الحوثيون في مهمة استنساخ “خميني” لليمن (تحقيق)
احتفى الحوثيون الأسبوع الماضي بذكرى مقتل زعيمهم حسين الحوثي وبطريقة دعائية تروج لمقولات زعيمهم وافكاره الدخيلة على الثقافة اليمنية؛ امتلئت شوارع المدن وطرقها بلوحات عملاقة تحاول غرس مقولات تصف حسين الحوثي “بالقرآن الناطق ” تارة وملهم اليمنيين الحرب على ” امريكا واسرائيل” العدو الإفتراضي تارة أخرى. يمن مونيتور/ وحدة التحقيقات/ خاص
احتفى الحوثيون الأسبوع الماضي بذكرى مقتل زعيمهم حسين الحوثي وبطريقة دعائية تروج لمقولات زعيمهم وافكاره الدخيلة على الثقافة اليمنية؛ امتلئت شوارع المدن وطرقها بلوحات عملاقة تحاول غرس مقولات تصف حسين الحوثي “بالقرآن الناطق ” تارة وملهم اليمنيين الحرب على ” امريكا واسرائيل” العدو الإفتراضي تارة أخرى.
عرفت جماعة الحوثي في اليمن كحركة سياسية دينية مسلحة تأسست عام 1992 وباتت تتخذ رسميا اسم “أنصار الله”، وتمت تسميتهم بالحوثيين نسبة إلى مؤسسهم حسين الحوثي الذي قتل في سبتمبر 2004 ووالده المرشد الروحي للحركة بدرالدين الحوثي.
وارتبط زعيم جماعة الحوثيين حسين الحوثي بالنظام الديني في ايران منذ وقت مبكر وتأثر بالأفكار الشيعية هناك، ومثل حسين الحوثي نسخة مستعارة من الفكر الاثني عشري، وأدى انحرافه عن المذهب الزيدي إلى تصدع الشباب المؤمن الجماعة التي شكلها بنفسه، واصطدم الحوثي بعلماء الزيدية ومنهم الشيخ مجد الدين المؤيد الذي قال: إن ظاهرة الحوثية غريبة على المجتمع اليمني المسلم في أفكارها وأطروحاتها، بعيدة كل البعد عن المذهب الزيدي الذي يشكل هو والمذهب الشافعي توأمين رئيسين وفرعين في أصل عقدي واحد هو الإسلام الحنيف.
بناء الصنم
بعد عشر سنوات على مقتله سلمت الحكومة اليمنية في الخامس من يونيو 2013 ؛ جثة حسين الحوثي لأتباعه الذين انفقوا اموال طائلة في مختلف محافظات اليمن لحشد الناس الى جنازته في حينها وتم بناء قبر له بمران على شكل مزار يشبه مزارات الشيعة في العراق وايران وتلك كانت بداية بناء الصنم.
وفي الحادي والعشرين من سبتمبر 2014 م قاد عبدالملك الحوثي زعيم الجماعة الحالي والشقيق الأصغر للمؤسس انقلاباً مسلحاً أدخل الدولة اليمنية في اتون حرب امتدت تداعيتها الى محيط اليمن الإقليمي والدولي.
واجتاح مسلحو الحوثي غالبية المدن اليمنية وريفها وبدأت تطفو على السطح أهداف دينية غلفت بمطالب اقتصادية دغدغت مشاعر العامة.
احتفاءات دعائية
ويرى الباحث اليمني “نبيل البكيري ” ان فكرة صنمية الافراد التي تنتهجها جماعة الحوثي ؛ هي فكرة وثقافة نابعة من عنصرية الفكرة المؤسسة؛ وهي فكرة خرافة البطنين لدى الزيدية وهي نفسها الموجودة عند الاثني عشرية .
واعتبر “البكيري” في حديث خاص لـ”يمن مونيتور” أن ما تقوم به الحوثية اليوم ينطلق من محاكاة حرفية للفكرة الخمينية ما بعض الاضافات التقديسية التي لم تصل اليها الخمينية ذاتها .
توظيف قدرات الدولة
يسخر الحوثيون اليوم كل مقدرات الدولة الاقتصادية والسياسية والاعلامية لتخليد زعيمهم الراحل وأفكاره في محاولة لصناعة مرجعية دينية على الطريقة الايرانية والعراقية.
وجهت وزارة التربية والتعليم اليمنية، الخاضعة لسيطرة الحوثيين ، طلاب المدارس على ارتداء ملابس تحمل صورة زعيم الجماعة الراحل حسين بدرالدين الحوثي ؛ وأرغمت إدارات المدارس الموالية للحوثي طلابها بـ”الخروج إلى شوارع العاصمة صنعاء للمشاركة بعملية نظافة تنفذها الجماعة في الذكرى الـ 12 لمقتله.
وخلال ندوة تحيي ذكرى مقتل مؤسس الجماعة وجه نائب وزير الأوقاف والإرشاد، فؤاد ناجي، مراكز البحوث في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرتهم، إلى دراسة الفكر العسكري والسياسي لحسين الحوثي.
