ظلت محافظة إب، وسط اليمن، لسنوات خلت قبلة للسائحين والزائرين، لكنها بفعل الأحداث الأخيرة تحولت إلى قبلة للاجئين والنازحين، كونها نجحت بحسب ما يراه البعض في تجنب، وإنْ بشكل جزئي، شبح الحرب. يمن مونيتور/ إب/ من ياسر الجابري
ظلت محافظة إب، وسط اليمن، لسنوات خلت قبلة للسائحين والزائرين، لكنها بفعل الأحداث الأخيرة تحولت إلى قبلة للاجئين والنازحين، كونها نجحت بحسب ما يراه البعض في تجنب، وإنْ بشكل جزئي، شبح الحرب الذي خيم على كثير من محافظات اليمن، وتحديدا جارتها “تعز”، وهو ما طرح تساؤلاً مهماً: هل تجنبت “إب” الحرب فعلا؟ وفي حال تجنبته فعلياً، فكيف استطاعت ذلك؟
فموقعها الاستراتيجي الهام الذي يخولها لأن تصبح عامل مهم من عوامل تغيير خارطة الأحداث السياسية، جهل هذا الحال الذي تبدو عليه “إب” مستغرباً لدى البعض، خصوصا مع ما يراه البعض من تزايد أعمال العنف التي يقوم بها مسلحو الحوثي في المدينة وآخرها ما حصل، الخميس الماضي، في حادثة مقتل الشاب بشير شحرة، وهي الحادثة التي لا قت استياء واسعا في المحافظة، ناهيك عن تزايد أعداد المختطفين من أبناء المحافظة.
وفي هذا التقرير، يحاول (يمن مونيتور) الحصول على إجابة للتساؤل: كيف تجنبت إب الحرب؟ وذلك من خلال آراء مجموعة من الناشطين والسياسيين في إب.
لم تتجنب الحرب ولكن!
يرى الكاتب والأديب أحمد طارش خرصان، نائب رئيس اتحاد الأدباء والكتاب بالمحافظة، أن إب لم تتجنب شبح الحرب، لأن هذا يجافي حقيقة الوضع الحقيقي في المحافظة، لكن يمكن القول إن إب وضعت في الدرب الذي لا تحبذه”.
وقال في حديثه لـ(يمن مونتيور)، “لقد وضعت إب في مرمى العجز والفشل، وبات عليها أن تحني رأسها لعاصفةٍ، طال مقامها في أحياء المدينة وأزقتها المكتظة بالوجع.”
وتابع، “إب لم تتجنب شبح الحرب، لكنها وجدت نفسها بين جبهتين، ولا مفر من الموت القادم من هاتين الجبهتين، وكان عليها أن تختار إما أن تقف إلى جوار العاهات القادمة من الأدغال، أو أن تقف إلى جوار الجبهة المزدحمة باللصوص والمنتفعين”. حد تعبيره.
آثرت الانحناء
ويعتقد “طارش” أن “إب آثرت الانحناء تحت مسميات خادعة (مدينة السلام، مدينة النازحين وغيرها) كنتيجة طبيعية للنماذج التي قدمتها المدن المقاومة، وما لحق بها من خراب ودمار، ولم تجد إب ما يشجع على المقاومة، لذا انحنت إب للعاصفة مكرهة على ذلك ودفعت بأبنائها إلى كافة الجبهات، كنوع من التكفير على ما ارتكبته بحق نفسها والوطن”، لافتاً إلى “أن إب لم تجد مشروعاً جديراً بمقاومتها للسلالة القادمة والطائفية، إذْ أن عودة الشرعية لم ولن يكون كافياً مالم يدرك الجميع الأرضية التي يقفون عليها “.
تجنبت الحرب كجغرافيا!
رشاد الحميري عضو المجلس العسكري للمقاومة في إب ونائب رئيس المركز الاعلامي من جهته أكد أن إب لم تتجنب الحرب كمقاتلين وإنما تجنبتها جغرافيا” ويعزو ذلك الى أن “إب باتت ملاذا آمنا لكل النازحين من مختلف المحافظات”.
وأضاف الحميري لـ(يمن مونتيور)، أن “أبناء إب يشاركون في جميع جبهات الوطن، وليس هذا فحسب بل لجأت المقاومة في إب إلى تنفيذ عمليات نوعيه ضد المليشيا تمثلت بإعطاب ألياتهم العسكرية على طول الخط من يريم حتى ذي السفال وذلك بما يحقق اهداف المقاومة من ايقاف التعزيزات العسكرية المتجهة الى تعز، وكذا بما لا يؤثر علي حياة المدنيين والمواطنين الامنين في المحافظة الذي نعتبر الحفاظ على حياتهم مطلب أساسي لنا في المقاومة”. حد قوله.
وأستغرب الحميري من تلك الدعوات التي تقول ان إب مدينة السلام “في الوقت الذي يرزح فيها كثير من سكان المحافظة خلف القضبان، بل تحول سجن الأمن السياسي بإب الى غوانتنامو للتعذيب لكل من يرفض الانقلاب، ويمارسون انتهاكات متواصلة بحق معارضيهم من تشريد وقتل وسحل وتخويف وترهيب، ولذا فإن السلام الذي يريدوه هو السلام الذي يؤمنهم ويؤمن مشاريعهم الخاصة” حد وصفه.
ردات فعل عفوية
من جهته، يقول “عادل عمر”، عضو مؤتمر الحوار الوطني، إن المسألة نسبية، فإب ليست كمحافظة تعز، وأيضا لم تسلم من أي مواجهات، ولكن وضعها أفضل من غيرها”.
وأشار “عمر” لـ(يمن مونتيور) إلى “أن الحرب في إب محدودة في مناطق معينة، وأن ما يحدث يظهر انه عبارة عن ردات فعل عفوية بعيداً عن خطة الشرعية والتحالف”، مضيفاً “أن ما حدث في يريم والرضمة والنادرة والسدة يؤكد أن لا نية لدى الأطراف في فتح جبهات قتاليه”.
لا مصلحة لأحد في الحرب
بدوره يؤكد المحلل السياسي، معمر النجار، أن “لا مصلحة لأي طرف في فتح حرب بمحافظة إب على الأقل حتى الأن”، لافتاً إلى أن “هناك من يحاول فرض وجوده من خلال افتعال المشاكل في إب تحت أي مسمى”.
وتابع، “أقصى ما هو موجود في إب، ربما، يحاول البعض أن ينتج مبررات وجودة لا أكثر، وأن الأمور في إب تذهب بهذا الاتجاه كلما مرت الأيام وتقدمت الأحداث”.
اتفاق مسبق
وترى الكاتبة الروائية فكرية شحرة أن “مدينة إب تجنبت ويلات حرب مدمرة فعلا بغض النظر عن نشوء المقاومة في نواحيها حتى وصلت إلى قرب مركز المدينة لفترة بسيطة تلاها انسحاب تام”.
وأضافت “شحرة” في حديثها لـ(يمن مونتيور)، أنه ومقارنة بما حدث في محافظة تعز فإن إب تنعم فعلا بالسلام الذي استحقت عليه تسميتها بمدينة السلام”، مبررة حلول السلام في إب إلى “كون الأمر عائد للقوى السياسية داخل المحافظة التي عقدت اتفاقاً على تجنيب المدينة شبح الحرب وتسليمها لمسلحي الحوثي”. حد تعبيرها.