قرى همدان في صنعاء.. الحوثيون يواصلون الانتقام من القبيلة اليمنية بـ”وحشية مفرطة”
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
في ظل اتساع تنامي ظاهرة السخط الشعبي، في مناطق سيطرتها، تواصل جماعة الحوثي ارتكاب إجراءاتها القمعية ضد القبائل اليمنية، من خلال تسيير حملات عسكرية كبيرة لإخماد تلك القبائل ومداهمة منازلها واختطاف رموزها ونهب ممتلكاتها وإذلالها، تحت مبررات تستغلها لنهب الأموال وتوسيع ثرائهم الفاحش، في الوقت الذي يتضور فيه الشعب جوعاً.
فمنذ نحو28 يوماً، تواصل الجماعة المسلحة، تنكيلها بارتكاب جرائم وحشة، بحق أبناء قرى “بيت دودة وبيت الحسام وبيت بشر وخبارة وبيت سعلة والعشة”، في منطقة الجاهلية بمديرية همدان، إلى جانب استمرار عمليات التجريب والمصادرة للأراضي، ومحاصرة المنازل، تحت مبرر جديد البحث عن أسلحة وصواريخ.
وخلال الأسابيع الماضية، داهمت الجماعة المسلحة العديد من منازل المواطنين، وأجبرت الكثير من أسر تلك المنازل على التشرد والنوم في العراء، والتخندق بداخلها ونهب محتوياتها، كما جرفت أراض زراعية باستخدام الجرافات بذريعة البحث عن أسلحة، فيما يتهم الأهالي “الحوثي” بالسعي للسيطرة على أراضيهم وممتلكاتهم ونهبها.
وتداول رواد مواقع التواصل، تسجيلات عدة، تظهر قيام أطقم عسكرية حوثية بمحاصرة المنازل واقتحماها واحتلالها وتشرد من فيها من أطفال ونساء، كما تظهر الجرافات وهي تقوم بعميلة جرف لممتلكات المواطنين بحماية من تلك القوات، بعد أن زجت بالكثير من المواطنين الرافضين لتك الأعمال في الاختطاف والاخفاء.
شاهد
جرافات تابعة لميليشيا #الحوثي تجرف مزارع مواطنين ضمن حملة الميليشيا المستمرة منذ أسابيع، على منطقة الجاهلية في مديرية #همدان شمال صنعاء.#اليمن pic.twitter.com/ltkHeNz3Za— المنبر اليمني للدراسات والإعلام (@alminbaryemen) January 23, 2023
واختطف الحوثيون خلال هذه الفترة، أكثر من 45 من أبناء هذه المناطق، بينهم الأطفال وكبار السن والمرضى، ومارسوا انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب، فقد حولت المدارس إلى ثكنات عسكرية ومنعت الأطفال من الدراسة فيها، كما أغلقت دور العبادة (المساجد)، وحولتها إلى مقايل ومتارس عسكرية لأفراد جنودها الذين فرضوا حصاراً مطبقاً على المنازل وعمدت على محاصرة الأسر ومراقبتها والتجسس عليها.
وبحسب بلاغات الأهالي التي نقلتها منظمة “شهود” فقد “تعرضت أحياء بيت دودة وبيت الحسام وبيت بشر وخبارة وبيت سعلة والعشة في منطقة الجاهلية بمديرية همدان، لمداهمات بصورة يومية تحت مبررات واهية ومزاعم كاذبة، حيث ادعت الجماعة أنها تبحث عن أسلحة ورغم كل ذلك العبث والتجريف لمساحات شاسعة لم تجد شيء سوى إلحاق الضرر بممتلكات المواطنين”.
وذكرت أن الحملة الحوثية “بدأت يوم الأربعاء الموافق 28 ديسمبر من العام المنصرم على فرض طوق أمني مطبق على قرية “بيت الحسام” واقتحمت منزل المواطن “مهيوب حمود الحسام” وقامت بترويع النساء والأطفال والعبث بمحتويات المنزل؛ ثم قامت بتجريف وتدمير مزارع القات التابعة له وكذلك مزارع الحاج “محمد احمد الحاوري”، ثم توالت المداهمات لبقية الأحياء في منطقة “الجاهلية” على مدار الأيام الماضية وارتكبت فيها جرائم وانتهاكات مروعة”.
وفي يوم السبت الموافق 14 يناير 2023، اقتحم عشرات المسلحين التابعين للحملة ذاتها منزل المواطن “عثمان محمد يحيى دودة” بعد فرض طوق أمني على حي العشة لمدة يومين وأخرجوا الساكنين من داخل المنزل بالقوة وقاموا بالحفر والعبث في بعض الغرف ثم حولوه الى مقر خاص بمسلحيهم، ثم بعد ذلك أقدموا على تجريف مزارع القات الخاصة به ودمروها بشكل كلي، ولا يزال المنزل محتل حتى اللحظة دون أي سبب يذكر، وفقا لما ذكرته المنظمة.
وأفاد الأهالي، أن جماعة الحوثي قامت بالكتابة على جدران منزلين في حي (العشة) أنها محجوزة من قبل المحكمة تمهيداً لمصادرتها ويعود أحد المنازل للشيخ (ناصر حمود دودة) شيخ ضمان عزلة وادعة همدان الذي هجروه الى مارب اثناء سيطرتهم على المديرية عام 2014؛ فيما يعود المنزل الثاني للمواطن (مجاهد ثابت شمسان” أحد أبناء القرية).
