إدارة بايدن واليمن 2023.. لا فرص للتأثير في إنهاء الصراع (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
عندما تدخلت إدارة جو بايدن السلطة في 2021 كانت واضحة بشأن إنهاء الحرب في اليمن، وعيّنت مبعوثاً إليها هو الدبلوماسي المخضرم تيموثي ليندركينغ، مع دخول إدارته العام الثالث في حرب اليمن لا يبدو أن تغيّراً كبيراً أجرته إدارته على الرغم من المزاعم التي تسوقها الإدارة.
ولا يبدو أن عام 2023 سيكون مختلفاً عن سابقه، عدا تحوّل بسيط متعلق بالتكيف البرغماتي لعلاقة الولايات المتحدة مع التطورات الجديدة في الخليج العربي كما يقول محللون أجانب توقعوا سياسة الولايات المتحدة في اليمن. التي لا يبدو أنها تغيّرت كثيراً.
وقال عماد حرب مدير الأبحاث في المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات في واشنطن العاصمة: كانت جهود الولايات المتحدة للمشاركة في إيجاد حل سلمي للصراع غير ناجحة ويبدو أنها تدعم فقط جهود الأمم المتحدة هناك. على الرغم من قرار الإدارة المبكر بحظر بيع الأسلحة الهجومية للسعودية، فإن دورها في بناء السلام أعيق بسبب رفض المتمردين الحوثيين لدور الولايات المتحدة في البلاد.
اقرأ/ي أيضاً.. كيف يمكن إنهاء حرب اليمن بعد انهيار الهدنة؟.. وجهة نظر أمريكية
إجراءات سيئة مبكرة
وأضاف حرب: من غير المرجح أن يوفر عام 2023 فرصًا جديدة لواشنطن للتأثير على المناقشات بشأن إنهاء الصراع في اليمن.
وساهمت إجراءات إدارة بايدن في اليمن في تشجيع الحوثيين في البلاد، حيث دفع رفع الجماعة المسلحة من قوائم الإرهاب الأمريكية، ووقف الدعم العسكري والسياسي للتحالف العربي الذي تقوده السعودية بل والوصول للتهديد بأن تكون “السعودية منبوذة” إلى تشجيع الحوثيين لفرض شروطهم. وجاء إلغائهم من قوائم الإرهاب 2021 دون مقابل سياسي من الحوثيين.
في ذلك الوقت كانت رسالة الولايات المتحدة أنها تتخلى عن حلفائها الخليجيين بإعطاء المنطقة أولوية منخفضة وركزت على العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. كانت رسالة واضحة للحوثيين والإيرانيين بتمكينهم من اليمن والمنطقة توّج ذلك بهجوم شنه الحوثيون على أبوظبي عام 2022م وردة فعل باردة من الولايات المتحدة أثارت غضب الإمارات وبقية دول مجلس التعاون الخليجي.
وسبق أن قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية إن سياسة بايدن في اليمن ستؤدي إلى كارثة: ترسيخ دائم لنظام الحوثي المدعوم من إيران في اليمن – نسخة من حزب الله في شبه الجزيرة العربية، مسلح حتى النخاع بأسلحة دقيقة بعيدة المدى قادرة على استهداف شركاء ومصالح الولايات المتحدة في جميع أنحاء المنطقة من مصر وإسرائيل إلى السعودية والإمارات.
اقرأ/ي أيضاً.. توقعات اليمن 2023.. معارك أكثر عنفاً واقتصاد منهار واستئناف هجمات الحوثيين على الخليج
البرغماتية في الخليج
ويرى الباحث المتخصص في دول الخليج كريستيان كوتس أولريتشسن “لقد غير العام الماضي الحسابات الأولية حيث أعادت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا التأكيد على مركزية دول الخليج في مشهد الطاقة العالمي وتلاشت آفاق إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) الاتفاق النووي مع إيران”.
وأضاف: امتدت هذه البراغماتية إلى الخليج أيضًا، على الرغم من أن زيارة الرئيس الأمريكي إلى المملكة العربية السعودية في يوليو 2022 لم تكن ناجحة تمامًا. ومع ذلك، من المرجح أن يشهد عام 2023 مزيدًا من التواصل من قبل الإدارة مع شركائها في الخليج مع التركيز على الجوانب التكنوقراطية للتعاون الأقل عرضة للانفجارات في التوترات السياسية”.
وقال أولريتشين: سيكون الشعور بالتكيف البراغماتي واضحًا أيضًا في سياسة الإدارة تجاه اليمن، والتي تطورت منذ عام 2021 لتعكس حقيقة أن الحوثيين، وليس التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، هو الذي أصبح العقبة الأساسية أمام أي حل للصراع.
