب التي تدفع لمزيد من الجرائم والتشريد. وبدون عدالة، لن يكون هناك سلام، وبدون سلام لن يكون هناك تطور وأمل، وفق رأيه.
وأضاف: “في النصف الأول من العام الماضي، تم تشريد نصف مليون لاجئ من دارفور، انضموا إلى 100 مليون لاجئ حول العالم، وتم تجاهل العنف المتواصل في دارفور”. وقال: “بدت هناك لحظة محيرة وتحمل بصيص أمل في السودان، انسحاب أمراء الحرب وعودتهم إلى ثكناتهم وفتح المجال للتكنوقراط والأطباء والمهندسين وغيرهم للمساعدة ونشر الديمقراطية في البلد”، ولكن هذه الآمال قد تبددت في الأسابيع الماضية.
وقال ألتون، إن الجيش السوداني يقاتل قوات الدعم السريع، ولكنه ملوث بدعم أيديولوجية راديكالية قادت عناصره للعب دور في قتل الملايين. وقال إن الجنرالين عبد الفتاح البرهان، ومحمد حمدان دقلو “حميدتي” تعاونا لمدة 3 أعوام نظرا للمصالح المشتركة.
وتساءلت الدكتورة روزاليند مارسدن، السفير السابقة في السودان، إن كانت بريطانيا تحركت بسرعة في اللحظة الحاسمة لردع التهديد على جدول التحول إلى الديمقراطية الذي تم التوصل في كانون الأول/ ديسمبر 2022.
وتم تصميم الاتفاق من أجل إصلاح الضرر الذي تسبب به انقلاب عام 2021، ويقود إلى دمج قوات الدعم السريع بالجيش. وأخبرت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان: “ما نراه الآن هو بالطبع صراع على السلطة بين جنرالين، ولكنه أيضا محاولة لعرقلة التحول الديمقراطي في السودان وإعادة سيطرة النظام السابق عليه. وهي نقطة أكدت عليها قيادة الحركة المدنية الداعية للديمقراطية”.
مضيفة: “كان هناك تحذير للمجتمع الدولي من أن عناصر في النظام السابق تحاول زرع إسفين بين الجيش وقوات الردع السريع وزعزعة عملية التحول. ويجب على الحكومات الدولية، بما فيها بريطانيا فهم هذه النقطة”.
وأشارت لما ورد في ورقة نشرها معهد تشاتام هاوس، وقالت فيها إن عناصر من النظام السابق كانت تدعو إلى الإفراج عن البشير وتقوم بالتعبئة أثناء رمضان، و”ربما كان على الحكومة البريطانية وشركائها التعامل مع هذه التحذيرات بجدية. وكما في أي عملية سياسية، فالمرحلة الأخيرة هي الاخطر، حيث يحاول مخربون زيادة جهودهم”.
وكان من الواجب ممارسة ضغط كبير لإجبار الجنرالين، وتحديد جدول زمني لدمج قوات الدعم السريع في الجيش. وهي ليست متأكدة من أن الوزراء رفعوا الهاتف في اللحظة الحاسمة.
وتحدثت الصحيفة في افتتاحيتها قائلة إن وقف إطلاق النار وخفض المواجهات يجب أن يكون خطوة مرحبا بها، حيث علق الملايين في بيوتهم بعد مقتل أكثر من 450 شخصا في القتال الدائر بين أنصار البرهان وحميدتي. ولكن الهدنة المتفق عليها لمدة 72 ساعة، ليست إلا راحة قليلة من الحرب.
وقالت إن الهدنة لو استمرت، فالأيام التي ستأتي بعدها هي محملة بالأسوأ. وأشارت إلى أن التركيز في بريطانيا ظل يدور حول عملية إجلاء البريطانيين، خاصة الطريقة التي أدارت فيها وزارة الخارجية تلك العملية، والتي سمحت للدبلوماسيين بالمغادرة أولا، وظلت اتصالاتها مع المواطنين الآخرين فقيرة، وتأخرت في إجلائهم، ولم يُسمح إلا للمواطنين البريطانيين والتابعين لهم، وحملة الأوراق التي تثبت إقامتهم، خلافا لبقية الدول الأوروبية.
ولهذا، تواجه وزارة الخارجية البريطانية أسئلة جدية للإجابة عليها. لكن ماذا سيحدث لآلاف السودانيين الذين اصطفوا على الحدود مع مصر بحثا عن مخرج، وتمنح السعودية الأولوية لنقلهم عبر السفن. وهناك الكثيرون في بيوتهم وبعضهم مريض لا يستطيع الخروج أو جمع المال الكافي للسفر أو يخافون من مغادرة بيوتهم، خاصة مع استمرار العنف لمدة غير معروفة. ويواجهون واقعا بدون طعام أو شراب أو خدمات اتصالات ولا خدمات طبية حيث أغلقت المستشفيات.
ولا يحترم الطرفان، المدنيين ويستهدفان المستشفيات. وحذرت منظمة الصحة العالمية من “مخاطر بيوليوجية عظيمة” وذلك بعد احتلال مقاتلين مخبرا طبيا وطرد الموظفين فيه. ومع خروج الأجانب وفراغ المدن من السكان، فسيحتدم القتال. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن العنف في السودان ليس خطرا على البلد فقط، ولكنه قد يشعل نيرانا بالمنطقة تتسبب بمعاناة طويلة لسنوات.
ومن الضروري منح الهاربين من الحرب والعنف ملجأ آمنا. وعلى المجتمع الدولي الضغط على مصر ودول أخرى لتخفيف شروط التأشيرة وتسهيل عبور اللاجئين وتوفير الخدمات لهم حالة وصولهم. وتقدر الأمم المتحدة أن حوالي 20 ألف سوداني اجتازوا الحدود مع تشاد منذ بداية الحرب.