إن أكثر ما يصيبني بالحزن أن يفقد البسطاء طيبتهم و سماحتهم, إنهم عرضة دائما لإنتهازية الكبار, لطالما تاجروا بأصواتهم في الانتخابات والآن يدفعونهم عنوة في المظاهرات, وأخيراً في الحروب والنزاعات, كانوا قبلا يبيعون حقهم في المستقبل والآن قد يخسرون حيواتهم في حرب أو تجمع يرتب فيه عمل أجرامي خسيس يطيح بأرواحهم البريئة لا يدرون لماذا أو كيف ؟
إن أكثر ما يصيبني بالحزن أن يفقد البسطاء طيبتهم و سماحتهم, إنهم عرضة دائما لإنتهازية الكبار, لطالما تاجروا بأصواتهم في الانتخابات والآن يدفعونهم عنوة في المظاهرات, وأخيراً في الحروب والنزاعات, كانوا قبلا يبيعون حقهم في المستقبل والآن قد يخسرون حيواتهم في حرب أو تجمع يرتب فيه عمل أجرامي خسيس يطيح بأرواحهم البريئة لا يدرون لماذا أو كيف ؟
هؤلاء البسطاء من الفقراء هم وقود الحروب وخلافات الساسة دوماً ..
إذا لم يخدعون بالشعارات الزائفة خدعوا بالأموال التي تصب لإغرائهم, قليل منهم من يعي اللعبة وكثير منهم من يسير للموت بحماسة وإخلاص المساكين .
أغلبهم “شقات” و لطالما اعتبرت تسميتهم بالشقات نظرا للشقاء الذي يكابدونه في طلب رزقهم وإن كنت في أعماقي أطلق عليهم تسمية أحباب الله ..
إنهم أولئك الذين تقف مباني اليمن والخليج على أكتافهم, من يخالطون الحجر والإسمنت فترق قلوبهم لله بالحمد والشكر على ما رزقهم من عمل تتشظى لها أكفهم وتنحني لأثقالها ظهورهم وتتجعد لحرارة شمسها المحرقة وجوههم.
“الشقات” أحباب الله .. ينتزعون رزقهم من عمق التعب والإنهاك, راضين بالقليل بفرح اليائس, يرى الواحد منهم نفسه محظوظ حين يجد عملا في يومه ولا يعود إلى بيته خائباً لا يدري بم يطعم أطفاله, لعلهم أكثر فئة عانت من أزمة الوطن الخانقة فلا أشغال ولا تعمير, لقد أصبح التخريب وتفجير البيوت بديلا لما كان من نهضة في العمران في مختلف مدن اليمن.
من أين سيجدون أشغالاً والناس افتقدت الأمان والتهجير والنزوح يفتك بهم, والأسعار في اشتعال حتى أصبح هم هذا الإنسان أن يؤمن قوت عائلته وكفى .
ربما لا يوجد من هو أسوأ حالا من الشقات إلا فئة المهمشين التي كانت وما زالت أكبر شاهد على وضع البؤس الإنساني في اليمن, رغم محاولات الكثير منهم تجاوز هذه الخانة التي وضعوا فيها ظلماً, فالتحقوا بالتعليم وصار منهم المتعلمون والمدافعون عن قضيتهم العادلة, إلا أن الغالبية العظمى يرزحون تحت جهل وقبول بالحال يستعصي معه أي تغيير خارجي .
مازالوا ورقة غامضة لحقوق الإنسان لا أحد يدري متى تشتعل في وطن لا حق فيه لأحد .
في كل سوق شعبي هناك ركن مخصص لبيع القات, يفترش بائعيه أحد الأرصفة من ساعة مبكرة و يبدأون في الاحتيال على الزبائن بشتى أنواع القسم .
كثير من الباعة تجدهم ما زالوا في سن التعليم بمختلف مراحله, و كثير منهم يعول أسرة ولا يحلم أن يجد من يتكفل بإعالته, وآخرين فضلوا مدرسة الحياة التي قد يتخرج منها إما فقيراً شريفاً أو لصاً غنياً .. وفي زمننا هذا قد يكون رئيس للدولة أيضا .
إنه البؤس كله يجتمع في سوق شعبي للقات يختلط فيه الخبيث بالطيب, ترى فيه السيارات الفارهة و رجل مقعد يسير على ما تبقى من نصفه الأسفل بحثا عن نفس الهدف ..القات, والعابرين منه لا بد أن يحملون انطباعا حزينا يصيبهم بالكرب فهنا تتجلى مأساة اليمني في أكله و لبسه و أحاديثه وطريقة تفكيره نحو الأمور وحتى بذاءته وحمقه .