“إخفاء المعتقلين”
وفي منشور على فيسبوك، قال المحامي عبدالوهاب قطران، إن مباحث محافظة صنعاء ،تخفي قسريا عبدالغني دودة وبقية المختطفين من قبيلة همدان من قايد الحملة المدعو أبو عمار بدون أي مسوغ قانوني، أو إحالته إلى المحاكمة.
وأضاف حمران، أن “عبدالغني دودة وبقية مختطفي همدان، تم قمعهم والتنكيل بهم، واستخدام الإرهاب ضدهم ومصادرة كافة حقوقهم الدستورية والقانونية ،وتم احتلال منازل بعضهم، واختطافهم وتفتيش منازلهم بدون أي مسوغ قانوني أو إذن من القضاء، كما تم اقتياد عبدالغني وبقية المختطفين لسجن البحث الجنائي.
ونقل حمران عن العامل الذي كان يعمل لدى أسرة عبدالغني بمزرعة القات، أن تم اختطاف عبد المغني معه، والافراج عنه صباح الجمعة الماضية، مشيراً إلى أن الحوثيون، ماسوا التعذيب بحق عبدالغني بزازن دودة في أقبية البحث الجنائي بمحافظة صنعاء، ليعترف بحيازة سلاح.
ونقل العامل عن عبدالغني قوله للحوثيين: “سامضي لكم على تعهد بمصادرة أرض وبيت والدي إذا وجدتم عندنا سلاح، لا يوجد لدي أي أسلحة، قد جرفتم بالشيولات أرضنا وقاتنا ولم تجدوا شيء، تشتوا سلاح خرجوني من السجن إلى سوق السلاح وأنا أشتري لكم سلاح على حسابي”.
وعلى إثر تلك الانتهاكات، اعتبر المركز الأمريكي للعدالة، حملة الحوثيين ضد قرى همدان شمال العاصمة صنعاء، امتداداً لحملات سابقة على مناطق ومديريات أخرى في محافظة صنعاء والمحويت والحديدة والجوف؛ بغرض الاستيلاء على الأراضي والعقارات واستغلالها لصالح الجماعة.
وأدان المركز الحملات التي تنتهك حقوق المدنيين وكرامتهم، وتمثل اعتداء على ملكياتهم الخاصة التي حماها الدستور والقوانين اليمنية في سلوك تنتهجه جماعة الحوثي للإخلال بتركيبة المجتمع وتجريد أفراده من حقوقهم، وحرمانهم من الملكية، ما يهدد هويته وتماسكه، وينذر بإفقارهم، وطالب بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات بشكل عاجل، ووقف تغول جماعة الحوثي على اليمنيين وحقوقهم، وتوفير الحماية لهم، والمساعدة الجادة والحقيقية على إيقاف الحرب في البلاد.
من جانبها، قالت منظمة “شهود” لحقوق الإنسان إنها “تتابع بقلق بالغ ما يتعرض له المدنيين في قرى منطقة “الجاهلية” بمديرية همدان التابعة لمحافظة صنعاء؛ من انتهاكات مروعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان ترتكبها جماعة الحوثي منذ ما يقارب الأربعة أسابيع في ظل صمت مطبق للمنظمات الدولية”.
“انتقام من القبيلة اليمنية”
ورغم اعتمادها كلياً على القبيلة اليمنية في حشد القوات المقاتلة في صفوفها، إلا أن الجماعة المدعومة من إيران، تخشى تزايد الرفض الشعبي والقبلي، نتيجة ممارساتها وانتهاكاتها، وتحاول بالقوة إسكات الأصوات الرافضة بالاختطافات والتغيب القسري، ونهب الأموال والتضييق على الناس في معيشتهم.
وبين الحين والأخر، تهاجم الجماعة المسلحة إحدى القبائل اليمنية ذات النفوذ والتأثير في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك خشية من أن تتشكل مقاومة شعبية موحدة ضدها من القبائل المتضررة من انتهاكاتها الوحشية التي لم تراعي حتى أعراف وعادات وتقاليد اليمنيين والقبيلة اليمنية.
وتتنوع مبررات الحوثيين لقمع القبائل اليمنية وإفقارها وتفكيك روابطها وإجراء تغيير ديمغرافي في المناطق التي توجد فيها أراضٍ زراعية خصبة، كما تستفرد بكل قبيلة بمعزل عن الأخرى، وتحرص على تنويع جغرافيا القمع وتباعد المدة الزمنية بين كل حملة قمع وأخرى، لكي لا تتكتل مجموعة من القبائل وتخوض مواجهات معها يمتد شررها إلى قبائل في محافظات عدة.
وخلال العام الماضي، شرعت الجماعة المسلحة، في نهب الأموال الخاصة بعد أن استحوذت على كافة أملاك الدولة، مستخدمة سياط التهديد والقتل ضد من يعارضها، فهاجمت المواطنين في مناطق بني مطر وصرف وهمدان في محافظة الجوف وخولان بمحافظة صنعاء، وتهامة بمحافظة الحديدة، وبني حشيش، ومؤخراَ قرى همدان في صنعاء، لكنها على عكس الأعوام السابقة، واجهت هذه المرة برفض وغضب واسع من قبل تلك القبائل، على الرغم من الحملات الأمنية للجماعة وانتهاكاتها الوحشية.