دفع الحوثيون أنفسهم إلى الكويت ولا أحد يعلم ما الذي جعلهم بنفس الوقت يرفضون المشاورات ويتصلبون في موقف واحد، وهو وقف القصف الجوي.
دفع الحوثيون أنفسهم إلى الكويت ولا أحد يعلم ما الذي جعلهم بنفس الوقت يرفضون المشاورات ويتصلبون في موقف واحد، وهو وقف القصف الجوي.
قبل يومين قال رئيس الاستشاريين لوفد الحكومة نصر طه مصطفى إن الهدف الأساسي الذي جاء الحوثيون من أجله للكويت هو وقف الطيران، أي أن مسألة النقاط الخمس التي يتمسك بها وفد الحكومة هي أشبه بمزحة ثقيلة وُجهت للحوثيين.
ولا أحد يتصور كيف اقنع ولد الشيخ الحوثيين للذهاب للكويت ثم يوضح للجميع أنه كان عليه مسبقا أن يأخذ ضمانات من الحوثيين حول قبولهم بالحوار بشأن النقاط الخمس التي هي أصلاً اختزال لقرار مجلس الأمن.
شيء واحد يجعل الحوثيين على هذا النحو من التصلب في ما يريدون؛ هو أن حلول يتم تدارسها بين الفاعلين الدوليين خارج عما يحدث في الكويت، كان قد أشار إليها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حين قال إن قرارات هادي عقّدت من مسار الحل السياسي.
هذا التوجه الأمريكي معناه أن هناك تسوية سياسية كانت قادمه ومتمردة عن نقاط الحكومة الخمس، على الأقل بشكل جزئي، وهو ما يعني أن بقاء الحوثيين في مطالبهم في تشكيل حكومة قبل أي حديث عن سلاح هو الذي أظهر “دلال” من قبل المجتمع الدولي تجاه هذه الجماعة الرضيعة في أحضانه، وما يؤكد هذا التوجه ما قاله محمد عبدالسلام لـ”قناة البي بي سي”، “إن مرور عام من الحرب لا يمكن التسليم بشرعية الطرف الآخر بخصوص السلاح”.
حديث وفد الحكومة الآن عن النقاط الخمس معناه أن أي حلول أخرى خارج عن إطارها وبشكل متسلسل سيكون تأجل لصراع محلي وتقديم رقابهم مع بقية القوى السياسية لبنادق الحوثيين الذين لن يجدوا قوتهم وحضورهم إلا بالقوة والتسيد بها على خصومهم.
على هذه الصورة التي تأتي من الكويت يبدو أنه بقي لدى الحوثيين مهمة رئيسة وهي كيفية إيقاف الطيران عن قصف أهدافهم المتحركة، رغم الحديث عن وقف إطلاق النار، بمعنى أنهم يسعون إلى استكمال تحييد المملكة عن الحرب في اليمن بعد أن أخذوا ابتسامة عريضة في وقف الحرب في الحدود.
هي استراتيجية تحييد الخصوم للاستفراد بخصوم آخرين مكنتهم من الانتقال من جبال مران مروراً بصنعاء وحتى وصولهم إلى سواحل عدن.
لما خاضوا الحرب في دماج قالوا إن مشكلتنا مع الأجانب حتى يتم تحييد موجة التعاطف السني في اليمن، لكن انتهى الأمر بتهجير الأجانب ومركز دار الحديث وأبناء دماج!
وحين دخلوا عمران قالوا إن مشكلتنا مع المحافظ، فلما تغير المحافظ سيطروا على المحافظة وقتلوا القشيبي الذي كان هو الغرض الأساسي من دخول عمران.
وحين قرر الحوثيون دخول صنعاء أرسل عبدالملك الحوثي رسالة إلى عدة جهات، حسب ما قالوا، وأن دخولهم لن يضر أحد ولكن للتعامل مع “الفرقة” التي خاضت حروباً ضدهم، لكن لم يكن سوى سيناريو لتحييد خصوم آخرين كانوا سيدخلون في خط الحرب، فانتهى الأمر بالفرقة وجامعة الإيمان ومقرات حزب الإصلاح وابتلاع العاصمة بأكملها.
وأما ذهابهم للمناطق الجنوبية، فقالوا إن مشكلتنا مع “الدواعش”، لتحييد أي صراع مع الجنوبيين، ووعدوا الجنوبيين أنهم سيخرجون منها ويسلموا لهم المناطق، فيما بعد، وهو ما جعل الحراك الجنوبي يختفي عن الميدان وتبتلعه الأرض في تلك اللحظات.
وعلى هذا النحو، يريد الحوثيون الآن تحييد المملكة عن اليمن، وحين يتم تحييد الطيران ستبقى بالنسبة لهم الأرض مواتية لاستعادة ما فقدوه من مدن حتى وإن كلفهم ذلك نصف أنصارهم، حينها سيفرضون واقعاً جديداً يقول للجميع شكلوا حكومة، وبقية المطالب، ستكون، حينها، جزء من التأريخ.
القصف الجوي بالنسبة للحوثيين هو من جعل محمد عبدالسلام يقول أكثر من مرة إننا لسنا ذراعاً لإيران، ويرفض أي تصريحات إيرانية توظفها لصراعها في المنطقة، وهو حديث مباشر لإقناع المملكة أنهم ليسوا كما تتهمهم، واللقاءات المباشرة الأخيرة التي جرت بينهم هي من غيرت تصوراتهم!!
إيران، بدورها، بدأت تحتفظ بتصريحاتها المتشنجة، مؤخراً، ضد المملكة والتلويح بقوة حلفائهم الحوثيين، وهو ما يظهر أن اتفاقاً بينهما كهدنة مليئة باللؤم للعودة من جديد بعد ترتيب الصفوف.
وتبقى المهمة الذي يبذل عليها وفد الحوثي جهداً في الكويت هو تحييد الرياض والقصف الجوي الذي يعتبر أكبر عقبة تحول دون التهام خصومهم اليمنيين، وهو أبرز تحدي يواجه الحكومة حالياً.