العيد يقفز بأسعار “المعاوز” في اليمن
يمن مونيتور/العربي الجديد
قفزت أسعار “المعاوز” إلى مستويات قياسية في معظم أسواق اليمن خلال الأيام الماضية، حيث يشهد هذا النوع من الملبوسات الرجالية طلباً مرتفعاً خلال المناسبات والأعياد.
وتعتبر “المعاوز” من الأزياء الشعبية التراثية في اليمن، إذ تتكون من قطعة قماش منسوجة من خيوط ذات ألوان متناغمة وخامات متنوعة يتم ارتداؤها “كمئزر”، في حين تعد عملية حياكتها من المهن الرائدة والمتطورة في هذا البلد بالرغم من المتغيرات والتقلبات التي شهدها خلال السنوات الماضية.
وتلاحظ تصاعد الحركة التجارية في أسواق ملبوسات “المعاوز” خلال الأيام السابقة على حلول عيد الفطر في عدن وصنعاء وعدد من المدن الرئيسية الأخرى، إذ استحوذت على اهتمامات شريحة واسعة من اليمنيين خصوصاً في مناطق جنوب ووسط البلاد والتعامل معها كزي رسمي.
لكن أسعارها شكلت صدمة لكثير من المواطنين الذين يفضلون شراءها وارتداءها في الأعياد والمناسبات الدينية، إذ وصل سعر القطعة الواحدة من بعض الأصناف في صنعاء إلى نحو 40 ألف ريال (75.4 دولاراً) وفق سعر الصرف في المحافظة، بينما لا تتعامل المحال التجارية التي تبيع “المعاوز” في عدن وحضرموت سوى بالريال السعودي مع تجاوز القطعة الواحدة 1000 ريال سعودي (266.6 دولاراً).
يقول صالح القاري، بائع “معاوز” في عدن، لـ”العربي الجديد”، إن ارتفاع الأسعار يرجع إلى أن هذه الصناعة مكلفة فإنتاجها يكون غالباً يدوياً ويتطلب جهدا ووقتا، لافتاً إلى أن الخيارات متاحة أمام الزبائن مع تعدد الأصناف والأنواع بأسعار مختلفة منها ما يناسب شريحة محدودي الدخل.
وعرضت المحال التجارية أصناف وأنواع مختلفة ومتعددة من “المعاوز” والتي تنسب إلى مناطق إنتاجها في اليمن، حيث يبرز الصنف “البيضاني” والذي يتصف باللون الزاهي المائل للأصفر وفق تاجر “المعاوز” في صنعاء هاشم الأحول في حديثة لـ”العربي الجديد”، مشيرا إلى أنه تأتي بعد ذلك الأصناف الأخرى منها اللحجي والتعزي، وهناك الشبواني والحضرمي والتهامي.
ويضيف الأحول، أن النوع البيضاني مطلوب بشكل كبير من قبل اليمنيين خصوصاً المغتربين في دول الخليج، وذلك بالرغم من ارتفاع أسعاره بصورة تفوق قدرات الكثير من المواطنين الذين يشكل العيد لنسبة منهم فرصة سانحة لشراء “المعوز” البيضاني والذي يتجاوز سعره في صنعاء 40 ألف ريال.
ويحرص كثير من اليمنيين في مناسبات مثل الأعياد الدينية والأعراس والافراح على ارتداء “المعاوز”، إذ لا يقتصر الأمر عند فئة عمرية بعينها. وفي الوقت الذي تشتهر فيه مناطق يمنية بصناعة وحياكة المعاوز، يشكو عاملون في هذه المهنة من إغراق الأسواق المحلية بالأصناف المستوردة التي أصبحت تهدد أهم المهن اليمنية التاريخية العريقة.
وتغزو “المعاوز” الصينية مختلف الأسواق المحلية والتي تحظى بدورها برواج كبير لرخص أسعارها مقارنة بالأصناف والأنواع المحلية، إذ تتراوح أسعارها بين 8 و16 ألف ريال.
ويستورد اليمن ما يزيد على 90% من احتياجاته السلعية، الأمر الذي حول البلاد إلى سوق كبيرة ومفتوحة تستوعب منتجات وسلعا متنوعة ومتعددة مع وصول الأمر إلى سلع تشتهر اليمن بإنتاجها من خلال تنوع حرفي ومهني.
يرى أحمد النهاري، مالك معمل لحياكة “المعاوز”، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن سياسة الاستيراد المفتوحة بدون ضوابط أضرت كثيراً بقوت اليمنيين حيث أضعفت حرفهم وصناعاتهم التي كانت تغطي جزءًا كبيراً من احتياجات الأسواق المحلية قبل تعرضها في السنوات الأخيرة لإغراق واسع بالسلع المستوردة.
وتتطلب حياكة المعاوز جهدا ومهارة خاصة وخفة في حركة اليدين والرجلين، والتركيز أثناء العمل، في حين شهدت تطورات عديدة وإدخال آلات ومعدات، وتعديلات على آلة الحياكة التقليدية لتسهيل العمل والذي أدى إلى مضاعفة عدد القطع الرئيسية فيها وابتكار تصاميم صغيرة مناسبة.
يشير عماد الوصابي، عامل في صناعة “المعاوز”، لـ”العربي الجديد”، إلى أن هناك إصرارا متناميا خلال الفترة الماضية في اليمن لاستعادة إرث هذه المهنة ومحاولة انتشالها من الانحدار الذي تعاني منه نتيجة تبعات الحرب والصراع الدائر في اليمن منذ العام 2015.
وتؤكد جمعيات ومنظمات متخصصة في الصناعات الحرفية والمهنية، افتقاد مجتمع الحرفين والمهنيين في البلاد للاهتمام بمنتجاتهم وكذلك للمواد الخام التي تستند إليها أعمالهم، الأمر الذي تسبب في توقف نسبة كبيرة منها بشكل تدريجي منذ بداية الحرب قبل أكثر من ثمان سنوات.
وتقدر هذه الجمعيات والمؤسسات الخاصة فقدان نحو 70% من هذه الأعمال والحرف والمهن وتسريح أياد عاملة مهنية وحرفية تقدر بعشرات الاَلاف أصبحت في عداد البطالة وأعداد أخرى قد تنضم تباعاً إليها لعدم قدرتها على مواصلة الصمود في ظل ظروف صعبة وحرجة.