أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

أساليب جديدة لغش اللحوم والدواجن تجتاح الأسواق والمطاعم اليمنية (تحقيق خاص)

يمن مونيتور/ وحدة التحقيقات/ من موسى المليكي

لم يعد الغش التجاري في زمن الحرب باليمن، محصوراً في سلعة معينة، بل أصبح وسيلة لصناعة الثراء على حساب ملايين اليمنيين الذين يواجهون خطر مجاعة حقيقية، فمن الغش في الأدوية إلى الغش في الذهب والتلاعب بأسعار المواد الأساسية  والعملة الوطنية، وصولاً إلى الغش في اللحوم والدواجن حتى الوصول لطبخه في الطاعم وبيعه في الأسواق المحلية.

وبين الحين والأخر، يبتكر التجار الجشعون طرقاً جديدة في عمليات الغش، بأساليب متنوعة وحديثة، تهدف إلى رفع نسبة أرباحهم بشتى الوسائل والطرق، غير ابهين بحياة الناس التي انهكتها ظروف الحرب وأوجاعها. شجع على هؤلاء غياب الرقابة وضعف العقوبات وانشغال أطراف الصراع في الحرب والتجاذبات السياسية وتنصلهم عن الخدمات العامة.

من صنعاء إلى عدن، ومن تعز إلى حضرموت، تتباين طرق وأنواع الغش التجاري، ويتفق المستهلكون بشأن غياب السلطات المعنية في مراقبة هؤلاء التجار وبضائعهم ووضع القوانين والعقوبات، التي تحد من تفشي ظاهرة الغش التجاري على معظم الخدمات والسلع وفي مقدمة ذلك ملف الغش في اللحوم والدواجن.

يقول المستهلكون في أحاديث متطابقة، لـ”يمن مونيتور”، إن أساليب الغش الماكرة باتت تفوق الوصف وتتجاوز قدرة المواطن البسيط على تلافيها أو تجنبها، مشيرين إلى تفشي ظاهرة إعادة كميات اللحوم والدواجن منتهية الصلاحية، عن طريق تقطيعها وإعادتها للمحلات التجارية لاستخدامها مجددا في بعض المطاعم بشوائها وطبخها، وبيعها للمستهلكين مرة أخرى ولكن بطرق ماكرة مليئة بالمخاطر على صحة المستهلك.

 

“إذابة اللحوم المجمدة والفاسدة”

وفي هذا الشأن، يقول المواطن ناجي المقرمي من أبناء محافظة تعز، إن “محلات الجزارة والمطاعم الشعبية في المدينة تقول باستخدام أساليب متعددة لإذابة اللحوم المجمدة المستوردة المنتهية والفاسدة، عن طريق فرمها خلطها بشحوم ومستلزمات إعداد الكباب والكفتة والشقف والبهارات المتعددة، ومن ثم بيعها مطبوخه بأسعار اللحم الطازج أو البلدي في المطاعم وفي الأسواق المحلية لبيع اللحوم.

من جانبه، يقول المواطن هيثم عبدالعزيز لـ”يمن مونيتور”، إن “معظم محال الجزارة وبعض المطاعم بعيده عن الرقابة الصحية، إضافة إلى قيامها بالتحايل على الأنظمة وممارسة استغفال المواطن عندما يقومون بشراء اللحوم المجمدة المستوردة الفاسدة، واذابتها وخلط أجزاء منها بـ “قص شحوم” ومن ثم خلطها بالبهارات المكثفة، ومتطلبات إعداد الكباب والفتة لتباع للمواطن على انها لحوم طازجة أو بلدية في أحيان أخرى.

بدوره، يؤكد سعيد محمد، رواية عبدالعزيز، بشأن تلاعب بعض التجار ببيع اللحوم المجمّده على أنها طازجة، أو بيع لحوم مغايرة لمصدرها الأصلي، بهدف زيادة الربح، مشيراً إلى أن المواطن يصعب عليه في هذه الحالة معرفة هذه اللحوم المغشوشة وتجنبها ما يجعله عرضة للأمراض الخطيرة الناتجة عن استخدامها.

أما الموظف خالد الراجحي، فهو لا يثق بأي من اللحوم التي تباع في المحلات، مشيراً إلى أنها عرضه للغش على نحو كبير، وهذا الأمر لا يمكن أن يحكمه إلا الضمير، والأخير في زمن الحرب عملة نادرة فالكل يريد الربح والغنى بسرعة ولو على حساب صحة الإنسان، حد تعبيره.

وحسب رواية مواطنين آخرين، تحدثوا لـ”يمن مونيتور”، فإن هذه المطاعم والتجار يرتكبون مخالفات صريحة لقوانين الصحة والسلامة من خلال إعادة تبريد هذه اللحوم مجددً، ما يتسبب بأمراض بكتيرية وجرثومية متعددة أو طفيليات تسبب أمراض خطيرة للإنسان.

