برلماني أردني يدعو لإنشاء “صندوق مارشال” بعد زلزال تركيا وسوريا
يمن مونيتور/قسم الأخبار
دعا عضو مجلس الأعيان الأردني (الغرفة الثانية للبرلمان) زهير أبو فارس، المجتمع الدولي إلى إنشاء صندوق لمواجهة الكوارث في المنطقة، بعد “الصدمة الهائلة” التي عاشها العالم في زلزال تركيا وسوريا.
وقال أبو فارس، خلال مقابلة مع “الأناضول”، إن الزلزال “أثبت ترابط تركيا والعرب وتشاركهما بالمخاوف والتحديات، ما يستدعي إنشاء صندوق دولي لمواجهة آثاره”.
وفجر 6 فبراير/ شباط الجاري، ضرب زلزال جنوب تركيا وشمال سوريا بلغت قوته 7.7 درجات، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات ومئات الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلف خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.
“مارشال الكوارث”
وعن “التأثير المدمر” لزلزال تركيا وسوريا، قال أبو فارس، إنه “كان صدمة هائلة ليس فقط في هذين البلدين، وإنما في العالم أجمع”.
وأرجع ذلك إلى سببين، وهما: “قوة الزلزال الهائلة، التي نادرا ما تحدث، إضافة إلى ما خلّفه من خسائر ودمار وضحايا”.
وأضاف أن “هذا ما جعل العالم يتحرك بسرعة، وما سمعناه أنّ هناك أكثر من 90 دولة تفاعلت مع الحدث في تركيا، لكنها تبقى دون متطلبات مواجهة الكارثة وأثارها الإنسانية والاقتصادية”.
ودعا أبو فارس، العالم إلى بذل “مزيد من الدعم، لتتمكن تركيا من محو آثار هذا الزلزال، وإعادة إعمار المنطقة المدّمرة”.
وأكد أنه “لولا أن تركيا دولة عظمى ولديها إمكانيات هائلة لكان حجم الكارثة وتداعيتها الإنسانية أكبر من ذلك”.
وخلّف الزلزال دمارا في عشر ولايات تركية، هي قهرمان مرعش، وغازي عنتاب، وشانلي أورفة، ودياربكر، وأضنة، وآدي يامان، وعثمانية، وهطاي، وكليس، وملاطية.
وبسبب هذا الزلزال إضافة إلى “أن المنطقة معرضة لزلازل مماثلة، وهو مثبت تاريخيا وجغرافيا”، دعا البرلماني الأردني إلى “إنشاء صندوق دولي على غرار مشروع مارشال لمواجهة أي كوارث مستقبلية”.
و”مارشال” مشروع اقتصادي لإعادة تعمير أوروبا، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وضعه رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي الجنرال جورج مارشال، عام 1947.
دولة محورية
وعلّق البرلماني الأردني على التفاعل والإقبال الرسمي الكبير على دعم تركيا، والالتفاف والتعاطف الشعبي لا سيما العربي مع أزمتها.
وأرجع السبب في الدعم الرسمي إلى “حجم الكارثة الكبير، ومواقف تركيا إقليميا ودوليا، ومكانتها ودورها المحوري على مستوى العالم، سياسيا واقتصاديا وجيوسياسيا”.
وأردف: “تركيا دولة عظمى، لها دور كوني، وسبّاقة في الوقوف إلى جانب معظم دول العالم في أزماتها”.
هذه الأسباب، وفق أبو فارس، دفعت “الجميع إلى سرعة المساعدة، وحتى الأطراف التي اختلفت تركيا معها في بعض القضايا”.
وعن حالة التعاطف مع تركيا، قال: “المزاج الشعبي العربي يدفع باتجاه تركيا، وأعتقد أن تجربتها الناجحة ومواقفها المتميزة في العديد من القضايا، رفع مستواه لدى الشارع العربي بشكل عام والأردني بشكل خاص”.
