تعز المحاصرة تجعل “اليمن السعيد” اسما على مسمى
يمن مونيتور/إندبندنت عربية
ما إن فاز عدد من أبنائها بألقاب وجوائز متنوعة على المسرح الدولي، حتى غدت المدينة المحاصرة من قبل الحوثيين منذ ثمانية أعوام حديث كل اليمنيين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وباتوا يطلقون عليها “صانعة الأفراح” في زمن الحرب والحصار.
الحديث هنا عن تعز، المدينة المعروفة بـ”قلب اليمن” الثقافي وصانعة تاريخه الأكثر مدنية، إذ كانت ولا تزال مسرحاً لكثير من الطاقات الإبداعية المتنوعة وشكلت “بلد المنشأ الأول” لكثير من العقول اليمنية في مختلف المجالات.
وكان لافتاً بروز مبدعين في المدينة على رغم الحصار الذي يطوقها، إذ في غضون أشهر امتدت من أكتوبر (تشرين الأول) 2022 وحتى شهر مارس (آذار) الجاري، حاز أبناء المدينة 16 جائزة مختلفة في محافل عربية وعالمية وأصبحوا حديث الشارع اليمني.
من أبرز أولئك حافظة القرآن اليمنية منار سلطان التي انتظرها استقبال شعبي واسع بعد إحرازها المركز الأول في المسابقة العالمية للقرآن الكريم التي احتضنتها العاصمة الأردنية عمان أخيراً.
وشكل فوز منار فرحة كبيرة في الأوساط الشعبية اليمنية، واعتبره كثيرون بمثابة “نصر” من نوع آخر للمدينة المحاصرة.
وكرمت وزارة الأوقاف في المحافظة المتسابقة بمبلغ مليون ريال يمني (نحو 4 آلاف دولار)، معتبرة الإنجاز الذي حققته “فخراً لكل اليمنيين وإضافة نوعية لمكانة اليمن في المحافل الدولية، لا سيما فئة الإناث”.
أول شاب عربي
في مارس الجاري، حصد الشاب اليمني شادي الحكيمي المدير التنفيذي لشركة “تالي” جائزة الإبداع الهولندية “IGNITEAward”، وهي جائزة مالية قدرها 100 ألف يورو (108 آلاف دولار)، دعماً لمشروعه “Taaly” التعليمي، كأول شاب عربي يحصد هذه الجائزة خلال 10 أعوام.
قبل ذلك بيوم واحد، حصد الطفل اليمني صالح عبدالملك سهيل المركز الأول في “ملاكمة البوكسينغ” بالسويد على مستوى أوروبا وتأهل للمشاركة في بطولة العالم بـأميركا.
وضمن قائمة أهم 15 إعلامية عربية لهذا العام، تم تكريم الإعلامية اليمنية مايا العبسي بجائزة “أطوار بهجت” في العراق في 8 مارس الجاري.
ميليشيات الحوثي تجمد حسابات الخطوط الجوية اليمنية بالبنوك
وفي فبراير (شباط) 2023، حصلت الطالبة آية المحيا على المركز الأول عربياً للموهبة والإبداع في العاصمة السعودية الرياض.
كما فاز كل من رفا محمد وجوري فؤاد وحلا خليل وعمر عادل بالمراكز الأربعة الأولى في المسابقة العالمية للحسابات الذهنية التي أقيمت بمصر.
وبالنسبة إلى مجال الإنشاد، كان المركز الثاني في مسابقة بور سعيد بمصر من نصيب المنشد اليمني بلال الأغبري.
وعلى صعيد القصص الإنسانية، حصلت اليمنية حياة الذبحاني على المركز الأول في العمل الإنساني ومشاريع التمكين الاقتصادي على مستوى الوطن العربي في مسابقة أقيمت بدولة قطر.
جوائز ومراكز متقدمة
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حصل الصحافي اليمني وجدي السالمي على “الجائزة الذهبية” لأفضل تحقيق استقصائي على مستوى الوطن العربي من بين 133 متقدماً.
وقال السالمي إن “الجائزة كانت ثمرة جهد عامين من البحث في موضوع بتر أطراف جرحى لا يستحقون البتر”، مشيراً إلى أن الصحافة الاستقصائية هي صحافة العصر ومعتبراً أن “هناك كثيراً من المواضيع في جميع القطاعات مثل الصحة والتعليم وحقوق الإنسان والطاقة والعدالة بحاجة إلى إنتاج تحقيقات معمقة للكشف عن المستور فيها من فساد مرعب بهدف حماية المصلحة العامة”.
في ديسمبر أيضاً، حصد أستاذ النقد في جامعة تعز فتحي الشرماني المركز الأول بجائزة الشارقة لنقد الشعر العربي لقاء بحثه حول “استراتيجية التحول الثقافي في القصيدة اليمنية المعاصرة”، كما صنفت الحقوقية اليمنية معين العبيدي ضمن قائمة “بي بي سي” عن 100 امرأة ملهمة في العالم.
الطفل اليمني محمد العامر يقول إنه يسعى من خلال موهبته في مجال الإلقاء إلى تقديم رسائل ثقافية وسياحية متنوعة عن اليمن وإيصال رسائل إنسانية عن معاناة آلاف الأطفال اليمنيين إلى العالم.
وكان محمد العامر (13 سنة) أحرز المركز الأول في مسابقة تحدي الإلقاء الدولية في الرياض في أكتوبر 2022.
وحصد إبراهيم الجندي المركز الأول في المسابقة الدولية للقرآن الكريم التي احتضنتها تركيا في أكتوبر الماضي، بينما نال أبو بكر الطبي المركز الأول في مسابقة القراءات الـ10 بدولة الكويت، أما خالد الحريري، ففاز بجائزة “الألكسو” للبحث التربوي المتميز على مستوى الوطن العربي التي أقيمت في دبي.
خلفية تاريخية
كانت تعز عاصمة للدولة الرسولية (1226-1454) التي شهد اليمن في عهدها نهضة تعليمية شاملة تكاد تكون الأهم في تاريخها، إذ يرى الكاتب ثابت الأحمدي أن سلاطين وملوك وحكام الدولة الرسولية “كانوا علماء وأدباء وفقهاء يقدرون قيمة العلم وأصحابه، فازدهرت الحركات العلمية في عهدهم وتطورت وبلغت شهرتها الآفاق كماً وكيفاً، وذلك في مختلف فنون العلم”.
واعتبر أن السباق في الشأن الثقافي خلال ذلك العهد كان نادراً، إذ “فاقت مدارس الأميرات من نساء الحكام الرسوليين التي تم بناؤها على نفقاتهن الخاصة من حيث عدد المدارس التي ابتناها ملوك وأمراء الدولة الرسولية نفسها والتي وصلت في عهد السلطان المظفر إلى 31 مدرسة، وبلغ عدد المدارس التي ابتنتها الأميرات الرسوليات 34 مدرسة تعليمية”.