الصحافة اليمنية.. تغييب قسري تحت سلطة الحوثيين
يصادف اليوم، الثالث من مايو/ أيار، اليوم العالمي لحرية الصحافة، فيما الصحافة اليمنية تعيش اسوأ مراحلها على الإطلاق،في ظل غياب فسري فرضه الحوثيون عليها. يمن مونيتور/ محافظات/ وحدة التقارير
يصادف اليوم، الثالث من مايو/ أيار، اليوم العالمي لحرية الصحافة، فيما الصحافة اليمنية تعيش اسوأ مراحلها على الإطلاق، في ظل غياب فسري فرضه الحوثيون عليها.
ومنذ اجتياحها للعاصمة اليمنية صنعاء أواخر سبتمبر/ أيلول من العام 2014، صادرت جماعة الحوثي المسلحة كل الأصوات المناوئة لها، وأبقت على نزر يسير من وسائل الإعلام التي تسير في فلكها وتسبح بحمدها.
داهم مسلحو الجماعة، منذ اليوم الأول، مكاتب القنوات الفضائية، والصحف، ومواقع الانترنت، ونهبوا كل محتوياتها، وزجّوا بعشرات الصحفيين والناشطين والحقوقيين إلى السجون، فيما لقي البعض حتفه على يد مسلحي الجماعة كما حدث للمصور الصحفي محمد اليمني في تعز، الذي اغتاله قناصة حوثي، أو عن طريق تحويلهم إلى دروع بشرية كما حدث مع عبدالله قابل ويوسف العيزري.
حليف الحظ، هو من وجد فرصة للنجاة، فهناك المئات من الصحفيين غادروا البلاد للعمل من خارجها، بعد أن ضاقت بهم ذرعاً، وتعرض بعضهم للمضايقات والمطاردة.
وامتدت انتهاكات الحوثيين إلى إيقاف رواتب الصحفيين المناهضين لسياسة الجماعة، فقد شرعت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، حكومية تسيطر عليها جماعة الحوثي المسلحة بإجراءات فصل 38 من الصحفيين العاملين لديها من وظائفهم، لأنهم يعارضون سياسات الجماعة الحوثية وانقلابها على الشرعية في اليمن، بعد أن أوقفت مرتباتهم خلال الأشهر الماضية ومصادرتها.
كما استغل الحوثيون كل وسائل الإعلام الرسمية، الفضائيات والاذاعات ووكالة سبأ الحكومية، ومؤسسة الثورة لصالح جماعتهم، وأصبحت ناطقة باسمهم.
وكان زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، هاجم في خطابات سابقة الصحفيين والإعلاميين معتبراً غياهم أخطر من المحاربين، وهو تحريض صريح قوبل باستنكار المنظمات الحقوقية والصحفية.
وحسب معلومات حصل عليها (يمن مونيتور)، فقد قامت مؤسسة الثورة للطباعة والنشر في مطابعها المملوكة للحكومة اليمنية بصنعاء، بطباعة ملازم حسين الحوثي منذ نحو أسبوع”.
وقال أحد الفنيين العاملين في مطابع مؤسسة الثورة للطباعة والنشر إنه “تم طباعة أكثر من 90 ألف ملزمة حتى الآن، تحتوي على دروس ألقاها الحوثي في عام 1422هـ، وتم نقلها من تسجيل لها في أشرطة كاسيت”.
وأضاف أن” الطباعة تمت بتنسيق مباشر مع فيصل مدهش نائب رئيس مجلس الإدارة المعين من قبل جماعة الحوثي”.
لقد فقد المئات من الصحفيين والفنيين العاملين في مجال الصحافة وظائفهم، بعد أت اضطرت وسائل الإعلام إلى مغادرة البلاد، والبث من بلدانها الأصلية، ليدفع صحفيو اليمن فاتورة باهظة نتيجة سيطرة الحوثي على البلاد ومغادرة الحكومة للخارج.
ووفقاً لتقرير صادر عن مركز الإعلام الاقتصادي فإن الربع الأول من العام الجاري شهد 107 حالة انتهاك للحريات الاعلامية في البلاد.
وكشف التقرير أن الانتهاكات توزعت بين حالات قتل واختطاف وإصابة وتهديد ومحاولة قتل واقتحام ونهب منازل ومؤسسات اعلامية واعتداء بالضرب وإيقاف ومصادرة الصحف الى جانب حجب واختراق مواقع الكترونية وشملت الانتهاكات أيضا ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي”.
وحسب التقرير، فقد توزعت انتهاكات الربع الاول للعام 2016م بين 33 حالة اختطاف وبنسبة 31% ، و 15 حالة اصابة وبنسبة 14 %، و 13 حالة تهديد بنسبة 12 % ، و 13 حالة حجب مواقع اخبارية بنسبة 12 % و 12 حالة اعتداء بنسبة 11 % ، و6 حالات قتل وبنسبة 5 % ،و 4 حالات محاولة قتل وبنسبة 3.5% ، و 3 حالات اختراق صفحات الفي سبوك وبنسبة 2.5% ، و2 حالتين تفجير واقتحام منازل وبنسبة 1.5% ،و4 حالات مصادرة واقتحام ومنع طباعة صحف واغلاق مؤسسة اعلامية وبنسبة3.5 %، وحالة اعتقال واحدة وبنسبة0.9 % ، وحالة تحريض واحدة ضد صحفي وبنسبة 0.9 % .