 

“طرق وأنواع الغش في اللحوم”

ومن أحد أسواق اللحوم في مدينة تعز يروي لنا أحد بائعي اللحوم، عن طرق وأساليب ممارسة الغش التجاري في هذه اللوم.

إذ يؤكد أن “هناك بعض ضعاف النفوس من بائي اللحوم الذين يشترون بعض الأبقار أو العجول من بعض المربين أو المزارعين بأسعار قليلة لكونها تكون مريضه، ومن ثم يقومون بذبحها بطرق خاصة وليس في المسالخ الرسمية ثم يقومون بخلط لحمها مع اللحوم الأخرى من دون أن يشعر المستهلك.

وأوضح في حديثه لـ”يمن مونيتور”، أن ذلك، يتمثل في خلط اللحم المجمد المستورد بعد إذابته بلحم العجل، وهناك خلط لحم الغنم بلحم العجل ( البقر الصغير) وبيعها على أساس أنه لحم أغنام، لأن سعره أعلى من سعر لحم العجل”.

وأشار إلى أن هناك أنواع أخرى من الغش تتمثل في قيام بعض بائعي اللحوم بخلط اللحم، عن طريق فرم اللحم المستورد المجمد أو غير المجمد مع اللحم البلدي وبيعه بسعر اللحم المفروم البلدي للمستهلك.

وتابع: “تكثر حالات الغش في اللحم المفروم، بعد أن يقوم بعض الجزارين بتعليق فخذ عجل صغير على الواجهة لإيهام الزبائن بأن اللحم الموجود داخل المحل طازج وجيد وطري وبلدي بينما يوضع في الثلاجة اللحم المغشوش الذي يريد بيعه للزبائن”.

 

“غياب الرقابة وضعف العقوبات”

في غضون ذلك، تتشعب مسؤوليات الرقابة وتتبعثر جهودها بوجود جهات معنية تتبادل المسؤوليات وترمى بها على الأخرى، بدءً بـ”مؤسسة المسالخ، وصحة البيئة، والهيئة العامة للمواصفات والمقاييس، مروراً بمكتب الصناعة والتجارة، وانتهاءً بمكتب الإصحاح البيئي بوزارة الصحة العامة والسكان”.

لكن، الواقع وحديث المستهلكين يشير إلى نتائج غير مرضية من الجهات الرسمية المذكورة، فقد تنصلت جميعها عن مهامها تماماً، وبدت عاجزة على القيام بالمستوى المطلوب منها، وما تفشي ظاهرة الغش التجاري إلا نتيجة طبيعية لغياب دورها الفاعل وتنصلها عن القيام بمسؤولياتها في حماية المستهلك.

في السياق، يعزوا مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة صنعاء فهد حسين الغرباني، تفشي ظاهرة الغش التجاري في البلاد، إلى كثرة وتنوع السلع والمنتجات في الأسواق التي تؤدي الى زيادة الغش التجاري وما يقابله من زيادة حاجة المستهلكين ورغبتهم في تلبية الاحتياجات بأقل الأسعار ما يجبر المصنعين والمنتجين إلى تلبية حاجة السوق بثمن هابط لتحقيق مزيد من الأرباح على حساب المستهلك.

وعن دور المكتب في هذا الجانب، أوضح الغرباني، أن المكتب يفتقد لأدنى مقومات القيام بعمله وتغطية كافة الأسواق في مديريات الأمانة ومحافظة صنعاء.

وأشار إلى أن “تباعد الأسواق عن بعضها البعض في المديرية الواحدة التي يصعب فيه تغطيه العمل بشكل كامل لقلة الكادر الموظف بالمكتب، بالإضافة إلى عدم تعاون الجهات الأمنية مع اللجان المكلفة بالرقابة والضبط.

 

“الهيئة العامة للمواصفات”

على صعيد متصل، يقول مدير فرع الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس بمحافظة حضرموت فهمي علي باقحوم، “ان عمليات الغش التجاري تحدث في بعض الأسواق وهي ليست من اختصاصات الهيئة بل من تحت إشراف مكتب الاشغال العامة والطرق “إدارة الإصحاح البيئي”.

وأضاف في حديث لـ” يمن مونيتور”، أن “هناك عدة أسباب أدت إلى زيادة الغش أبزها التردي الإقتصادي التي تعيشه البلاد بسبب الأوضاع السياسية الراهنة، وطمع وجشع بعض التجار من حيث الرغبة في تحقيق أرباح عالية بغض النظر عن جودة المنتجات وصلاحيتها وسلامتها، وضعف الوازع الديني لدى التجار المستوردين”.

وأشار إلى أن الكثير من التجار يلجؤون عند انتهاء منتجاتهم قبل تسويقها وبيعها إلى التزوير والغش وإعادة تسويقها وبيعها في الأسواق، في ظل ضعف الرقابة الحكومية على هذه الأسواق.