ففي الأردن، وفق أبو فارس، “نحن نقدر موقف تركيا من القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والتنسيق عالي المستوى في القضايا الرئيسية للأمة العربية”.
جهود الأردن
وعن دور الأردن قيادة وشعبا في التضامن مع ضحايا زلزال تركيا وسوريا، قال أبو فارس إنه “ليس غريبا” على أهل المملكة.
ونوه باتصال “(العاهل الأردني) الملك عبد الله الثاني، مع الرئيس (التركي رجب طيب) أردوغان، وتوجيهاته المباشرة للمعنيين بتقديم كافة المساعدات الطبية والإغاثية وفرق الإنقاذ والمستشفى الميداني والكوادر المؤهلة لتركيا”.
وذكر أن التوجيه الملكي “تزامن معه تحرك شعبي، تمثل بإرسال المساعدات إلى الهيئة الخيرية الهاشمية؛ لخبرتها الطويلة في مجال الإغاثة وتقديم العون والمساعدة في حالات الطوارئ”.
وأكد أن “الدولة الأردنية قيادة وشعبا، تحرّكت بصورة عاجلة، وهو أمر ليس بالغريب، فطالما فعلها الأردنيون”.
والأحد، أعلنت الخارجية الأردنية في بيان، تسيير طائرتين عسكريتين إلى مطار أضنة التركي، وعلى متنهما 480 خيمة عائلية من أصل 10 آلاف، لمساعدة المتضررين من الزلزال.
وخلال الأيام الماضية، أرسل الأردن عددا من طائرات المساعدة إلى تركيا، إضافة إلى مستشفى عسكريا ميدانيا مجهزا بالكامل في قهرمان مرعش.
آثار سياسية
أما عن الآثار السياسية للزلزال، فقد ذهب أبو فارس إلى أنه “وحّد مصير تركيا والعرب في المنطقة”، موضحا أن “الزلزال أثبت الترابط الجغرافي والمخاطر والتحديات المشتركة بين تركيا والعرب، وهذا يتطلب مزيدا من اللُّحمة والتعاون لما فيه خير شعوبنا العربية والتركية”.
كما أشاد بالجهود التركية لتخفيف وطأة الزلزال على سوريا، فقال: “نُقدّر ما قامت به تركيا من فتح خطوط المساعدات من أراضيها إلى سوريا، ونحن واثقون بمقدرتها على تجاوز على هذه المحنة”.
وشدد على ضرورة “تكثيف الدعم إلى سوريا، في ظل الظروف التي تعاني منها”، لا سيما الحرب المستمرة منذ عام 2011.
وفي هذا الإطار، أشار إلى أن هذه الكارثة “يجب أن تكون مدعاة وحافز للتسريع في إيجاد حل سياسي في سوريا، بما يحفظ وحدة أراضيها وشعبها، والتّسامي على الخلافات الداخلية والإقليمية”.
آثار صحية
أما عن التأثير الصحي، بحكم خبرته كطبيب، فأشار أبو فارس إلى أن للزلزال “آثار مباشرة وغير مباشرة، أما المباشرة، فهي الدّمار بشكل عام وقبل ذلك الضحايا الذين سقطوا”.
وأما غير المباشرة، فهي “الآثار الإنسانية وما ستنتجه هذه الكارثة من اضطرابات نفسية واسعة في المجتمع، وخاصة أن عدد من تأثروا به وصل لنحو 13 مليونا”.
وزاد: “هؤلاء ليسوا بحاجة إلى علاج الجرحى منهم والمصابين، لكن الأهم هو المعالجة النفسيّة، بسبب الصّدمة التي عاشوها وما بعدها، وهذا يحتاج إلى آلاف الكوادر المتخصصة لإعادة تأهيلهم، وخاصة المصابين منهم”.
ودعا البرلماني الأردني، في ختام حديثه، المنظمات الدولية وخاصة الصحية منها إلى “العمل وبسرعة من أجل تكثيف الجهود وإرسال الفرق الطبية المتخصصة لمساعدة هذه الفئة من الناس”.