واحتل شهر مارس/ آذار الماضي، وفقاً للتقرير، المرتبة الاولى في حالات الانتهاكات ضد الاعلاميين ونشطاء التواصل الاجتماعي بعدد 40 حالة وبنسبة 37 %، تلاه شهر يناير بعدد 38 حالة انتهاك وبنسبة 35.5 %، ثم شهر فبراير بعدد 29 حالة انتهاك وبنسبة 27%.
وما يزال 13 صحفياً يمنياً يقبعون منذ أشهر في سجون الحوثيين، بعضهم يتعرض للتعذيب، فيما أخفي بعضهم قسرياً ولا يعلم أهله عن مكان احتجازه شيئاً.
يقول “نبيل الأسيدي”، رئيس لجنة التدريب والتأهيل بنقابة الصحفيين اليمنيين، للأسف نحن لن نحتفل بهذا اليوم، فعامنا كله أحزان للصحافة والصحفيين، 15 شهيدا من بيننا، و16 زميلاً مختطفاً في سجون الحوثيين، وزميل آخر في قبضة القاعدة أيام سيطرتها على المكلا ولا نعرف مصيره حتى الآن، إضافة إلى زميلنا وحيد الصوفي الذي له أكثر من عام منذ اختطافه من وسط العاصمة صنعاء وإلى هذه اللحظة لا نعلم ما مصيره.
وتساءل “الأسيدي” في حديث خاص لـ(يمن مونيتور)، كيف لنا أن نحتفل وفي عام واحد اختطف أكثر من 80 صحفياً، وتعرض العشرات من الزملاء للاعتداءات المختلفة من إطلاق الرصاص إلى الضرب إلى التهديد، فيما يتعرض أربعة من الزملاء المعتقلين في سجون المليشيات لتعذيب شبه يومي حتى تسيل الدماء من رؤوسهم، وتمنع عنهم الزيارات”.
“لم يعد لنا يوماً لحرية الصحافة، فكل الصحف المستقلة والأهلية والحزبية مغلقة ومنهوبة، فيما مؤسسات الإعلام الرسمية تسيطر عليها جماعة الحوثي بقوة السلاح”، يقول “الأسيدي.
وتابع، “هناك عشرات الزملاء تم الاستيلاء على أرزاقهم ومرتباتهم في وكاله سبأ الحكومية وفي كافة المؤسسات الإعلامية، وهناك المئات تم تسريحهم من أعمالهم وأعادتهم إلى منازلهم، والبقيه يعانون من الاستقطاعات ونهب مستحقاتهم، كما يحدث في للزملاء في مؤسسه الثورة.
ويرى الصحفي اليمني، “همدان العليي”، أن الواقع الصحفي والاعلامي في اليمن يعيش أسوأ مراحله منذ أن سمح نظام الحكم القائم بعد عام 90 بالتعددية السياسية والحرية الصحفية بناء على القانون رقم (25) لعام 1990، والذي نظم العمل الصحفي وأتاح الفرصة أمام الجميع (أشخاص، هيئات، أحزاب).
وأشار في تصريح لـ(يمن مونيتور)، “نعيش اليوم العالمي لحرية الصحافة والعاصمة اليمنية صنعاء بلا صحفيين، فالصحفيون إما هاربين خارج اليمن، أو مختطفين في سجون مليشيا الحوثي أو تم تصفيتهم، وفي أحسن الأحوال بلا أعمال”، لافتاً إلى أن “من يعمل من الصحفيين في اليمن، فبعيدا عن العمل المهني باستثناء بعض الصحفيين المتواجدين في المناطق المحررة والتي تسيطر عليها الحكومة الشرعية”.
وختم بالقول، إن “مليشيا الحوثي تمارس أبشع الجرائم في حق الصحفيين اليمنيين، بدءاً من جعلهم دروعاً بشرية وأهداف للطائرات، وقنص الصحفيين، مرورا باختطافهم وفصلهم من أعمالهم، وانتهاء بملاحقة وتهديد المدونين وأصحاب التغريدات والمنشورات القصيرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي”.
ويعتقد الصحفي “أمجد خشافة” أن اجتياح الحوثيين للمحافظات اليمنية جلب انكسار واضح للصحافة في اليمن، وأصبحنا جميعنا كصحفيين هدف تالي لهذه الجماعة رغم أن طبيعة المهنة لا تحمل “الكلاشنكوف”، لكن الحوثيين اعتبروا الصحفيين المعارضين لهم لا يقل خطرا عن المحاربين، وبهذا غادر أغلب الصحفيين خارج اليمن ومن بقي اعتكف المنزل، وترك العمل الصحفي خوفاً على حياته.
وأضاف في حديث لـ(يمن مونيتور)، هذه المرحلة انحسر فيها العمل الصحفي بشكل مخيف وارتفع منسوب انتكات جماعة الحوثي المسلحة للصحفيين، والتي وصلت حد القتل الممنهج.
ويتابع، “وما يمكن أن نعتبره هاجساً، هو مستقبل العمل الصحفي في اليمن في ظل عقلية الحوثيين التي تتعامل مع الخصوم بالعنف وليس بقوة الحجة، وهو ما سيجعل العمل الصحفي على المدى القريب والمتوسط مشوب الضبابية والتخوفات ما لم تغير هذه الجماعة أساليبها في التعامل مع المهنة وتتفهم طبيعتها، كما هو حاصل في بقية الدول الخالية من هذه الجماعات”.