حوثنة الإعلام الرسمي
استبدلت صحيفة الثورة اليمنية الحكومية، الخاضعة لسيطرة الحوثيين ملحقاً كان يخصص سنوياً في الثالث من شهر مايو، لليوم العالمي لحرية الصحافة، بملحق خاص بذكرى مقتل مؤسس الجماعة،حسين بدر الدين الحوثي”.
وتعمل مؤسسة الثورة للطباعة والنشر في مطابعها المملوكة للحكومة اليمنية، على طباعة أكثر من 90 ألف ملزمة حتى الآن، تحتوي على دروس ألقاها الحوثي في عام 1422هـ وتم نقلها من تسجيل لها في أشرطة كاسيت بحسب مصدر خاص ليمن مونتيور.
رفض مجتمعي
والى الحديدة غربا الحاضنة الاجتماعية الأكبر للشافعية المعتدلة فرض الحوثيون على أئمة المسجد خطباً جاهزة تعظم وتثني على زعيم الجماعة ، يواجه الحوثيون صعوبة كبيرة في اقناع المجتمع بهذه الأفكار نتيجة البين والاختلاف الكبير بين المجتمعات.
يستبعد “أحمد الأهدل”، استاذ جامعي متخصص في الثقافة والتاريخ الاسلامي، أن يتقبل الناس في الحديدة فكرة تقديس وتعظيم زعيم الحوثيين نتيجة الوعي الذي يمتلكه الجيل والمجتمع التهامي المتحضر.
ويرى “الأهدل” أن الحوثيين يدركون انهم لن يتمكنوا من صناعة مرجعية دينية على الطريقة العراقية او الايرانية لكنهم يريدون ايهام المجتمع الدولي بحضور فكري زائف بين شرائح المجتمع اليمني ، وحذر من استغلال الحوثيين عامل السن لدى الأطفال بزرع افكارهم عبر المناهج التربوية والتعليمية في المدارس.
حكم السلالة
يعتقد البكيري أن المجتمع اليمني يعي جيدا هذا الدغمائيه فلديه من الوعي ما يمكنه من تمييز الأفكار السليمة من السيئة ، ويضيف ان اليمنيين يرفضون هذه الحالة القطيعية والبهيمية ولا يمكن أن يقبلوا بها ويتعايشوا معها حتى وإن صمتوا قليلا الآن لكنهم يستحيل أن يتعايشوا مع وضع شاذ كهذا.
ويشير الى ان هناك حالة دغمائيه كامنه في قطاع ليس كبيرا ممن يزعمون إنتمائهم لسلالة (مقدسة) بحسبهم لكن هذه الحالة الشاذة ترتكز على حالة الصراع السياسي القائم ولا يمكن أن تستمر لكارثيتها ليس فقط على المجتمع وإنما أيضا على المنتمين لهذه الفكرة الخرافية ذاتها.
خسائر اقتصادية
شهدت السوق الأعلانية خسائر كبيرة نتيجة احتكار الحوثيين لسوق الإعلانات في اليمن وقامت بتوظيفه سياسياً بهدف الترويج لأفكارهم ومشروعاتهم، ما تسبب في خسائر فادحة للمستثمرين وتوقف شبه تام للشركات الإعلانية وتسريح المئات من موظفيها.
وقدر خبراء إعلان يمنيون أن تصل الخسائر المباشرة للقطاع حوالي 30 مليون دولار خلال العام الماضي، فضلا عن خسائر في الأصول والمعدات التي تعرضت للنهب، بالإضافة الى فقدان الدولة رسوم سنوية تقدر بـ 40 مليون دولار مقابل تأجير المساحات الإعلانية في العاصمة اليمنية صنعاء فقط.
تحالف غامض
خاض الحوثيون في معقلهم بمحافظة صعدة أقصى شمال اليمن، 6 حروب مع نظام صالح بين 2004 و2010، إلا أن صالح بات حليفهم الرئيسي اليوم ويعد القوة الحقيقية خلف صعودهم المثير منذ 2014.
وفي الوقت الذي يستمر فيه هذا التحالف الغامض تتهم الجماعة حليفها صالح بقتل مؤسسها وزعيمها الراحل “حسين بدرالدين الحوثي”، بالتعاون مع الأمريكان في تناقض واضح للمواقف.
وخلال فعالية بالذكرى السنوية الـ(12) لمقتل مؤسس الجماعة التي أقيمت بقاعة الأرصاد الجوية، ثاني أكبر قاعة مخصصة للفعاليات الحربية في اليمن، وزعت الجماعة كتاباً بعنوان “المشروع القرآني.. انطلاقته ومعالمه”، اتهمت فيه “صالح” صراحة بالوقوف وراء مقتل زعيمها “حسين الحوثي”، مشيرة إلى أنه “أبلغ السفير الأمريكي في صنعاء بذلك”، في إشارة إلى وجود تنسيق بين الأمريكان وصالح.
ويصف البكيري هذه العلاقة بالعلاقة المصلحية النفعيه والبرجماتيه ، ويؤكد انها في الطريق الى التلاشي والاصدام لكن من يؤخر هذا هو فقط وضع الحرب الدائرة.