ثورةُ الحادي عشر من فبراير وأحلام شباب تصادرها المليشيات!
تحل علينا اليوم الذكرى الثانية عشرة لثورة الحادي عشر من فبراير/ شباط 2011م، وهي الثورة الشبابية السلمية التي قادها شبابٌ أحرار يتوقون للحرية والكرامة ولدولة مدنية حديثة يسودها العدل والمساواة.
ولقد حققت هذه الثورة الكثير؛ ولعل الهدف الأبرز الذي حققته هو الإطاحة بالنظام الطامع في توريث السلطة وحصرها في أسرة واحدة هي أسرته، ولقد عاش الشعب بعد الإطاحة بالنظام الذي كان يترأسه علي صالح، عاش بعد ذلك حياة فيها من الرخاء والحرية الشيء الكثير، لكن هذا الأمر لم يرغب به صالح، وهو الذي كان في خطاباته يخبر الشعب- مهددًا- أنه لن يكون بخير إلا بوجوده، وأنه بعد رحيلة لن يذوق طعم الهناء؛ فأخرج مجموعة الثعابين التي رباها لسنوات طوال والمتمثلة بالحوثيين لينتقموا له، فنقموا منه وراح هو الآخر ضحية ذلك.
واليوم تأتي هذه الذكرى وسط تردد الكثير عن الاحتفال بها بصفتها مناسبة وطنية تستحق الاحتفاء بها وبأبطالها، فالبعض- اليوم- من يحمل ثورة فبراير وزر الحرب الحاصلة في البلاد، على أنها السبب في وصول اليمن إلى ما هي عليه الآن، وبالتالي فإن الاحتفال بها خيانة كبيرة، والبعض الآخر من يحتفي بها على استحياء؛ فهو مدرك بقرارة نفسه أنها ثورة عظيمة خرج بها الملايين من أبناء الشعب اليمني في جميع محافظات الجمهورية، في سلمية لاقت الكثير من القمع والاضطهاد لكنها استمرت ثورة سلمية حتى حققت هدفها الأبرز.
وهناك أيضًا من مازال يحتفي بهذه المناسبة العظيمة، مؤكدًا أنها ثورةٌ عظيمة ويتباهى بذلك أمام الملأ وهؤلاء ليسوا بالقليل، فعلى سبيل المثال- لا الحصر- شهدت مدينة تعز حضورًا جماهيريًا حاشدًا ليلة أمس في شارع جمال وسط المدينة، تلك الجماهير العظيمة حضرت لإيقاد شعلة هذه الثورة، محتفيين بهذه المناسبة حبًا لها وتعظيمًا لشهدائها الأحرار الذين قدموا صدورهم العارية متلقين رصاصات القمع ونيرانه، الذين عاشوا شهورًا في الشوارع مصرين على مطلبهم الأول والذي كان مجملا في كلمة واحدة وهي(ارحل) وقد لاقوا إزاء ذلك أنواعًا من القمع بطرق مختلفة فإما بالقتل المباشر أو بإحراق المخيمات ومن فيها.
تسببت الحرب في تراجع نسبة حب الشعب لثورة فبراير، هذا الشعب الذي ذاق الكثير من الويلات وعاش أوجاع الحرب بكل تفاصيلها ففقد الكثير من أهله وماله، حتى أن الإنسان الذي بقي على قيد الحياة أصبحت حالته النفسية تعيش في اضطراب كبير؛ نتيجةً لوجود المليشيات التي أصبحت اليوم تعبث بحياة اليمنيين في شمال الوطن وجنوبه؛ إذ غدت- وبكل تسلط- تعبث بمقدرات الوطن وتعبث بحياة المواطنين، وتمارس في حقهم كل أنواع القمع والاضطهاد، ولعل الاغتيالات والاختطاف والاخفاء القسري هو الأمر الأسهل الذي تمارسه هذه المليشيات وهو في الوقت ذاته الأمر الأوجع والأمرُّ الذي يمكن أن يصيب المواطن وأسرته بعد الاختطاف، فالمختطف يعيش تحت التعذيب والتهديد والإجبار على الاعتراف بأمور لا يعلم عنها شيئًا، وأسرته في الجهة الأخرى تتألم لألمه وتبذل لأجل خروجه الغالي والنفيس دون جدوى من ذلك.
اليوم ونحن نعيش هذه الذكرى العظيمة، نؤكد على أنه سيعود لها مذاقها الخاص، وستعود لها قيمتها العظيمة في قلوب اليمنيين، ولكن هذا سيكون بعد القضاء على المليشيات واستعادة الدولة وبنائها، فثورة فبراير تمر بمراحل كتلك المراحل التي مرت بها ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، التي لم تنجح إلا بعد مرور 14عامًا، فمن الخطأ الفادح تحميل ثورة فبراير وزر ما نحن عليه اليوم.