تعز.. عاطلون يديرون عجلة التنمية
يمن مونيتور/ من محمد الأصبحي
الحادية عشر صباحا، ومازال عمار، الطالب في الصف الحادي عشر على كرسي الدراسة بعد أن توفر في مدرسته معلمون متطوعون عالجوا مشكلة الدوام المدرسي المبتور ثلثيه ما قبل انضمامهم الى معلمي المدرسة.
“كنت أعود إلى البيت قبل العاشرة، والآن يرن جرس الانصراف تزامنا مع صوت آذان الظهر” يقول عمار.
خالد الشجاع ،وكيل مدرسة ش/علي جامل في مديرية صبر الموادم جنوب شرق مدينة تعز يقول: ” إدماج المتطوعين في العملية التعليمية ساهم في معالجة جزء أساس من مشكلة شحة المعلمين في المدرسة، حيث ساهموا في تغطية 30% من المقررات”،
ويضيف “إلا أن هناك معوقات ترجح معظمها إلى عدم خبرتهم في مجال التعليم” ،موضحا: “يبلغ عدد المتطوعين في المدرسة 6 معلمين ومازلنا نعاني من نقص في معلمي بعض المواد الأخرى”
البداية
يعيش اليمن حالة حرب مستمرة منذ العام 2015 الأمر الذي تسبب في تقليص عدد المعلمين إما بفقدانهم حيواتهم إثر قصف أو رصاصة طائشة أو إثر ظروف قهرية أجبرتهم على النزوح خارج مدنهم أو قراهم ،ما ولّد حاجة ماسة الى سد النقص الذي خلفوه وراءهم ،ويعد المعلم البديل أو “المتطوع” جزءا من حل هذه المشكلة .
في محافظة تعز ظهرت فكرة المعلم المتطوع منتصف العام2015 بعد أن استقبلت المدارس طلاب العام الجديد بنصف معلمي العام المنصرم .
بدأ الامر خارج الدوائر الرسمية حين بادر شباب وشابات من الخريجين العاطلين في مناطق سكنهم او نزوحهم، تلتها دعوات وجهود تنسيقية من قبل مبادرات شبابية ذات اهتمامات اجتماعية تنموية غير رسمية ليتم لاحقا ترسيمها واعتمادها من قبل مديريات التربية والتعليم في المحافظات اليمنية.
وبحسب محمد نعمان، مدير مدرسة التصحيح بجبل حبشي، استقبلت المدرسة متطوعين من الخريجين غير الحاصلين على وظائف وعددهم7 اشخاص ما يزالون يواصلون العمل كمعلمين منذ سبع سنوات.
تأهيل المتطوعين
لم تكتف رجاء الدبعي، مديرة مدرسة نعمة رسام الواقعة في قلب مدينة تعز ،بإدماج المتطوعات في جدول الحصص الأسبوعي للمدرسة، بل تكفلت بتدريبهن وتأهيلهن، لرفع كفاءتهن في العمل.
تحوي مدرسة نعمة رسام 41 معلمة وتضيف رجاء في هذا الصدد” المتطوعات لديهن قصور وعدم خبرة وكفاءة ،لذلك قمنا بتوفير فرص تدريبية لهن ”
التجربة لم تعد حكرا على مدرسة او مديرية تعليمية بل تناقلتها كافة مديريات التعليم في المحافظات اليمنية المختلفة.
في محافظة تعز عملت مديرية القاهرة التعليمية وحدها على تأهيل نحو 400 معلم ومعلمة من المتطوعين/ات من خلال تنظيم دورات تدريبة لإكسابهم/هن المهارات اللازمة لسد العجز في مجال التعليم.
الأرقام تزيد قليلا هنا او تنقص هناك لكن لا توجد مديرية او محافظة تخلوا من تفعيل ذات التجربة بهذا القدر او ذاك.
فعاليات التدريب والتأهيل رافقها نزول ميداني للمراقبة ولتقييم والتوجيه وتوزيع نشرات تربوية على المتطوعين تحوي الأهداف السلوكية وطرق التخطيط للدرس وكيفية تحليل محتوى المادة التعليمية وايصالها للتلاميذ، إضافة إلى عقد زيارات تبادلية بين المعلمين الأكفاء والمتطوعين ،ما ساهم في تحسين أداء المتطوعين/ات بنسبة 85% . حسب حديث عبدالله القاضي، رئيس قسم التوجيه بالمديرية.