وبشأن عمل الهيئة، أكد باقحوم، أن “الهيئة تقوم بالرقابة على المنتجات الواردة عبر ميناء المكلا من خلال  معاينة جميع المنتجات ومطابقتها للمواصفات القياسية مع الوثائق المرفقة بها والتحقيق من جودة المنتجات وفحصها حسيا ومن ثم سحب عينات منها وفحصها مختبريا للتحقيق من مطابقتها للمواصفات المعتمدة وكذا التحقيق من أي عمليات غش في الصلاحية كتجديد الصلاحية وطباعة أكثر من تاريخ.

من جانبه، يرى مدير فرع الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس بمحافظة تعز ياسر العبسي، أن مهام الهيئة كبيره تتوزع في جوانب عديدة منها التشريعي وإصدار اللوائح الفنية والجوانب التنفيذية المتمثلة في الرقابة والتفتيش وإجراء المعايرة لجهاز الوزن والقياس وإجراء الاختيارات والمطابقة للمنتجات والسلع واشتراطات المواصفات القياسية المعتمدة وتنفيذ نظام الجودة للمنشئات الوطنية (..)”.

وبشأن مراقبة اللحوم والدواجن المغشوشة، أوضح العبسي، أن “هذه الحيوانات الحية او المجمدة تخضع للرقابة  من جانب وزارة الزراعة الرقابة البيطرية ولكن الهيئة قد وضعت أساس لهذه العملية من خلال إصدار المواصفة الخاصة بشئون صحة الأغذية وهذه المواصفات تهتم بشئون المنشآت المنتجة للمواد الغذائية بمختلف مسمياتها”.

وأشار إلى أن “الهيئة تقوم بالرقابة والتأكد من سلامة المنتج على هذه اللحوم ابتداء من منفذ دخولها البلاد وحتى حفظها في ثلاجات المستوردين، وقد حددت جميع المتطلبات والاشتراطات التي ينبغي توافرها في هذا الجانب، وفي حالة مخالفة المنتج والمستورد لهذه الشروط والمتطلبات يتم إتلاف المنتج ومعاقبة المستورد بعمل محضور وإحالته للجهات المختصة”.

 

“الإدارة العامة للمسالخ”

على الصعيد، يقول مدير عام المؤسسة العامة للمسالخ واللحوم بمحافظة تعز حسين المقطري، إن “المؤسسة تقول بعمل فحوصات طبية يومية قبل وبعد الذباحة في جميع مداخل المحافظة والأسواق المحلية، للتأكد من صحة اللحوم، ومنح الختم الطبي البيطري لكل من يستوفي بمنتجاته الشروط اللازمة”.

بدوره، يرى مدير عام المسالخ بمحافظة صعدة محمد سلطان عبدالله ناجي، إن التقصير والضعف الحاصل في الجانب الرقابي الرسمي سواء في اللحوم أو السلع الأخرى، وعدم تطبيق العقوبة وراء تفشي ظاهرة الغش”.

وأشار في حديث لـ”يمن مونيتور”، إلى أن “المشكلة الكبرى في الدواجن هو المضادات الحيوية التي تعطى للدواجن قبل الذبح وفترة أمان لها قبل 15 يوما من إعطائها، من أهم وسائل عدم انتشار الغش للجانب الإعلامي للتعاطي معها بحجم الكارثة التي تلحق بالمستهلك”. حد قوله.

وبشأن خلط اللحوم المغشوشة مع اللحوم الطازجة، أفاد ناجي، “بعدم ضبط أي حالة من هذا النوع، أما فيما يتعلق بالدواجن المريضة يتم إعدامها عند الفحص الحي للدواجن من قبل الطبيب البيطري”.

من جانبه، قال عماد بن خالد نمران مدير الهيئة العامة للجودة والمقاييس بمحافظة مأرب، إنه “تم ضبط بعض مسالخ اللحوم من قبل مكتب المواصفات والمقاييس بعد حملات ميدانية من قبل موظفي المكتب”.

وأشار إلى أن الحملات الميدانية ضبطت كميات كبيرة، من الدجاج المجمد الفاسد، وأن بعض تلك المنتجات ضبطت داخل اكياس القمامة في مخالفة وجريمة، نتيجة للمخاطر الصحية الطيرة التي قد تؤدي بحياة الكثير من الناس”.

واختتم نمران بالقول إن “استفحال ظاهرة الغش لعدة أسباب منها اكتظاظ المحافظة بالسكان وزيادة الطلب على المنتجات والسلع الاستهلاكية خاصة الغذائية ونتيجة قيام ضعفاء النفوس من التجار والمستوردين في تزوير السلع عن طريق وضع تاريخ صلاحية جديد أو إعادة التعبئة لبعض السلع في معامل مجهولة، ناهيك عن استيراد التجار للأغذية غير السليمة ورديئة الجودة”

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى