فشل مشاورات الكويت، سوف يكون له كلفةٌ سياسية باهضة على الانقلابيين، الذين تخفوا طيلة الفترة الماضية خلف ستار المهمة الموكلة لهم من الجانب الأمريكي وهي مكافحة الإرهاب، وقاموا بكل ما قاموا به من استهداف وتعطيل لمؤسسات الدولة، وتقويض للسلم الاجتماعي بحجة أنهم جزء من هذه المهمة المشبوهة. فشل مشاورات الكويت، سوف يكون له كلفةٌ سياسية باهضة على الانقلابيين، الذين تخفوا طيلة الفترة الماضية خلف ستار المهمة الموكلة لهم من الجانب الأمريكي وهي مكافحة الإرهاب، وقاموا بكل ما قاموا به من استهداف وتعطيل لمؤسسات الدولة، وتقويض للسلم الاجتماعي بحجة أنهم جزء من هذه المهمة المشبوهة.
اليوم يفشلون في قيادة مفاوضات يفترض أنها ستفضي إلى السلام، ويفشلون في إيجاد ذرائع مقبولة من قبل الوسيط الدولي، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن،إسماعيل ولد الشيخ،والأمم المتحدة الذين عملوا طيلة الفترة الماضية على توزيع كلفة الخراب بين “الأطراف المتصارعة” كما يسمونها،وتجنبوا حتى اليوم تحميل ميلشيا الحوثي والمخلوع صالح تبعات ما حدث ويحدث.
من الواضح أن مشاورات الكويت تتجه إلى الفشل، والسبب في تقديري يعود إلى أن الحوثيين وصالح لا يريدون حلاً سياسياً يفسد عليهم مشروع الاستيلاء على السلطة، والذي لن يتحقق إلا إذا استمروا في استخدام القوة للحفاظ على هذا المكسب.
لم يستوعب الحوثيون وحليفهم الموتور حقيقة أن المكاسب السياسية والعسكرية التي حققوها خلال الفترة الماضية، سوف تنهار وإن بوتيرة بطيئة، وأن الأمر يتعلق بفارق القوة العسكرية المحسوم لصالح السلطة الشرعية والتحالف، وإن كان التحالف للأسف يعمل على تقنين هذه القوة واستخدامها بشكل انتقائي، ويتعمد إبقاء بعض الجبهات مفتوحة أمام الانقلابيين لتحقيق اختراقات كما يجري في تعز..
يحرز وفد الحكومة نجاحاتٍ مهمةً، والأمر هنا لا يعود إلى دهاء الوفد الحكومي، أو مقدرته التفاوضية، بل لأن “جوقة” المفاوضين من مراهقي السياسة الذين دفع بهم الانقلابيون إلى الكويت، لا يمتلكون تصوراً واضحاً حتى بشأن كيفية خروجهم الآمن من هذه المشاورات..
حينما يلجأ وفد أحمق وطائش كهذا إلى سياسة الاعتصام بالغرف، فهذا يعني أن قدراته السياسية ومهاراته التفاوضية معطلة أو أنها لا توجد أصلاً، أو أنهم اعتادوا على هذا النوع من المشاورات التي كان يديرها بن عمر في صنعاء تحت تهديد السلاح وفي ظل إيقاع تقدمهم المتسارع نحو صنعاء.. لا كفاءة سياسية لدى وفد الانقلابيين حتى وإن تذرع بأنه ينتظر التعليمات أو يجري مشاورات جانبية مع قادته الرابضين في صنعاء.
لا يمتلك أولئك القادة الموتورون في صنعاء أي حل يمكن أن يقدموه لممثليهم في الكويت، فكل ما يريدونه من مشاورات الكويت أن تتوقف طائرات التحالف عن التحليق، إنهم ببساطة يحاولون إعادة كسر المعادلة لصالحهم، فهم يريدون تحييد القوة الضاربة في المعركة حتى يستمرون في خوض معاركهم الميدانية بدون إزعاج من الطائرات وهذا غير ممكن.
لكن هل علينا أن نتوقع أن يحصل وفد الحكومة على مكاسب سياسية جاهزة جراء التعطيل المتعمد لمشاورات الكويت من قبل الانقلابيين؟ الجواب ليس جاهزاً في الحقيقة، لأن الأمر يتوقف على التقرير الذي سيقدمه” ولد الشيخ “إلى مجلس الأمن وعما إذا كانت ستتوفر لديه النية لتسمية الطرف الذي عمل على الدوام من أجل تعطيل المشاورات وإفراغها من مضمونها أم لا.. لأنه على ضوء هذا التقرير سيجري صياغة الموقف المناسب من قبل مجلس الأمن، والذي قد يحيل الأطراف إلى جولة مشاورات جديدة، لن تتوفر لها الأجواء المناسبة كالتي تتوفر لهذه الجولة من المشاورات.
أعتقد أن فشل مشاورات الكويت، ستكون لها ارتدادات خطيرة على مستوى الموقف الخليجي، لأن هذه المشاورات تجري تحت مظلة مجلس التعاون، وليس فقط تحت رعاية دولة الكويت إحدى دوله الرئيسية.
سيُنظر إلى تعطيل متعمد وعبثي كهذا على أنه تعبير صريح عن الأجندة الإيرانية التي تستهدف الإساءة إلى دور مجلس التعاون بشكل عام، وإلى تقزيم دوره، وإعطاء انطباع بأن إيران لن تتخلى عن الورقة اليمنية بسهولة.
التداعيات السياسية التي يمكن قراءتها من زوايا عديدة، ليست هي النتيجة المباشرة لأي فشل محتمل لمشاورات الكويت، فالأخطر هو أن هذا الفشل سيقود حتماً إلى العمل العسكري، الذي بقي خياراً مؤجلاً من جانب التحالف رغم كل النتائج العسكرية الكبيرة التي تم إحرازها في الماضي.
يمكن للسلطة الشرعية أن تذهب مطمئنة هذه المرة إلى الخيار العسكري، ومن ورائها التحالف العربي، لأنهما سيتحرران بصورة أكبر من الضغوط والمواقف التي يمكن وصفها أيضاً بالانتهازية من جانب بعض الأطراف الدولية.
وحينها لا أحد يمكن أن يتصور التداعيات التي قد تنجم عن المضي في مسار الحرب، لكن مسار كهذا يعتبر ضرورياً من أجل التغلب على تحديات لا يمكن التغلب عليها بالمشاورات أو بالصفقات السياسية.