ولفت إلى أن إدارة بايدن “ستواصل التعامل عن كثب مع السعوديين والإماراتيين بشأن اليمن والعمل من خلال شركاء خليجيين آخرين، مثل قطر وعمان”.
لا نفوذ على السعودية والإمارات في اليمن
وسبق أن قالت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، في تقرير نهاية العام الماضي، إن الولايات المتحدة اقتربت من نهاية نفوذها الممكن لإنهاء الحرب اليمنية؛ مع تضاؤل نفوذها على السعودية والإمارات، ولا تملك نفوذاً على الحوثيين المدعومين من إيران لجلبهم إلى طاولة المفاوضات.
وتقول المجلة الأمريكية إنه وعلى الرغم من عدم وجود نفوذ كافي للولايات المتحدة لإنهاء حرب اليمن، “هناك أسباب أخلاقية وعملية مقنعة لواشنطن لمواصلة المسار الذي تنتهجه في اليمن”. قد تفتقر الولايات المتحدة في حد ذاتها إلى الوسائل اللازمة لإنهاء هذه الحرب متعددة الأوجه، لكن مشاركتها الدبلوماسية لا تزال مهمة.
مضيفة “إذ تفتح الدبلوماسية الأمريكية الأبواب في الخليج للوسطاء الذين قد لا يستطيعون الوصول إلى حكومات المنطقة، كما يمكنها أن تقوم بتشحيم عجلات عقد الصفقات (في كناية عن الإسراع في عقدها-المترجم). وعندما يحين الوقت، يمكن لواشنطن أيضا الترويج لصيغة لمناقشات التسوية التي لا تشمل فقط الخصوم الرئيسيين ولكن أيضا الفصائل الأصغر في اليمن، والتي لديها مصالحها ونزاعاتها الخاصة والتي سيكون لها تأثير حول المستقبل السلمي الذي يخبئه لهذه الدولة التي مزقتها الحرب”.
وأشارت إلى أنه “وفي الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة أن تتعلم ما يمكنها تعلمه من مغامرتها في اليمن. وهذا يعني أنه يجب على صانعي السياسات تطوير ضمانات داخلية يمكن أن تساعد في توجيه البلاد بعيدا عن أن تصبح طرفا في مثل هذه الكوارث في المستقبل”.
اشتداد الحرب
أما وحدة الدراسات التابعة لمجلة إيكونوميست (Economist Intelligence) البريطانية فقالت: الحرب الأهلية في اليمن ستستمر وتشتد في عام 2023، حيث فشلت الأطراف المتحاربة في تجديد وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة (والذي بدأ في أبريل/نيسان 2022) بحلول الموعد النهائي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول. وعلى الرغم من أن المفاوضات لإحياء الاتفاقية لاتزال مستمرة يبدو أن التنازلات الرئيسية من كلا الجانبين غير مرجحة، مما سيؤدي إلى انهيار متوقع لمحادثات السلام واستئناف القتال العنيف في الأشهر الأولى لعام 2023.
وتابعت: وسيستمر اللاعبون الرئيسيون في الشرق الأوسط – بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران – في التطلع شرقاً نحو آسيا من أجل التجارة والاستثمار والعلاقات السياسية، مما قد يزيد من توتر العلاقات مع أوروبا والولايات المتحدة. حيث سيستمر عاما أخر من محاولة التوازن في العلاقات بين السعودية والإمارات من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى.
التنازلات لصالح إيران
مركز صوفان للدراسات الأمنية (أمريكي) يشير إلى أن تقييم إيجابيات التسوية النهائية وسلبياتها إلى أن ساحة المعركة في اليمن سوف تنضج في عام 2023، دون أن يعني ذلك بالضرورة اندلاع الحرب من جديد.
يشير المركز إلى أن الحوثيين – الذين أدركوا أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تريدان الخروج من الصراع أكثر مما يريدون هم أو تريد إيران – يريدون ثمنًا للسلام النهائي يتجاوز ما ترغب السعودية والإمارات والحكومة اليمنية في دفعه.
ويطالب الحوثيون بنصيب كبير من السلطة في الحكومة المعاد هيكلتها، والانسحاب الكامل والدائم لقوات التحالف العربي بقيادة السعودية من البلاد، والتوزيع العادل للعائدات من بيع اليمن للنفط.
وقال إن التسوية التي تمنح الحوثيين الكثير مما يطالبون به من شأنها إضفاء الطابع المؤسسي على النفوذ الإيراني داخل اليمن، مما يمثل إخفاقًا واضحًا للسعوديين وشركائهم الإماراتيين في تحقيق الهدف الأساسي لتدخلهم العسكري.