“الشعبانية” و “يا نفس ما تشتهي” طقوس متميزة تسبق رمضان في اليمن (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
تبدأ احتفالات اليمنيين بقدوم شهر رمضان قبل حلوله بأيام، ابتهاجا بهذه المناسبة، التي لها خصوصية لدى مختلف الشعوب المسلمة حول العالم.
وبرغم الوضع الصعب الذي يعيشه اليمنيون بسبب استمرار الحرب منذ 2015، إلا أن مثل هذه المناسبات، تلقى اهتماما كبيرا لديهم، في محاولة للخروج من دائرة المعاناة التي تلازمهم.
الشعبانية بين الماضي والحاضر
تعد الشعبانية أحد أبرز الطقوس القديمة في اليمن والمرتبطة برمضان، ويختلف الاحتفال بها من محافظة لأخرى، ويكون ذلك في منتصف شهر شعبان من كل عام، لكن البعض لا يتقيد بيوم معين
يفضل بعض اليمنيين صيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من شهر شعبان، وخلال اليوم الأخير، يحتفلون بتناول المعجنات والحلويات التي يفضل البعض صنعها في المنزل، والمشروبات، وكذلك تقديم الأطباق الرئيسية المكونة من اللحوم البيضاء أو الحمراء.
قديما، كان يتم التركيز على شراء ملابس جديدة وبخاصة للأطفال، والتزين بالحناء على أيدي النساء والفتيات، في احتفال يشبه ما يحدث عادة في الأعياد.
مع مرور الوقت، اختفت بعض تلك الطقوس، إما بسبب الأوضاع المادية المتدهورة، أو اعتقاد البعض بأن المبالغة بالاحتفال بالشعبانية بدعة.
اليوم لم يعد الاحتفال بالشعبانية كما كان في السابق، ويقتصر عادة على المدن القديمة، أما في الوقت الراهن، فأصبح من يحتفل بهذا اليوم، فهم غالبا من النساء والأطفال، وذلك عن طريق ارتداء ملابس عليها نقوش مرتبطة برمضان، ويتم نقش الحناء برسوم كالهلال والمنارة والنجوم، ويتم التقاط الصور أثناء حمل الفوانيس المضاءة، ومشاركتها في مواقع التواصل الاجتماعي.
وما يزال الأطفال يشتركون بما كان يحدث قديما، وذلك بترديدهم أغاني مختلفة، أبرزها “يا مسا يا مسا الخير يا مسا.. يا مسا وأسعد الله المسا”، وهم حاملين الفوانيس، ويتوجهون إلى المنازل لأخذ بعض الحلوى أو النقود.
يشمل الاحتفال كذلك في بعض المناطق –وتحديدا بالمدن- إحراق الأطفال لإطارات السيارات القديمة في الأحياء التي يسكنون بها، برغم المخاطر الكبيرة الناتجة عن التلوث بالهواء الذي يحدث.
يا نفس ما تشتهي
من أبرز العادات المرتبطة برمضان في اليمن أيضا، “يا نفس ما تشتهي”، وهي قديمة يتم الاحتفال بها منذ عشرات السنين، وتكون في اليوم الذي يسبق دخول شهر الصيام.
يتم خلال هذه المناسبة تقديم مختلف الأطعمة والمشروبات للأسرة بأكملها أو عبر جماعات، والذكر في المساجد غالبا للرجال، والمنازل للنساء، وكان الغرض منها سابقا، استشعار عظمة شهر رمضان المخصص للعبادة، والابتعاد خلاله عن الملذات الأخرى كالأطعمة الكثيرة.
عكس ذلك هو ما يحدث اليوم، ففي يوم “يا نفس ما تشتهي” يتم صنع أطعمة كثيرة أو شرائها وتناولها، والأمر لا يتوقف بعد دخول شهر رمضان، فخلاله تقضي النساء ساعات طويلة في تحضير مختلف الأصناف.
هذا الطقس ما يزال مستمرا حتى اليوم، وتتزين فيه بعض النساء فيها بالحناء كما كان يحدث سابقا، لكنه لم يعد بذات الأهمية كالسابق، وغالبا ما تقوم به المرأة فقط، سواء بتناول الطعام في المنزل أو المطاعم.
تخفيف من المعاناة
خلال فترة الحرب، لوحظ محاولة اليمنيين العودة لكثير من المناسبات التي كانت قد بدأت بالاندثار، سواء كانت مرتبطة بالعبادات كالصيام، أو الأعراس وغيره.
تقول عبير المخلافي إن الاحتفال بمثل هذه المناسبات، يخفف كثير من الضغط النفسي الذي تعيشيه أغلب الأسر اليمنية بسبب الحرب.
وأوضحت لـ”يمن مونيتور” أن الحرب جعلتهم طوال الوقت يفكرون في قوت يومهم بسبب الغلاء المستمر، فضلا عن سماعهم أخبارا سيئة أغلبها قتل وموت ومرض، وهو الأمر الذي أثر سلبا على كثيرين.
يتفق معها بليغ غالب الذي ذكر أن أبناءه يحاولون من وقت لآخر استغلال أي مناسبة للاحتفال بها، مشيرا أن ذلك لا يعني رفاهية، فهم يكتفون بإقامتها بأبسط الإمكانيات.
وعن وجهة نظره حول تلك الاحتفالات، قال لـ”يمن مونيتور” بالنسبة لي اعترض على بعض المناسبات خاصة إن لم تكن مرتبطة بعاداتنا وموروثنا، لكني لا أهتم بالوقت الراهن لبعضها، كون الناس كبارا وصغارا، يعانون كثيرا، ويعيشون في توتر واكتئاب غالبا.
وطقوس رمضان سواء الاحتفال بقدومه أو التي تُقام خلاله عديدة في اليمن، وهي متنوعة ومختلفة، وبعض المناطق تتمسك بها جيلا بعد آخر.