فاعلية دور المتطوعين
عمر الشجاع، طالب في الصف التاسع ،يتحدث بملامح لا تخلو من الغرابة عن كيفية نجاحه في مقرر اللغة الإنجليزية في الصف الثامن” نجحت في المقرر كما فعل أخرين، دون اختبار أو دراسة، لقد تم اعتماد علامات الفصل الأول نظرا لعدم تمكننا من دراسة المادة في الفصل الثاني بسبب عدم وجود معلم”.
الان تغير الحال مع عمر حيث وجب عليه حضور الحصص والمذاكرة الجادة لينجح في الاختبار، بعد ان توفر المعلم المتطوع لمادة اللغة الإنجليزية.
ويفيد سليم عبدالله ،موجه مركزي، إلى فاعلية الدور الذي يقوم به المعلمون المتطوعون في مقرري اللغة الإنجليزية والرياضيات على وجه الخصوص وكيف ابدع بعضهم في تقديمها للطلاب بدافع الشغف بهذه التخصصات كما يقول.
تجربة مصر
ليست الحرب فقط سبب اللجوء إلى المعلم المتطوع، فبحسب تقرير لشبكة بي بي سي فإن الزيادة السكانية في مصر على سبيل المثال، جعلت المدارس تستقبل 700 ألف طالب سنويا (وهو عدد قابل الزيادة بحسب الشبكة) الامر الذي نتج عنه وجود عجز في عدد المعلمين ما دفع وزارة التربية والتعليم المصرية الى فتح باب التطوع لتغطية ذلك العجز.
و في تصريح لطارق شوقي، وزير التربية والتعليم المصري، أدلى به في أول أيام العام الدراسي المنصرم، قال شوقي إن العجز يتجاوز الـ 200 ألف معلم ،مشيراً الى ان وزارته أعلنت فتح باب التطوع في المدارس الحكومية، الأساسية والثانوية بهدف سد العجز و تحسين جودة التعليم، وطرح أفكار جديدة من قبل الشباب المعلمين”.
الوزير أوضح ان الوزارة وضعت شروطا لشغل هذا العمل أهمها، حصول المتطوع على مؤهل تربوي عالي ومعرفة المتطوع بأن التطوع مجاني دون مقابل مادي في المدارس الحكومية، حيث.
سلبيات
العمل بهذه الحلول انتج بدوره مشكلة أيضا لجهة ما يعرف بالمعلم البديل ( متطوع يأتي به معلم عامل للعمل نيابة عنه) حيث تكشف بعض التقارير ان بعض المعلمين العاملين باتوا يستفيدون من فكرة الاستعانة بالمعلم البديل للقيام بعملهم نيابة عنهم مقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز ربع المرتب الشهري و تحت غطاء ظروف طارئة او قهرية.
تقول رجاء الدبعي “في مدرستي أتجنب العمل بنظام المعلم البديل كي لا أفتح بابا لبعض المعلمين للتخلف عن أداء واجبهم والاستعانة بخدمات البدلاء واستنزاف طاقاتهم بشكل جائر” .
من جانبه يشير رئيس قسم التوجيه بمديرية القاهرة الى بعد آخر للمشكلات الناتجة عن حلول المعلم المتطوع يقول:” يشترط أن يكون المعلم المتطوع خريج كلية التربية، إلا أن بعض المدراس استعانت حتى بالحرفيين كمعلمين”
دعم المتطوعين
في تعز يعمل المعلمون المتطوعون إما مجاناً أو مقابل أجر زهيد من المعلم الأساسي للمادة التعليمية وقد يعالج الامر بجمع تبرعات زهيدة من أولياء أمور الطلبة لتوفير بدل مواصلات للمعلم المتطوع.
في المقابل يبين القاضي، أنه تم توقيع عقود مع بعض المنظمات من أجل التكفل بدفع رواتب بعض المتطوعين من المعلمين ،الى جانب توزيع سلل غذائية عليهم بين حين وآخر .
في السياق تقول ندى منصور، خريجة أحياء كلية التربية” قدمت لنا بعض المنظمات مبالغ مالية على فترات متباعدة ،إضافة إلى سلة غذائية وقرطاسية” .
في اتجاه إيجابي آخر لهذا النوع من الحلول تقول ندى التي تعمل للعام الرابع على التوالي كمتطوعة في مجمع هائل التربوي بوسط مدينة تعز ” عززت تجربة التطوع ثقتي بنفسي ،وساعدتني في المحافظة على معلوماتي ،كما أشعرتني بكينونتي كوني اقدم خدمة مهمة لمجتمعي “.
تم إنتاج المادة بالتعاون مع مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني